سياسية

تحرك السوداني نحو ملف التعذيب.. خطوة استباقية لزيارات أممية وشيكة نحو السجون

ناقش تقرير صحفي اليوم السبت، كواليس تحرك رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لفتح ملف التعذيب داخل السجون ومدى امكانية تطبيق توجيهاته، فيما رجح مختصون أن يكون تحرك السوداني جاء كخطوة استباقية لزيارات اممية وشيكة للسجون العراقية.

ونقل التقرير الذي نشرته “العربي الجديد” عن رئيس مركز جرائم الحرب، إحدى أبرز المنظمات الحقوقية في العاصمة بغداد، عمر الفرحان قوله إن “عمليات إثبات التعذيب ليست بالمستحيلة، ولا سيما التعذيب النفسي وأثره على سلوك المعتقلين، وهناك العديد من الإجراءات التي تثبت وجود تعذيب بحق المعتقلين، فضلاً عن عملية مراجعة الشكوى وطرق التحقيق التي مر بها المعتقل، وهذا سيثبت بالحد الأدنى طرق التعذيب التي مر بها المعتقل”.

وأضاف أن “مصادر حقوقية سابقة أشارت إلى أن 90 بالمائة من المعتقلين في العراق خضعوا للتعذيب الممنهج وقضوا في السجون بسبب وشاية المخبر السري الكاذبة، وهذا ما يستدعي أن تكون هناك عمليات تحقيق عالية المستوى بشأن هذه الاعتقالات وحالات التعذيب”.

وأضاف “نحن في المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب لدينا الكثير من ملفات التعذيب الموثقة والتي حصلنا عليها من أهالي المعتقلين، سواء الذين ما يزالون أحياء أم الذين قضوا تحت التعذيب، وقدمنا الكثير من الشكوى إلى الأمم المتحدة بشأن التعذيب في العراق”.

وتابع “أثبتنا لهم بالوثائق عمليات التعذيب، ولكن إجراءات الأمم المتحدة بطيئة وفي أغلب الأحيان لا تتحرك إلا في أوقات محددة، وهذا ما يجعل ملف التعذيب في العراق مستمراً ولا توجد جهة دولية أو محلية مراقبة هذه الانتهاكات، فضلاً عن أن إدارة مراكز التحقيق والسجون تستخدم التعذيب للحصول على الأموال أو تكون حالات انتقامية وبدوافع طائفية أو غيرها”.

واعتبر أن “خطوة السوداني بشأن ملف التعذيب في العراق خطوة مهمة، لكنها متأخرة جداً، وقد تكون خطوة استباقية لزيارة الأمم المتحدة للسجون العراقية لمعرفة أسباب التعذيب، وأيضاً هناك زيارة أخرى للجنة الإخفاء القسري وقد يستعمل هذه الخطوة لإضفاء نوع من الشفافية لحكومته أمام الأمم المتحدة، وقد طالبنا في أوقات سابقة عندما كان السوداني وزيراً للعدل بإعادة ملف المعتقلين والتعذيب”.

وأشار إلى أن “أمام السوداني وحكومته حلين لا ثالث لهما، الحل الأول وهو الذي ندعمه بشدة هو العفو العام لكل معتقل أُكره على الاعتراف تحت التعذيب وبوشاية المخبر السري”، أما الحل الثاني وفقاً للفرحان فهو أن “يقوم بتشكيل لجان محلية وبإشراف أممي للنظر في هذه الملفات وتعويض كل من ثبت بحقه التعذيب بالرعاية الصحية الكاملة وتعويضه عن السنين التي خلت في السجون”.

وشدد “إذا كانت خطوة السوداني إعلامية فقط، فهذا تعذيب آخر يضاف إلى سجل المعتقلين، وقد تكون الحكومة جدية في هذا الملف، ولكن إجراءاتها ستكون شكلية غير حقيقة ولا تثمر بإطلاق سراح المعتقلين أو إعادة محاكمتهم”.

وتتطلب خطوة السوداني إجراءات حازمة وقوية في هذا الملف الحساس، بحسب التقرير الذي نقل عن محامٍ أوكل خلال السنوات الماضية عن أحد السجناء الذين انتزعت منهم اعترافات بالقوة قوله: إن “خطوة السوداني يجب أن تتبعها ضمانات لإتاحة فرصة للسجناء المحكومين بتقديم شكاوى وطلب تشكيل لجان طبية لفحص الذين تعرضوا للتعذيب منهم”.

وأضاف في تصريح لتقرير نشره “العربي الجديد” مشترطاً عدم ذكر اسمه، “كما يحتاج إلى عمل قضائي لإثبات التعذيب وانتزاع الاعترافات من الذين تعرضوا للخنق أو الضرب وشفيت جروحهم، أو الذين تم ابتزازهم بطرق مختلفة لإجبارهم على الاعتراف، وعن الذين ماتوا تحت التعذيب، وعن الذين لا يملكون دليلاً كون عمليات التعذيب كانت تتم داخل الزنازين والسجون”.

وأكد بالقول “لا أعرف ما إذا كانت هناك قدرة لتوفير تلك الإجراءات من عدمها”، معتبراً أن “هذه الإجراءات أساسية لحسم هذا الملف، ولا يمكن حسمه من دون ضمان اتخاذها”.

ومساء أمس الجمعة، ووفقاً لبيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، فإنه “بناء على توجيهات السوداني، ولأهمية توفير جميع الضمانات القانونية للمتهم أثناء مراحل التحقيق، ومنها عدم انتزاع الاعترافات منه بالإكراه أو قسراً، وفقاً لما جاء بالدستور، نهيب بمن تعرض لأي صورة من صور التعذيب، أو الانتزاع القسري للاعترافات، بتقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معززةً بالأدلة الثبوتية”.

وخصص بريداً إلكترونياً، للمستشار، وبريداً آخر للسكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة لاستقبال الشكاوى، مؤكداً أن “ذلك يأتي من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العراق”.

زر الذهاب إلى الأعلى