نجم الكرة الاسترالية: استاد المدينة التعليمية سيترك إرثاً لدولة قطر والعالم
تشرّفت بالمشاركة عن بُعد في الإعلان عن جاهزية استاد المدينة التعليمية الشهر الماضي، رغم رغبتي الشديدة في حضور هذا الحدث من داخل ثالث استادات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™️، لكن الإعلان الرقمي عن اكتمال الاستاد جاء تناغماً مع الإجراءات الاحترازية حول العالم لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
أتيحت لي الفرصة في مايو 2019 لحضور الإعلان عن جاهزية استاد الجنوب المونديالي، وأكاد أجزم بأنه لا يوجد وجه للمقارنة بين رؤية تلك الصروح المذهلة عن كثب ومشاهدتها عبر عدسات الكاميرات. لقد جاء حفل الإعلان عن جاهزية استاد المدينة التعليمية مختلفاً، وقد ارتقى بالفعل لمستوى التحديات التي يواجهها العالم عبر توجيه التحية للعاملين في الصفوف الأمامية لمكافحة انتشار الفيروس في كافة أنحاء العالم.
وأود من جهتي أن أتوجه بعميق الامتنان والتقدير لكل من شارك في هذه الجهود الاستثنائية خلال الأشهر الماضية وعلى رأسهم الطواقم الطبية العاملة في الصفوف الأمامية لمجابهة الوباء، والذين يخاطرون بسلامتهم كل يوم لتوفير الرعاية والحماية للآخرين، وكل من شارك في مواصلة تقديم الخدمات الأساسية في هذه الظروف غير المسبوقة. لقد قدم الكثير من الناس حول العالم تضحيات شخصية للمساعدة على اجتياز هذه الأوقات الصعبة، وهم بلا شك يستحقون منا كل الشكر والتقدير. لقد كانت وبحق تجربة ملهمة أن ترى أناساً يؤثرون سلامة الآخرين على سلامتهم.
تحدثت من قبل عن أن من أهم جوانب القوة في الرياضة تتمثل في قدرتها على توحيد الشعوب، والمساعدة في تجاوز هذه الأزمة، وكان ذلك من أحد الأسباب التي جعلتني متحمساً لافتتاح استاد المدينة التعليمية، لا بسبب تصميمه الفريد أو إطلالته المذهلة وحسب؛ بل لرمزية المدينة التعليمية والاستاد في حد ذاته.
يتقاطع استاد المدينة التعليمية مع مجالين يستحوذان على حماسي واهتمامي، وهما الرياضة والتعليم. فحينما أتحدث إلى الأطفال، أخبرهم دوما بأن يتدربوا بجد وأن يسعوا لتحقيق أحلامهم، لكنني أخبرهم كذلك بضرورة تحقيق التوازن بين التدريب ومدرستهم وواجباتهم، وهو أمر لا أتهاون فيه مع أبنائي.
وبقدر ما استمتعنا بالألعاب والأنشطة العائلية خلال فترة البقاء في المنزل بسبب الأزمة الراهنة؛ فإن القيام بدور المعلم والتأكد من مواكبة جميع أطفالي لأدائهم المدرسي لا يقل أهمية عن ذلك، وهو ما حاولت مشاركته خارج دوائري المباشرة من خلال سلسلة كتب الأطفال ” تيمي الصغير”. فقد بدأت منذ العام 2015 في كتابة بعض القصص عن مسيرتي الكروية على لسان شخصيات مرحة، وقصص تحمل رسائل هامة حول الصحة والتعليم وتحقيق الإدماج الاجتماعي.
على الصعيد الشخصي، لم تتح لي الفرصة لإتمام دراستي الثانوية، وغادرت الدراسة مبكراً لمتابعة حلمي في أن أصبح لاعباً لكرة القدم، لكنني لم أغفل تعليمي، وبمجرد أن أنهيت مسيرتي الكروية التحقت بالجامعة وتخصصت في دراسة أعمال الترفيه والإعلام والرياضة في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة. ومن بين أحب الأمور إلى قلبي خلال هذه التجربة رغبة الجميع في التعلم. وبعد أن قضيت بعضاً من الوقت في المدينة التعليمية بالدوحة؛ يمكنني القول إن الطلاب والأساتذة يجمعهم شغف مشترك، فالمدينة التعليمية تضم العديد من المدارس والجامعات العالمية مثل جامعة جورجتاون، وكارنيجي ميلون، وسيكون استاد المدينة التعليمية إضافة رائعة لأحد الأماكن المحببة إلى قلبي بالدوحة.
وإلى جانب أهمية الاستاد بوجه عام، فإن تصميمه من أفضل ما شاهدت على الإطلاق. لقد قضيت حياتي أتجول بين استادات كرة القدم، ولا يثير إعجابي إلا الأشياء المميزة حقاً، واستاد المدينة التعليمية تحفة معمارية ومثال رائع على الحداثة.
من المهم كذلك تسليط الضوء على الإرث الإيجابي الذي سيتركه الاستاد بعد البطولة في خدمة مجتمع المدينة التعليمية، وما سيضمه من قاعات دراسية ومساحات لاستضافة الفعاليات، أضف إلى ذلك المقاعد التي سيجري تفكيكها والتبرع بها لإنشاء مشاريع رياضية في الدول النامية، وهو ما يبرهن كذلك على الفوائد التي سيعود بها مونديال قطر على المجتمع المحلي والكثيرين حول العالم.
أترقّب رفع القيود المفروضة على السفر لأتمكن من الطيران إلى قطر، ومشاهدة استاد المدينة التعليمية، بعد الإعلان عن جاهزيته، لنقترب خطوة أخرى من بطولة قطر 2022، وأفخر بالمشاركة في رحلة تنظيم نسخة استثنائية من المونديال.