المغاربة يغلقون قوس الإسلام السياسي بعد تبخر رصيده الانتخابي
وقال المحلل السياسي والأكاديمي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية محمد بودن لرويترز، أمس الخميس: “فوز حزب التجمع الوطني للأحرار كان متوقعاً، أن يكون ضمن الأحزاب الثلاثة الأولى، لكن المفاجئ هو أن حزب العدالة والتنمية ليس من الأربعة الأوائل، بل تقهقر إلى المرتبة الـ8”.
وحصل حزب التجمع الوطني للأحرار على 97 مقعداً، من أصل 395 مقعداً، تلاه حزب الأصالة والمعاصرة 82 مقعداً، ثم الاستقلال 78 مقعداً، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 35 مقعداً، وحزب الحركة الشعبية 26 مقعداً، والتقدم والاشتراكية 20 مقعداً والاتحاد الدستوري 18 مقعداً، والعدالة والتنمية 12 مقعداً، بينما حصلت باقي الأحزاب الأخرى على 12 مقعداً.
تصويت عقابي
وقال بودن: “في تصوري أن النتائج حملت فعلا تصويتاً عقابياً كبيراً ضد العدالة والتنمية”. وأضاف أنه يعتقد أن حزب العدالة والتنمية “انهزم لأنه لم يرتكز على إنجازات كبيرة ليقنع بها الهيئة الناخبة”.
وأشار بودن إلى أن الحزب “المتصدر يكون دائماً مستهدفاً، فالعدالة والتنمية لم يفهم أن تصدره نتائج الانتخابات طيلة عشر سنوات، سيجعله مستهدفا من الأحزاب المنافسة الأخرى”.
ولم يستبعد بودن “السياق الإقليمي الذي تضمن إغلاق قوس الإسلام السياسي في عدد من التجارب” وقال: “صحيح هذا عامل ثانوي لكن يجب أخذه بعين الاعتبار في التحليل”.
إنهاك السلطة
وقال بودن إن “حزب العدالة والتنمية أنهكته السلطة طيلة عشر سنوات، ولذلك تبخر كل رصيده ورأسماله الانتخابي وشعبيته بهذه الطريقة، حتى أن الأمين العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني هُزم في دائرة انتخابية بالرباط وهذا مؤشر يحتاج إلى قراءة ويحمل أكثر من دلالة”.
وخسر حزب العدالة والتنمية 113 مقعداً، بينما أضاف حزب التجمع الوطني للأحرار في طفرة إنتخابية 67 مقعداً، وحافظ حزب الأصالة والمعاصرة على موقعه في المرتبة الثانية رغم أنه فقد عشرين مقعداً.
مشاركة رغم الوباء
ومن جهته قال المحلل السياسي والأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي إن الانتخابات “كانت مليئة بالرسائل وبالدلالات السياسية سواء من حيث نسبة المشاركة التي فاقت 50 %، أو عدد المشاركين في اللوائح الانتخابية” رغم الوضع الوبائي في المغرب.
وأضاف أن “هذا في حد ذاته نقطة قوة وتعزيز للتوجه الديموقراطي المبني على احترام دورية وانتظام الاقتراع المنصوص عليه في الدستور”.
وكان وزير الداخلية المغربي عبدالوافي الفتيت، قال إن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات التي تضمنت كذلك الانتخابات المحلية والجماعية، بلغت 50.35 %، مقابل 42 % في 2016.
ووصف الشرقاوي التراجع الكبير لحزب العدالة والتنيمة بـ”نكسة”. وقال إن الحزب منذ دخوله إلى المؤسسة الدستورية في 1997 يسير في منحى تصاعدي في التمثيل البرلماني.
وأضاف الشرقاوي، أن “الانتخابات هي بداية انهيار حزب العدالة والتنمية، فحتى أشد خصومه وأعدائه لم يتوقعوا أن يكون السقوط بهذه الدرجة وبهذه القوة”.
وأصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بياناً أعلنت فيه استقالة أعضائها وفي مقدمتهم الأمين العام للحزب “مع استمرارهم في تدبير شؤون الحزب”. ودعت إلى دورة استثنائية للمجلس الوطني يوم السبت 18 سبتمبر(أيلول) الجاري.
وقال البيان الذي حصلت رويترز على نسخة منه إن النتائج المعلنة “غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية ببلادنا ولا موقع الحزب ومكانته في المشهد السياسي”.
وعن السيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة، قال بودن إن “الصيغة الأولى تتعلق بتحالف الأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، فهذا يكفي لتكوين أغلبية مريحة بنحو 257 مقعداً، لكن إذا كانت هناك أغلبية بين الأحرار والاستقلال والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي يمكن أن تتجاوز 228 مقعداً فهي أغلبية مريحة أيضاً”.