باستخدام ديالى كنموذج لعراق مصغّر.. قراءة لمستقبل وخارطة نتائج الانتخابات المحليّة
على الرغم من صغرها، الا ان التنوع القومي والمذهبي في ديالى يجعلها صورة مصغرة للمشهد السياسي المعقد على مستوى العراق فهي بوابة للصراعات والازمات منذ 2003 بسبب التقاطعات بين القوى المهمينة وهي بذات الوقت بيدق في خارطة توزيع ما يسميه البعض “كيكة المصالح الحزبية” وفق مبدأ المحاصصة بعنوان قومي أو مذهبي.
السياسي المستقل عدنان التميمي أقر بأن “قانون الانتخابات الاخير جاء في خدمة القوى السياسية المتنفذة في المشهد العراقي خاصة بعد ادراكها بأن حظوظ المستقلين في انتخابات 2021 كان بمثابة تسونامي مبكر والذي قد يفقدها سطوتها ويقلب الطاولة عليها في الدورات القادمة خاصة مع اخطائها المتكررة وفقدانها لجزء ليس بالقليل من جمهورها”.
واضاف التميمي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” أن” انتخابات 18 كانون الاول المقبل لن تفرز تغييرات بمعناها الحقيقي لانه مهما تغيرت تسميات التحالفات السياسية لكن تبقى الافكار هي ذاتها”، لافتا الى أن “3 مبادئ هي من تعتمد الان في الماراثون الانتخابي للاسف هي سطوة الاحزاب وخاصة التي تمتلك اجنحة مسلحة واستغلال المال العام وصلاحيات المتنفذين فضلا عن البعد القومي والعشائري بعيداً عن البرامج وهي اداة تستخدم لدغدغة المشاعر خاصة من قبل من فشلوا في عالم السياسة”.
اما النائب السابق فرات التميمي اوضح أن “التغيير ممكن في انتخابات كانون الاول اذا كانت المشاركة بمعدلات عالية لانه كلما انخفضت سيكون في صالح قوى المال والقوة حسب تعبيره”.
واضاف، أن “الشخصيات الوطنية يمكن أن تنجح في الانتخابات ومن خلالهم يمكن أن يكون هناك تغيير ولكن بالمقابل يجب ان تكون هناك اجراءات مبكرة كتأمين الاجواء ومنع اي ضغوط تمارس على الناخبين من قبل بعض المتنفذين، فضلا عن منع استغلال المال العام والمشاريع في الدعاية الانتخابية”.
من جانبه، اشار امين عام تيار السياسي الشبابي سيف الدهلكي الى ان “صندوق الاعمار كان ممولا اساسيا لتحالف سياسي في انتخابات 2021 وهذه صورة عن مستوى استغلال المال العام في البعد السياسي لذا يجب ان يكون للحكومة دور في ابعاد المال العام ومؤسساتها من اي استغلال سياسي”.
واضاف، أن “بعض القوى السياسية التقليدية لايمكن تجاهل سطوتها في ديالى وبقية محافظات البلاد ولكن المشاركة الشعبية الكبيرة هي بداية التغيير وهناك بالفعل بروز لحراك لانشاء تكتلات سياسية بشخصيات شبابية يمكن ان تكون نافذة نحو التغيير”.
وبين المراقب السياسي ايوب حسن أنه “سيكون هناك تغيير ولكن وفق بوصلة تحددها القوى السياسية المتنفذة التي تمتلك الكثير من الادوات الفعالة من مال وسلاح”، لافتا الى ان “ما يحدث في ديالى هي صورة مصغرة للواقع السياسي على مستوى البلاد”.
واضاف، ان “مجلس ديالى القادم سيتألف من 15 عضو ستتوزع بين الشيعة والسنة والكرد اي انه في نهاية المطاف ستكون هناك محاصصة اي المحافظ من طائفة ورئيس المجلس من طائفة اخرى وبقية المناصب بذات المسارات”.
واشار الى ان “التغيير الوحيد هو بالاسماء وان اي اصوات معارضة للمحاصصة والفساد سيبقى مداها المؤثر محدودا خاصة في ظل تحول بعض الاحزاب الى امبراطوريات مالية ذات سطوة بالاضافة الى وجود الاجنحة المسلحة التي كانت سببا في وصول العديد من الشخصيات الى مناصب مهمة في السلطة التشريعية وغيرها”.
محمد عبد الله تربوي ألغى فكرة ترشيحه قبل ايام قائلا: ليس لدي سوى برنامج وسيارتي مؤديل 1999 فيما نرى بقية المرشحين وقد تدفقت عليهم خزائن المال من احزابهم وهم يستقلون سيارات فارهة وقدرات مالية واعلامية”.
واضاف، أن “المستقل الحقيقي لايمكنه التنافس في ظل انعدام الحد الادنى من الشفافية خاصة وان بعض مرشحي الاحزاب لديهم تأثير حتى على الدوائر الحكومية”، مؤكدا أنه “هناك سنافر امام اهرامات استغلت المال العام ولكن قد يأتي التغيير الحقيقي يوما ما ولكن الاهم هو وعي الناس وتفاعلهم مع ضرورة ان لا تكون خياراتهم مبنية على الانتماء العشائري والقومي والمذهبي ولا بتاثير المال وسطوة السلاح بل من خلال البرامج التي تنقذ البلاد والعباد”.