خبراء: تضخم الكلّف في القطاع النفطي كبير جداً وجولات التراخيص لا تخضع للرقابة العراقية
دخلت شركة نفط البصرة، خلال اليومين الماضيين، في الحسابات الميدانية لهيئة النزاهة، والتي اعلنت عن كشفها تغيير كلف مالية في مشروع انشاء معمل لمعالجة الغاز المصاحب، تجاوزت 900 مليون دولار، فضلا عن تجاوز للصلاحيات وزيادة في اسعار مشاريع ضمن هيئة تشغيل حقل الزبير النفطي.
ولا يقلل مختصون في الشأن الاقتصادي والنفطي، من المساعي التي تبذلها النزاهة في كشف هذه الملفات، لكنهم يؤشرون غيابا رقابيا عن الاستثمارات النفطية التي تمنح للشركات الاجنبية عن طريق جولات التراخيص، والتي يرافقها تضخم كبير في الكلف المالية ولا يسمح للجهات الرقابية التدقيق في مصروفاتها، بسبب طبيعة العقود.
وكانت هيئة النزاهة كشفت في وقت سابق عن تغيير في الكلفة المالية لمشروع إنشاء معمل (BNGL) من قبل شركتي “شل” الأمريكية و”ميتسوبيشي” اليابانية لمعالجة الغاز المصاحب وتشغيل بعض الوحدات المشروع، الذي بلغت كلفته نحو 900 مليون دولار، حيث كانت هناك مساعٍ من قبل بعض الجهات لإصدار أوامر لتغيير الكلفة الكلية للمشروع بنسبة ضعف الكلفة المصادق عليها.
الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أكد في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” أن “الاجراء الذي اتخذته هيئة النزاهة لا يتعلق بجولات التراخيص بقدر تعلقه بشركة غاز البصرة، وهي شركة مشتركة بين شركة غاز الجنوب بنسبة 51% وشركتي وشل وميتسوبيشي بنسبة 49%”.
واوضح المرسومي، ان “هذا الفساد مشترك بين الطرفين العراقي والاجنبي، فالإدارة الفعلية هي للطرف الاجنبي، وهذا ما يحدث في الغالب بجميع الاستثمارات المشتركة”، لافتا الى انه “حتى في جولات التراخيص هناك تضخم كبير في الكلف، ولكن لا يسمح لديوان الرقابة المالية أو هيئة النزاهة ان تدقق في مصروفات الشركات الاجنبية، في حين تستطيع ممارسة هذا الدور مع شركة غاز البصرة باعتبارها شركة فيها طرفان عراقي واجنبي”.
واضاف أن “التضخم في الاسعار موجود بكل انواعه، لكن بسبب الصلاحية المعطاة لهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية في تدقيق عمل شركة غاز البصرة، تمكنت من ايجاد مثل هذا التضخم بالكلف”، مبينا ان “هذا الامر موجود ايضا وبمليارات الدولارات في جولات التراخيص، ولكن لا توجد صلاحية لدى ديوان الرقابة المالية او لهيئة النزاهة بالكشف عنه”.
وتابع ان “هذا جانب مهم، ولو تم الكشف عنه من قبل هيئة النزاهة لتمكنا من معرفة حجم الفساد في قطاع النفط، وهو فساد كبير بسبب كبر حجم المبالغ المستثمرة في هذا القطاع، فضلا عن تداخل عدة اطراف عراقية واجنبية فيه”، مبينا ان “عقود التراخيص وليس شركة غاز البصرة لا تسمح للتدقيق للعراقي، وانما هناك تدقيق دولي واي خلاف يحصل بين الطرفين يذهب الى التحكيم الدولي، وهذه هي طبيعة العقود”.
واشار المرسومي، الى انه “بسبب الصلاحيات، استطاعت هيئة النزاهة الكشف عن هذا التضخم في مشاريع غاز البصرة، في وقت لا يتم الكشف عن مليارات الدولارات في عقود جولات التراخيص سواء كانت الاولى او الثانية”.
من جهته قال الباحث بالشأن الاقتصادي، جليل اللامي، أن “هيئة النزاهة تحركت بشكل جدي خلال الفترة الماضية لمعالجة ومحاربة قضايا الفساد الاداري في العراق”، مشيرا الى ان “تحرك هيئة النزاهة على هذا المشروع جاء لمحاربة الشخصيات المتنفذة، والتي تحاول السيطرة على مشاريع الطاقة ومشاريع الاستفادة من الغاز المصاحب في العراق”.
واضاف، ان “مثل هذه المشاريع توفر مردودات مالية كبيرة للأحزاب عن طريق اقتصادياتها، الحكومة العراقية والتي لفت انتباهها مثل هكذا مواضيع خاصه تغيير الكلفة الحقيقية لمثل هكذا مشاريع “، معربا عن امله في ان “تتخذ الحكومة العراقية موقفا جاداً بمحاربة مثل هكذا مشاريع والتخلص من الفساد الاداري المستشري في العديد من مؤسسات والدوائر”.