سياسية

رئيس مجلس الشعب السوري: نلتقي اليوم في بغداد أقدم الحضارات

أكد رئيس مجلس الشعب السوري حموده الصباغ، اليوم السبت، ضرورة استمرار تنسيق العلاقات العربية للتصدي للتحديات.

وفي ما يلي نص كلمة رئيس مجلس الشعب السوري حموده الصباغ:

نلتقي هنا اليوم في بغداد؛ حاضرة بلاد الرافدين؛ إحدى أهم وأقدم الحضارات الإنسانية في الوجود، التوأم الحقيقي والصادق لشام العروبة وقلبها النابض؛ في اجتماعٍ مع الأشقاء الأعزاء في اتحادنا البرلماني العربي الموقر.

وإنني أتمنى أن يكون اجتماعنا هذا مفصلاً رئيسا في تعزيز وترسيخ مسيرة التعاون والتضامن العربي، لجهة تفعيل العمل العربي المشترك، ومنطلقاً لتعميق روابط الأخوة العربية، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الأخطار والتحديات التي تواجه أمتنا العربية الواحدة.

الحضور الكريم…….

إن بلادنا العربية على مر التاريخ تمتاز عن سواها بأن أهلها شعوب خلاقة ومبدعة في المجالات كافة، وتمتلك ما يكفي من المقومات والإمكانات المادية والبشرية لضمان مستقبلٍ أفضل لشعوبنا التي نفخر بتمثيلها ويتحتم علينا أن نسعى إلى تحقيق تطلعاتها وأهدافها وفق رؤيةٍ شاملةٍ تقيم الواقع الحقيقي، وتنطلق نحو المستقبل لمواجهة الصعوبات والتحديات المشتركة بثقةٍ أكبر وقوةٍ أكثر تأثيراً.

فالصراع في منطقتنا صراع وجود، وإن شعوبنا هي محور وجودنا، ونحن كممثلين لها نؤكد ضرورة استمرار تنسيق علاقاتنا البرلمانية العربية، وتوطيدها والبناء عليها للتصدي معاً لقوى الهيمنة والاحتلال والإرهاب؛ فنحن شعب أثبت أنه قادر على خوض الامتحانات الصعبة، “وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم”.

فلغتنا واحدة وتاريخنا واحد وعدونا واحد ومعركتنا واحدة ومصيرنا واحد.

وإن مؤتمرنا الرابع والثلاثين الذي ينعقد اليوم على أرض العراق الشقيق، هو تأكيد واضح وترسيخ جلي لهذه الرغبة فينا، وهذا هو التوجه الذي نؤيده جميعاً؛ لا سيما أنه ينعقد تحت شعار (الدعم العربي لتعزيز استقرار العراق وسيادته).

وانطلاقاً من هذا الشعار فإنني أؤكد لكم أيها الأشقاء في العراق الحبيب؛ أن سورية كانت وستبقى معكم على الدوام؛ فسلامتكم من سلامتنا ونجاحكم من نجاحنا وأخوتنا متينة صلبة، مهما زادت الملمات واشتدت الخطوب والتحديات.

المشاركون الكرام………

بمناسبة لقائنا اليوم، يطيب لي أن أتقدم باسم مجلس الشعب في الجمهورية العربية السورية، بالشكر الجزيل إلى كل الأخوة والأشقاء العرب والأصدقاء؛ الذين عبروا خلال الأيام القليلة التي مضت، عن عميق شعورهم بالانتماء الحقيقي للعروبة الحقة، وبالأخوة المتجذرة في نفوسهم الأصيلة من خلال اتخاذ المواقف المشرفة والاتصالات الهاتفية والرسائل والبرقيات والحضور إلى سورية ليعبروا عن مساندتهم ومواساتهم وتعازيهم الصادقة للشعب السوري جراء الزلزال المدمر الذي ضرب عدداً من  المحافظات السورية وأدى إلى حدوث كارثةٍ إنسانيةٍ كبيرة، وخلف وراءه آلاف الضحايا والمصابين والمكلومين، وخسائر ماديةً هائلة؛ فضلاً عن تشريد آلاف العائلات المنكوبة والمفجوعة من منازلهم، وأماكن سكنهم التي تضررت كلياً أو جزئياً بفعل هذا الزلزال.

نشكرهم على كل ما قدموه منذ اللحظات الأولى لهذه الكارثة، من خلال إرسال طواقم الإنقاذ وشاركوا بإخلاصٍ واندفاعٍ زملاءهم من السوريين وقدموا المساعدات بأشكالها كافة؛ المادية والعينية والغذائية والطبية، في سباقٍ عروبيٍ أخوي حماسيٍ لافت، لإثبات القيم الإنسانية النبيلة؛ الحية في ضمائرهم وقلوبهم، والتي تمثل أساس قاعدة ثقافتنا العربية والإسلامية السمحة الجامعة، فكانوا أخوةً حقيقيين ولهم نوجه باسم كل سوري، تحيةً وشكراً وعرفاناً وامتناناً.

