سياسية

الانتخابات المحلية في كركوك.. هل يعوّض الكرد ما خسروه بعد استفتاء الانفصال؟

يتطلع الكرد إلى تحقيق مكتسبات جديدة في محافظة كركوك في الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات المقرر اجراؤها نهاية العام الحالي، بعد أن خسروا مركز ثقلهم في المناطق المتنازع عليها عقب إجراء استفتاء الانفصال عام 2017 وخروج أجزاء واسعة من قواتهم الأمنية في المدينة بعد أن كانت تمثل رمزًا من رموز النجاحات التي نالوها في الأعوام التي تلت العام 2003، على حدّ زعمهم.

وبحسب مؤشرات سابقة، كان الكرد في كركوك يستحوذون على نسب كبيرة من أصوات الناخبين وكذلك المناصب الأمنية والإدارية، أبرزها منصب “المحافظ” على عكس القوميات الأخرى، لكن الواقع بدأ ينعكس بعد “انسحاب” قوات البيشمركة من المحافظة على إثر اجراء استفتاء الانفصال عام 2017 ورجوع المحافظة إلى سيطرة الحكومة الاتحادية، وادارة ملفها الأمني من قبل القطعات العسكرية والأمنية الاتحادية، تطبيقًا لما سميت في حينها بـ”خطة فرض القانون”.

وفي 27 آذار الماضي، أقر البرلمان قانون الانتخابات الجديد الذي سيشمل الانتخابات التشريعية العامة وانتخابات مجالس المحافظات، والذي يُعد تعديلا لقانون انتخابات عام 2018.

وأبرز ما ميز هذا القانون، بحسب مراقبين، هو اتفاق الكتل السياسية على  إجراء الانتخابات المحلية في محافظة كركوك، التي لم تجر فيها أي انتخابات محلية منذ عام 2005 بسبب المشاكل السياسية بين مكونات المحافظة التي تضم خليطًا من العرب والكرد والتركمان وأقليات أخرى.

وتتسم كركوك بخصوصية كبيرة، حيث تعدّ من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل وفق ما تعرف بمناطق المادة 140 المتنازع عليها في الدستور، كما تعدّ المدينة غنية بالنفط والثروات الأخرى، وهذا ما جعلها أن تكون تحت أطماع الكثير من القوى السياسية الداخلية والاقليمية.

وشهدت كركوك في الآونة الأخيرة تحركات كردية عديدة بهدف جمع الكرد بقائمة واحدة في المحافظة والمناطق المتنازع عليها، وأبرزها خانقين وجلولاء والسعدية ومندلي وبلدروز، في ديالى، وقضاء طوز خورماتو في صلاح الدين، فضلا عن مناطق سهل نينوى وسنجار والقحطانية وربيعة وغربي دجلة في محافظة نينوى.

ووفقاً لقانون الانتخابات الخاص بمجالس المحافظات فقد خصص لكركوك 15 مقعداً، فضلا عن مقعد كوتا الأقليات، من الأشوريين تحديداً.

طموحُ العودة ورفض كردي

ويقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريببن سلام إن حزبه أجرى تحركات جدية في كركوك بهدف جمع الكرد بقائمة واحدة وعدم تشتت الصوت الكردي مرة أخرى.

ويشير سلام  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” الى أن “اجتماع الكرد بقائمة واحدة سيعيد ثقلهم السياسي والشعبي داخل المدينة، بعد النكبات التي تعرضوا لها، ومحاولة تقليص نفوذهم في كركوك”. على حد قوله.

وأضاف أن “الديمقراطي الكردستاني لا مشكلة لديه بقضية دخوله بقائمة واحدة، ولكن هناك مفاهيم في كركوك يجب أن تطبق وتكون مثل القانون الصارم، لا يمكن تجاوزها، لأن المدينة ذات أهمية كبرى لكردستان”، مشيراً إلى أن “أغلب الكتل الكردية لم تعترض على دخول الكرد بقائمة واحدة، بإستثناء حراك الجيل الجديد، الذي يعدّ نفسه معارضًا، ولكن هذه عدوانية وليست معارضة”.

لمن سيكون منصب المحافظ؟

ويؤكد نائب مسؤول تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك هدايت طاهر أن “جميع الأحزاب الكردية في كركوك اتفقت على الدخول بقائمة واحدة بإستثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني”.

وقال طاهر   في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “حزبه أبدى حسن النوايا، وحاول مرارًا عقد اجتماعات مع الحزب الديمقراطي لإقناعه بالدخول بقائمة كردية واحدة، لكن على ما يبدو أن الديمقراطي قد خلط الأوراق، وجعل الخلافات داخل الإقليم تلقي بظلالها على أوضاع كركوك والمناطق المتنازع عليها”.

وهذا الأمر وبحسب القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني “سيعرض الكرد لخسارة الأصوات والمقاعد، ويقلل من حظوظهم في الانتخابات القادمة، كون مجالس المحافظات لها وضعية خاصة ومعقدة”.

لكنه في ذات الوقت أشار إلى أن “منصب المحافظ سيعود هذه المرة للكرد، وتحديداً للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يشكل الغالبية في كركوك”، على حدّ قوله.

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قد أعلنت في وقت سابق، البدء بتسلم طلبات تسجيل التحالفات الراغبة بالمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات.

وقال المتحدث باسم مفوضية الانتخابات عماد جميل، في بيان إن “دائرة شؤون الأحزاب والكيانات السياسية في مفوضية الانتخابات باشرت بتسلم طلبات تسجيل التحالفات الانتخابية الراغبة بالمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المقررة نهاية العام الحالي”.

تحذير

ويحذر المحلل السياسي الكردي عبد القادر الداوودي من تعرض الكرد هذه المرة لخسارة كبيرة، تطيح بطموحهم وتفقدهم الأهمية السياسية إلى الأبد.

ويضيف  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” أنه “من عمليات فرض القانون في أكتوبر/تشرين الاول عام 2017، والكرد يتعرضون لخسارات كبيرة، ويوميًا يفقدون منصبًا مهمًا، وفي حال لم يستطيعوا الظفر بمنصب المحافظ هذه المرة، فوضعهم سيزداد تعقيدا”.

وأوضح أنه “على ما يبدو فأن كل حزب كردي في كركوك، وتحديداً الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني يرى نفسه بأنه الأقوى في المدينة، ويمثل الصوت الكردي، وهذا الأمر يصعب من مهمة جمع الكرد بقائمة واحدة”.

زر الذهاب إلى الأعلى