اقتصادسياسية

تقرير: إيران تبتز العراق بخفض الغاز لتسديد الديون وعرقلة تعاونه مع السعودية

عزت إيران خفض كميات الغاز التي تصدرها إلى العراق إلى “أسباب فنية”، إلا أن مسؤولين عراقيين يقولون إن إيران تسعى “لابتزاز” العراق، لأنها تشعر بالاستياء من التعاقدات الاستثمارية التي وقعها العراق مع السعودية الأسبوع الماضي، وتشمل اتفاقا مع شركة أرامكو لإنتاج ما يزيد على 400 مليون قدم مكعب من الغاز، لتزويد الشبكة الوطنية بالغاز اللازم من أجل توليد الطاقة الكهربائية.

ويقول مراقبون إن العراق الذي خضع للنفوذ الإيراني لنحو عقدين من الزمن، ووفر لها عائدات تزيد على 20 مليار دولار سنويا، لم يحصل من إيران على استثمارات تدعم اقتصاده، وبقي أسيرا لها في احتياجاته للكهرباء والغاز، بينما يتم هدر الغاز في حقول النفط العراقية.

ويقول مسؤولون تابعون للحشد الشعبي إن مشاريع الغاز التي يسعى العراق إلى تنفيذها تستهدف الإضرار بمصالح إيران، وإن الحكومة العراقية لم تفعل ما يكفي لأجل تسديد ما يتراكم عليها من الديون لإيران.

وذكر بيان لوزارة الخارجية العراقية أن الوزير فؤاد حسين سأل نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان حول أسباب خفض إيران لصادرات الغاز الأسبوع الماضي، وهو ما قال حسين إنه “أدى إلى انخفاض إنتاج الكهرباء وتسبب بانعكاسات على الحياة اليومية”، إلا أن عبداللهيان عزا الأمر إلى وجود “مشكلات فنية”، ولم يحدد متى سوف تتم معالجتها. الأمر الذي دفع حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أن تقرر ارسال وفد برئاسة وزير الكهرباء إلى إيران الأسبوع المقبل لمناقشة القضية.

وبلغ حجم خفض الإمدادات 20 مليون متر مكعب. وقال أحمد موسى، المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، إن العراق يستورد عادة ما بين 50 إلى 70 مليون متر مكعب من الغاز.

ويستورد العراق الكهرباء والغاز من إيران بما يعادل ما بين 33 و40 في المئة من إمداداته من الطاقة لاسيما في أشهر الصيف التي ترتفع فيها درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية، ويصل استهلاك الطاقة إلى الذروة.

ويسدد العراق تكاليف هذا الإمدادات في حساب خاص بإيران في أحد البنوك العراقية، إلا أن الحساب خاضع لرقابة مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما لا يسمح لإيران بالاستفادة من الأموال إلا للأغراض الإنسانية. ويقدر حجم الديون لإيران بحوالي 11 مليار دولار. ويقول المسؤولون العراقيون، إن العقوبات الأميركية هي التي تعرقل التسديد، وإن البلدين في حاجة إلى إيجاد “طرق مبتكرة” لتسوية أجزاء من هذه الديون.

وبينما ينفق العراق ما يقرب من 4 مليارات دولار سنويا على واردات الغاز والطاقة الإيرانية، فإن حقوله النفطية تحرق كميات هائلة من الغاز الطبيعي كمنتج ثانوي لقطاع النفط والغاز.

وأبرم العراق في أبريل الماضي اتفاقا ضخما مع شركة الطاقة الفرنسية العملاقة “توتال إنرجيز” بقيمة 27 مليار دولار يشمل خططا لجمع واستثمار الغاز المصاحب. إلا أن اتفاقيات العراق مع السعودية هي أكثر ما دفع المسؤولين الإيرانيين وحلفاءهم في الحشد الشعبي إلى الشعور بالقلق.

وكان وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح أعلن الأسبوع الماضي عن استثمارات سعودية في العراق تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، تشمل الاستثمارات في بنوك مثل البنك الأهلي العراقي، معربا عن الأمل “بأن تكون هناك مصارف سعودية في العراق، وبنوك ومصارف عراقية تعمل في المملكة، لتسهيل التجارة المتبادلة، خصوصاً أن هناك مبادرات تنموية كبرى”.

وأنشأت السعودية “الشركة السعودية – العراقية للاستثمار” ويمتلكها صندوق الاستثمارات السعودية ويبلغ رأسمالها 3 مليارات دولار، وتختص بالمشاريع الإستراتيجية، وأعمال إعادة الإعمار وتمويل الصادرات والواردات بين البلدين.

وقال وزير النفط العراقي حيان عبدالغني، أنه تم الاتفاق في المجلس التنسيقي السعودي – العراقي، على دخول شركة أرامكو في تطوير أحد حقول النفط والغاز وذلك لإنتاج ما يزيد على 400 مليون قدم مكعب من الغاز، لتزويد الشبكة الوطنية بالغاز اللازم من أجل توليد الطاقة الكهربائية. وأعلن أنه تم إطلاق جولتين من التراخيص، وهما الجولتان «الخامسة والسادسة»، وتهدفان إلى استثمار وتطوير عدد من الحقول والرقع الاستكشافية في المناطق الشرقية والغربية من العراق، خصوصاً أن العراق ينتج الغاز بكميات تصل إلى 60 مليون قدم مكعب، وهو ما يمكنه من أن يغطي جزءا من احتياجاته من الغاز. ولكنه يعني بالنسبة إلى إيران أن العراق يريد أن يشق الطريق لكي لا يبقى أسيرا في احتياجاته من الطاقة للغاز الإيراني.

وقال متعب الشثري، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للشركة السعودية – العراقية للاستثمار، إن الشركة ستستثمر في مجالات تشمل البنية التحتية والتعدين والزراعة والتطوير العقاري والخدمات المالية.

وتعد الشركة السعودية – العراقية إحدى 5 شركات إقليمية سعودية جديدة تستهدف الاستثمار في الأردن والبحرين والسودان والعراق وسلطنة عُمان، وذلك بعد إطلاق الشركة السعودية – المصرية للاستثمار في أغسطس الماضي، وتبلغ قيمة الاستثمارات المستهدفة 24 مليار دولار.

ويقول مراقبون إن التعاون الاقتصادي بين العراق والسعودية هو الذي دفع طهران إلى إنشاء شركة منافسة باسم “شركة المهندس” تيمنا باسم نائب الرئيس التنفيذي للتنظيم المسلح للحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس الذي قتل مع قاسم سليماني مطلع العام 2020، لكي تعمل في مجال “مقاولات وتنفيذ مشاريع بناء كبيرة”، تحت قيادة الحشد الشعبي لزيادة نفوذه الاقتصادي والعسكري، وذلك في مسعى لتكرار تجربة منظمة “مقر خاتم الأنبياء” الإيرانية، التي أصبحت الذراع الاقتصادية للحرس الثوري في إيران.

زر الذهاب إلى الأعلى