اقتصاد

تذبذب أسعار الدولار تثير قلق التجار والمواطنين وخبراء يتوقعون ما سيحدث

تتذبذب أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي صعودا ونزولا منذ نحو شهر ونصف الشهر، حتى وصل في البداية إلى 157 الف دينار، فيما يسجل حاليا تراجعا إلى مستوى أقل من 145 ألف دينار، ما أثر سلبا على السوق العراقية وعلى الواقع الاقتصادي العراقي بشكل عام.

ويعزو خبراء اقتصاديون حدوث هذه التقلبات اليومية إلى تأخير التحويل الخارجي بسبب إجراءات بطيئة ومبهمة من قبل المصارف، التي قد لا تعلم آلية التحويل، او ربما تتعمد من اجل الحصول على مكاسب من خلال البيع بالطريقة الموازية في السوق السوداء للحصول على مكاسب من فارق السعر الرسمي الذي تستلمه من البنك المركزي، ما أدى إلى حصول التذبذب الحالي.

ويدعو مختصون إلى ضرورة تسهيل البنك المركزي عملية التحويل عبر المنصة الالكترونية واختصار وقتها من أجل خفض سعر الدولار في السوق الموازي ويرجع السعر الرسمي وبالتالي تستقر الاسواق، فيما يشير آخرون إلى ان التذبذبات الحالية قصيرة الاجل وهي على مسار تحسن قيمة الدينار العراقي.

 

الدولار في تنازل والدينار في تصاعد

 

وفي هذا السياق يقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، ان “الاسواق العراقية تشهد تحسنا في سعر صرف الدينار، حيث ان الدولار الاميركي في تنازل والدينار العراقي في تصاعد”.

عن التقلبات اليومية يوضح صالح  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، ان “هذه التذبذبات على مسار تحسن قيمة وسعر وقوة شراء الدينار العراقي، وفي مقبل الايام سيكون افضلا بالتدريج”.

ويعزو المستشار المالي السبب وراء هذه التقلبات، إلى ان “التحويلات التي تمتثل لقواعد الامتثال الدولية زادت من قيمة المصارف العراقية، حيث ان مبيعات نافذة البنك المركزي للعملة الاجنبية تزيد عن 200 مليون دولار، ما يعني ان هناك تدخلا وسيطرة على مناسيب السيولة، وهذا هو عمل السياسة النقدية في استقرار وخفض الاستقرار في سعر الصرف”.

ويضيف، أن “هذه التذبذبات قصيرة الاجل، وتحدث على مسار تقارب سعر صرف السوق الموازي من السوق الرسمي، وهذا ما نتوقعه في مقبل الأيام، بسبب الحزم المرنة والتسهيلات الكبيرة التي تقدم بها البنك المركزي والحكومة”، مؤكدا ان “تظافر الحكومة مع البنك المركزي ولد مناخ استقرار عال لسعر الصرف، وتحسن قيمة الدينار في ظل احتياطات كبيرة داعمة وساندة لهذا الاستقرار”.

 

“لعبة المصارف”

 

بدوره يشير رئيس غرفة تجارة بابل، صادق الفيحان، إلى أن “عملية تأخير ارسال الحوالات من قبل المصارف قبل نحو شهر ونصف الشهر أدت إلى تأخير عمل التجار لذلك اضطروا إلى شراء الدولار من السوق المحلي المسمى بـ(السوق الموازي)، لذلك زاد السحب عليه اكثر من التحويل الرسمي”.

ويكشف الفيحان في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “هناك اجراءات مصرفية بطيئة ومبهمة، فقد لا تعلم المصارف آلية التحويل او ربما تتعمد من أجل الحصول على مكاسب من خلال البيع بالطريقة الموازية بالسوق السوداء، وهذا ادى إلى تذبذب في سعر الصرف المحلي صعودا ونزولا، حتى وصل في البداية إلى 157 الف دينار، وحاليا هبط إلى 145 ألف دينار، ما أضر بالسوق والمواطن، لانه أدى إلى تأخير التحويل الخارجي”.

