اقتصاد

التحويلات المالية و”احتكار” رابطة المصارف.. أسعار الصرف تُنذر بأزمة مكررة دون رقيب

عاودت أسعار سعر صرف الدولار الأميركي الى الارتفاع مقابل الدينار العراقي بعد تراجع ليس بالقليل سجلته خلال الأسابيع الأربع الماضية، ومع تزايد مبيعات البنك المركزي في مزاد العملة لاحظ مراقبون استغلال المصارف الأهلية، لاسيما تلك التي تنضوي تحت عباءة ما يسمى بـ “رابطة المصارف الخاصة” لأزمة سعر الصرف وتحقيق فوائد خيالية من خلال الشراء بالسعر الرسمي من البنك المركزي بقيمة 1320 والبيع بالسعر الموازي ليصل الى 1446 وأعلى من ذلك بقليل.

وفي هذا الشأن حدد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، سبباً رئيساً وراء تصاعد اسعار صرف الدولار في الاسواق العراقية، فيما اشار الى مخالفات ترتكبها المصارف الأهلية بالتحويلات المالية والمصرفية.

ويقول المشهداني  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن” تصاعد اسعار صرف الدولار الامريكي في السوق الموازي ببغداد وبقية المحافظات يرجع الى مشكلة في تحويلات التجار المالية للخارج لان بعضها يتأخر في عمليات التدقيق والبعض الاخر يُرفض بعد مرور اسبوعين او أكثر”، لافتا الى أن” التجار يهمهم بالأساس تمويل تجارتهم لذا يلجأ الكثير منهم الى السوق الموازي وتحويل الاموال للخارج بشكل رسمي”.

واضاف، أن ” جزءا ليس بالقليل من التجار والشركات لم تنتظم في المنصة الالكترونية المخصصة لهم وهؤلاء لايزالون يعتمدون على السوق الموازي، فضلا عن تأخير التحويلات للتجار تؤدي الى فرض غرامات مكلفة جدا في الموانئ والمطارات الخارجية يراها البعض بأنها اعلى من كلفة شراء الدولار من السوق الموازي لذا يلجؤون للأخير من اجل تسريع وتيرة شحن البضائع الى الموانئ العراقية”.

واشار الى أن” شحنة اي تاجر لا تطلق في الموانئ الا بعد دفع الاموال وهذا ما يدفع البعض منهم الى الاعتماد على السوق الموازي لشراء الدولار رغم ارتفاعه عن الاسعار المحددة لان كلفة غرامات الارضية تكون عالية جدا”.

وعلى صعيد ذاته حمل الأستاذ والباحث في الشأن الاقتصادي بإقليم كردستان  محمد حويزي رابطة المصارف العراقية مسؤولية بقاء سعر الصرف مرتفعاً بفعل موازاة سوقها للسعر الذي حدده البنك المركزي العراقي، وهي الجهة المستفيدة من ارتفاع السعر كونها تبيع الدولار خارج السعر لمحدد من البنك بفارق كبير وهي من تحتكر الدولار على المواطنين كي يضطرون لشرائه بأسعار مرتفعة.

وأكد حويزي  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” أنه” على حكومة السوداني محاسبة هؤلاء والا ستكون مسؤولة بشكل مباشر امام المواطنين المكتوين بنيران سعر الصرف التي تنهك الاسواق وغلاء المعيشة “.

وأضاف، أن سياسة المصارف العراقية لن يكتب لها النجاح في سياستها “الموازية” لان اللعبة مكشوفة ولم تعد تنطلي على المواطن البسيط، فضلا عن خبراء ومحللي السياسات الاقتصادية ناهيك عن رقابة الخزانة الامريكية التي وضعت اسساً مشتركة في وقت سابق مع البنك المركزي العراقي خلال اجتماعها الاخير معه.

من جانبه اعلن البنك في بيان في (12 أيار 2023)، أنه سيحيل المضاربين بقضايا سعر الصرف إلى المحاكم المختصة، مبينا أنه نجح في توفير أدوات سهلة ومناسبة تمثلت في حزم التسهيلات التي إصدارها والمشتملة على دعم تسوية البطاقات الالكترونية بالسعر الرسمي والحوالات المالية بأنواعها المختلفة، الا أن بعضاً ممن أتيح لهُ الحصول على البطاقات أساء استخدامها بعيداً عن الأهداف المنشودة لهذا الغرض، وذلك ما كشفته تقارير الجهات الأمنية المختصة والإجراءات الرقابية للبنك المركزي ومكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما دعا إلى وضع (نظام إلكتروني جديد صارم) ينهي هذه الظاهرة والمخالفات المستخدمة في تلك البطاقات”.

وكشف البنك المركزي العراقي عن “استكمال الإجراءات القانونية بحق المخالفين أفراداً وشركات ومصارف”، معلناً عن احالتهم إلى المحاكم المختصة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب”.

وأكد البنك “حرصه الشديد على توفير كل الأدوات المناسبة لتحقيق استقرار سعر الصرف خاصةً مع وصول عمليات التحويل الخارجي عبر المنصة الإلكترونية إلى مستويات عالية”.

وتابع  “فضلا عن استخدام البطاقات الإلكترونية والبيع النقدي للدولار، كل ذلك جعل ما يطلق عليه (سعر الصرف في السوق الموازي) لا يعبّر عن سعر الصرف الحقيقي طالما أن البنك المركزي العراقي يستجيب لكل (الطلبات المشروعة) على شراء الدولار، وأن السعر في السوق الموازي يرتبط بنشاط المضاربة، وعمليات غير أصولية تحاول الابتعاد عن الأساليب التي يتيحها قانون البنك المركزي العراقي وقراراته”.

وبدأت أزمة العملة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما أقر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في نيويورك ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية.

وبموجب القيود الجديدة، يتعين على البنوك استخدام منصة إلكترونية للإفصاح عن تعاملاتها وعن تفاصيل حول المرسل والمستفيدين ويمكن للمسؤولين الأميركيين الاعتراض على طلبات النقل المشبوهة.

يشار الى أن البنك المركزي العراقي أقرّ في أواخر ديسمبر/ كانون الاول الماضي حزمة إجراءات لضبط استقرار سعر الصرف مقابل الدولار، من بينها، تسهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال المصارف العراقية، وفتح منافذ لبيع العملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور لأغراض السفر.

ودعا البنك التجار حينها للتعامل “مع المصارف مباشرة وعدم اللجوء إلى الوسطاء والمضاربين لتلافي تحميل استيراداتهم عمولات ومصاريف لا موجب لها”.

زر الذهاب إلى الأعلى