معنيون: ارادة سياسية تمنع فتح ملف المفقودين في العراق
يُعد ملف المفقودين في العراق من الملفات الشائكة نتيجة للحروب والصراعات والقمع والنزاعات التي مرت بها البلاد طيلة العقود الماضية.
ولا يُعرف عدد دقيق لأعداد المفقودين في العراق، إلا أن إحصائيات أممية تُرجح أن يكون الرقم بين 250 ألف إلى مليون مواطن، ينتظر ذووهم وأقرباؤهم معرفة مصيرهم.
وفي هذا الشأن، ينتقد عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، علي البياتي، غياب السياسة الوطنية الواضحة والمسؤولية المؤسساتية عن هذا الملف.
وقال البياتي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “العراق بحاجة إلى قانون يُعالج هذا الملف باعتبار أن القانون هو الحاضنة التشريعية والإجرائية التي ترسم المبادئ التوجيهية للدولة وللمؤسسات للقيام بإجراءات الاستجابة لهكذا انتهاكات ووضع الحلول والمعالجة لها”، مشيرًا إلى أنه “على الرغم من توقيع العراق للكثير من الاتفاقيات، ومنها اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، إلا أن الإجراءات لم تكن بالمستوى المطلوب”.
وأضاف أن “العراق لديه حاليًا قانون حماية المقابر الجماعية، الذي يُعتبر ملفًا من ضمن ملف المفقودين، وأيضًا مديرية حماية المقابر التابعة لمؤسسة الشهداء، وهي تقوم بواجباتها، ولكن إمكانياتها ضعيفة، وكوادرها وعملها محدود، بالتالي هي تعالج جزءًا واحدًا فقط من ملف المفقودين، وهو ملف المقابر. أما الجزء الآخر المتعلق بالبحث وإعداد قاعدة البيانات ومطابقة البيانات مع الموجودين في المواقع أو المتوقع أنهم يتواجدون فيها كمفقودين، مثل مراكز الاحتجاز والسجون، فهي إجراءات ضعيفة، كما أن الجانب الجزائي فيها مفقود كمحاكمة أو معاقبة المسؤولين عن قضية الإخفاء القسري أو الاختفاء”.
وتابع أن “مفوضية حقوق الإنسان هي المؤسسة الأكثر صلاحية وقدرة على إدارة هذا الملف من خلال قانونها الرقابي والمتعلق بحقوق الإنسان، ولكن هذه المؤسسة أيضًا مجمدة منذ عامين وأُحيلت إدارتها بشكل غير دستوري إلى وزارة العدل”.
وأعرب عن أسفه لـ “تحول الملف من ملف خاص بحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية إلى ملف سياسي يتاجر به السياسيون”، لافتًا إلى أن “هذا الملف بحاجة إلى إرادة سياسية قبل كل شيء ووقفة حقيقية من السلطات التشريعية لتكليف مفوضية حقوق الإنسان أولًا لإكمال أدواتها القانونية والإدارية، ثم تكليفها بإدارة هذا الملف ومطالبة القضاء العراقي والحكومة العراقية بالاستجابة إلى مفوضية حقوق الإنسان لحلحلة هذا الملف وكشف التفاصيل والتحقيق فيها، بالإضافة إلى تشريع قانون يساعد هذه الجهات على القيام بالإجراءات المتعلقة سواء بإعداد قاعدة البيانات عن المفقودين أو معرفة مصيرهم ومحاكمة الجناة المسؤولين عن هذه الجرائم وتعويض المتضررين بشكل عام وذويهم بشكل خاص”.