وعدّ الفيحان، ما يجري هو “لعبة تقوم بها المصارف ووراءها ربما جهات سياسية او جهات متنفذة للحصول على مكاسب كبيرة، فهي تستلم من البنك المركزي بالسعر الرسمي، حيث يباع يوميا بحدود 200 مليون دولار إلى المصارف، ولا يوجد تحويل، وبالتالي هذه المصارف تبيعها بالسوق الموازي بفرق 20 إلى 25 ألف دينار”.

ولا يستبعد الفيحان خلال حديثه أن يكون “البنك المركزي متواطئا مع المصارف المحلية في تأخير التحويلات المالية للتجار لأجل تشجيع السوق الموازي او بيع العملة خارج الاطار الرسمي”، داعيا “البنك المركزي إلى تسهيل الاجراءات التحولية عبر المنصة الالكترونية واختصارها بدلا من استغراقها 30 إلى 35 يوما إلى اسبوع كحد أقصى كما في في بقية دول العالم ليرجع السعر الرسمي، وبالتالي تستقر الأسواق”.

 

انعكاسات سلبية

من جهته يقول رئيس غرفة تجارة البصرة، صبيح الهاشمي، ان “عدم استقرار سعر الدولار له انعكاسات سلبية على الواقع الاقتصادي العراقي بشكل عام، ويتأثر به بشكل مباشر رجال الاعمال والتجار والمقاولين وحتى المواطنين، فضلا عن خلق بيئة غير جاذبة للشركات المحلية والعالمية في الدخول بمشاريع استثمارية استراتيجية”.

ويشرح الهاشمي  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم”  “فعندما ينظم سعر مقاولة أو شراء تجهيز مادة بسعر معين للدولار، ومن ثم يحدث ارتفاعا في الأسعار، يتسبب هذا التغير بضرر على رجل الاعمال او المقاول او التاجر، وليس المواطن بمعزل عن هذا الضرر، عندما يرى أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في ارتفاع نتيجة ارتفاع أسعار الدولار”.

أما رجل الأعمال، أحمد فادي، فيرى أن “تذبذب أسعار الصرف بالدولار في المرحلة الحالية لا يؤثر على أسعار السلع والمنتجات المعروضة في الأسواق، ولكن جشع التجار المستوردين وكذلك المتلاعبين بأسعار المنتجات والمواد الغذائية والسلع المعمرة والموجودة حاليا في السوق، هو السبب في ارتفاع وانخفاض الأسعار، وكذلك زيادة اسعار المنتجات بدون اي رقيب او حسيب”.

ويطالب فادي من الحكومة بـ”تفعيل عدد من القوانين، من بينها قانونا الاحتكار والتلاعب بأسعار السوق، بالإضافة إلى الحد من سيطرة بعض التجار والشركات على أسعار المنتجات والمواد والتلاعب بها، ما يؤدي إلى غلاء الأسعار على المواطن المستهلك، وكذلك على الحكومة مراقبة السوق وفهم الآلية الخاصة بالمستورد والمورد النهائي للمواطنين”.

من جانبه يشكو المواطن ابو حسين من محافظة النجف من ارتفاع الأسعار في الأسواق لأسباب يرجعها أصحاب المحال له إلى الدولار حيث يقول ان “سعر الصرف أثّر على المواطن البسيط صاحب الدخل المحدود اكثر من التجار وأصحاب الرواتب العالية”.

ويضيف أبو حسين الذي يعمل عامل بناء ولديه 4 اطفال لوكالة شفق نيوز ان “الأطفال يرغبون بشراء ملابس جديدة لعيد الفطر، الا ان سعر القطعة الواحدة للطفل تتراوح من 10 إلى 30 الف دينار في أسواق النجف، وفي المقابل اجرتي اليومية لا تتجاوز 25 الف دينار، ما قد يضطرني إلى إلغاء فكرة الملابس الجديدة واللجوء إلى المستعملة (البطالة)”.

زر الذهاب إلى الأعلى