اقتصاددولي

تركيا بين طريقي “الفاو” و”الهند”.. ميل نحو “التنمية” مع العراق وشكوك أمنية ومالية

كشف تقرير بريطاني، عن سعي تركيا الى المضي بمشروع “طريق التنمية” مع العراق ومعارضتها للخطة التي عرضت مؤخرا في قمة الـ20، لاقامة ممر تجاري يمتد من الهند نحو الإمارات والسعودية وصولا الى ميناء حيفا الاسرائيلي.

وذكرت صحيفة “الفايننشال تايمز” في تقرير، أن “تركيا تخوض “مفاوضات مكثفة” حول “طريق التنمية” الذي يعتبر بمثابة بديل لها عن خطة مجموعة ال20 حول الطريق التجاري من الهند والشرق الأوسط الذي سينقل البضائع من شبه القارة الهندية عبر الإمارات والسعودية والأردن واسرائيل نحو الأسواق الأوروبية”.

واوضح التقرير ان “الممر التجاري المقترح والذي تدعمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في إطار محاولتهما التصدي لنفوذ الصين المتنامي، سوف يتجاوز تركيا بالكامل”.

ونقل التقرير عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قوله بعد اختتام قمة ال20، إنه “ليس من الممكن ان يكون هناك ممر بدون تركيا”، مضيفا أن “الطريق الأنسب للتجارة من الشرق الى الغرب يجب أن يمر عبر تركيا”.

ولفت التقرير إلى انه “منذ ذلك الحين، ضاعف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من حدة الشكوك التركية بالمشروع المقترح، حيث اكد ان “الخبراء لديهم شكوك في عقلانية وكفاءة الهدف الأساسي (لممر الهند والشرق الأوسط)”، بالاضافة الى وجود “مخاوف جيواستراتيجية اضافية”.

ونقل التقرير عن فيدان قوله في تصريح خاص إن “طريق التجارة لا يعني فقط تلبية التجارة وحدها، فهي أيضا انعكاس للتنافس الجيوستراتيجي”.

وبعدما قال التقرير إن تركيا تحرص على التأكيد على دورها التقليدي كجسر بين الشرق والغرب، وهو دور يعود الى قرون مضت مع ظهور طرق الحرير القديمة، اوضح ان انقرة تروج في المقابل للبديل المتمثل بمبادرة “طريق التنمية” من ميناء الفاو الكبير، حيث يؤكد فيدان أن “مفاوضات مكثفة” تجري مع العراق وقطر والإمارات حول المشروع الذي سيتم البدء فيه “في غضون الشهور القليلة المقبلة”.

واشار التقرير الى أن “طريق التنمية” المقترح والذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار، سينقل البضائع من ميناء الفاو الكبير في جنوب العراق عبر 10 محافظات عراقية وصولا إلى تركيا، حيث ستعتمد الخطة على 1200 كلم من السكك الحديدية السريعة وشبكة طرقات موازية”.

وتابع التقرير أن “المخطط يتضمن ثلاث مراحل، تهدف الاولى الى الاكتمال في العام 2028 والأخيرة في العام 2050”. إلا أن التقرير تحدث عن مخاوف من جانب المحللين تتعلق بجدوى مشروع “طريق التنمية” لأسباب مالية وامنية.

وفي هذا الإطار، نقل التقرير عن الباحث في “مجموعة أوراسيا” البحثية ايمري بيكر قوله، إن “تركيا تفتقر الى التمويل اللازم لتحقيق النطاق الكامل للمشروع، ويبدو أنها تعتمد على الدعم الإماراتي والقطري لبناء البنية التحتية المقترحة”.

وتابع بيكر قوله إنه “من اجل ان يتحقق ذلك على دول الخليج أن تقتنع بالعوائد الجيدة على الاستثمار، وهو أمر ليس واضحا بشكل مباشر في مشروع (طريق التنمية)”.

وبحسب بيكر فان هناك ايضا “مسائل تتعلق بالأمن والاستقرار تهدد عملية البناء وجدوى المشروع على المدى الطويل”.

وذكر التقرير أن “العراق يعاني من الفساد المستشري والبنية التحتية المتدهورة، والحكم الضعيف، وموجات منتظمة من عدم الاستقرار السياسي، بالاضافة الى انه من غير الواضح أيضا كيف سيمول العراق المشروع”.

وفي المقابل، قال التقرير إن “المحللين والدبلوماسيين الغربيين يقولون إن ممر مجموعة ال20 المقترح، قد يتطلب عقودا من الزمن، إذا تم إنجازه بالأساس”.

ورأى التقرير أن تركيا تحاول توسيع الخط الاستراتيجي بين الغرب والشرق من خلال محاولة الاحتفاظ بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك أيضا مع روسيا والصين، وهو نهج ادى في بعض الأحيان إلى اثارة التوترات مع الغرب”.

وبحسب بيكر فإن “انقرة تدعم بشكل عام “مبادرة الحزام والطريق” الصينية، لكنه لفت إلى ان دور انقرة في الخطة كان محدودا، إذ ان بكين وضعت استثمارات تبلغ حوالي 4 مليارات دولار في تركيا من خلال “مبادرة الحزام والطريق”، وهو ما يمثل 1.3 % فقط من إجمالي الاستثمارات الصينية في المبادرة”.

ونقل التقرير عن مدير دراسات السياسة الخارجية في مؤسسة “سيتا” البحثية مراد يشيلتاش، قوله إنه “برغم من وجود الاقتراح البديل المتمثل ب”طريق التنمية” العراقي، الا انه لا يزال بمستطاع أنقرة الدفع للانضمام إلى مبادرة الهند والشرق الأوسط”.

وبعدما اشار التقرير الى ان “اردوغان قد تكون أمامه فرصة لطرح قضيته الآن في حال التقى في نيويورك مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، نقل عن يشيلتاش قوله إن تركيا بمقدورها تسليط الضوء على موقعها الجغرافي المناسب للتجارة، وبمقدورها ايضا استعراض نفوذها في المنطقة، خاصة بعد تحسن العلاقات مؤخرا مع السعودية والإمارات.

وبحسب يشيلتاش، فان “تركيا تتمتع بنفوذ سياسي كبير في المنطقة، وبمقدورها تسهيل المفاوضات التجارية وحل النزاعات بين الدول المشاركة في الممر”.

زر الذهاب إلى الأعلى