أخوتي الكرام كل منكم باسمه الكبير وبصفته المحترمة….

لا يخفى عليكم أن ما عمق من مأساة أشقائكم، في سورية وأدى إلى نقصٍ في المعدات والتجهيزات اللازمة لعمليات الإغاثة والإنقاذ والتصدي لآثار الزلزال؛ ما فرض على شعبها زورا وعدواناً من حصارٍ جائرٍ وعقوباتٍ اقتصاديةٍ ظالمة فرضتها الدول الغربية؛ والتي شملت جميع مناحي حياة المواطن السوري اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وصحياً بما فيها متطلبات مواجهة الأوبئة والأمراض التي اجتاحت سورية كغيرها من دول العالم كجائحة كورونا ووباء الكوليرا محاولةً أن تمنع عنه أدنى مقومات العيش الكريم، في تحد صريحٍ لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة، وفي انتهاكٍ صارخٍ لكل الأعراف والقوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

وفي الوقت الذي كانت فيه سورية تلملم جراحها وتدفن شهداءها وتتلقى التعازي والتعاطف والدعم الإنساني العربي والدولي في مواجهة المأساة الإنسانية التي تعرضت لها، شن كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاشم عدواناً جوياً فجر الأحد الماضي روع المدنيين الآمنين ضمن الأحياء السكنية في قلب العاصمة دمشق، وأدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى، وتدمير عددٍ من المنازل وإلحاق أضرارٍ ماديةٍ بالغةٍ بالبنى التحتية والمنشآت الحيويةٍ والتعليمية والأثرية.

وعليه فإن مجلس الشعب في الجمهورية العربية السورية، يدعو من خلالكم جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة وجميع الاتحادات والهيئات البرلمانية الإقليمية والدولية، والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومقاصده، وشرعة حقوق الإنسان وما نصت عليه مواد القانون الدولي الإنساني، وإدانة الاعتداءات الصهيونية الإسرائيلية المتكررة، وممارسة كل أشكال الضغوطات على حكومات الدول التي تقوم وتساهم بفرض الحصارات والإجراءات الأحادية الظالمة على الشعب السوري، ودعوتها لرفعها فوراً، ودعم الجهود التي تقوم بها الحكومة السورية في الحد من آثار هذه الكارثة، والتحرك الفوري والعاجل والفعال لمد يد العون والمساعدة وكسر الحصار الجائر المفروض على الشعب السوري؛ لتجاوز آثار هذه المأساة الإنسانية وبالسرعة القصوى.

السيدات والسادة الحضور الكريم….

إن ما مررنا به في سورية، على مدار السنوات الماضية من حروبٍ وحصاراتٍ وعقوباتٍ ظالمة، لن يثنينا عن مواقفنا وثوابتنا المبدئية، في استعادة حقوقنا المغتصبة، وفي مقدمتها عودة الجولان العربي السوري المحتل، وأؤكد لكم أن فلسطين المغتصبة، ستبقى قضيتنا المركزية، حتى تحرير ترابها بالكامل، وإقامة دولتها المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

وفي الختام…… لا يسعني إلا أن أتقدم من معالي السيد محمد ريكان الحلبوسي رئيس الاتحاد البرلماني العربي – رئيس مجلس النواب في جمهورية العراق، ومن الشعب العراقي الشقيق عموماً؛ بأسمى آيات الشكر والتقدير على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن التنظيم، مع أجمل الأمنيات للعراق الحبيب، ولكل الدول العربية الشقيقة، بالمزيد من الرفاه والتقدم والازدهار والاستقرار.

ولا يفوتني أيضاً؛ أن أتقدم بالشكر والتقدير لرئاسة الاتحاد البرلماني العربي السابقة، ممثلةً برئاسة مجلس النواب في مملكة البحرين الشقيقة؛ على جهودهم المبذولة خلال فترة الولاية المنقضية.

أحييكم وأحيي جميع السادة الزملاء رؤساء المجالس والوفود، والسادة أعضاء الوفود في مؤتمرنا، وأدعو الله العلي القدير، أن يوفقنا بالعمل دائماً لما فيه خير ومصلحة شعوبنا ومجالسنا وبلداننا العربية الشقيقة.

على أمل اللقاء القريب بكم جميعاً في دمشق سياج العروبة، وحاضنة العمل العربي المشترك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زر الذهاب إلى الأعلى