القضاء العراقي: “لا غبار” على الزواج عبر الانترنت
في أروقة محكمة الأحوال الشخصية في البياع تقف هدى، (وهو اسم مستعار) التي عقدت قرانها على شاب من احد معارفهم يسكن إحدى الدول الأوربية، وبعد أن أتمت جميع إجراءات التعارف والخطبة، أصرت على حضوره للعراق للعقد في المحكمة رغم انه تم عقد قرانهم عبر الانترنت بوجود مأذون شرعي وشهود إلا أنها كالكثيرين تجد في العقد الواقعي أمانا وضمانا أكثر.
أسباب عديدة دفعت إلى عودة الزواج الكترونيا عبر الانترنت إلى الواجهة بعد أن انتشر قبل عدة سنوات وأبدت جهات مختصة عدة شرعيته وصحته، فدراسة الطلاب خارج البلد وعوامل السفر الأخرى عاودت الأسئلة عن مدى صحة الزواج عبر الانترنت وإجراءاته.
ويقول القاضي ناصر عمران، بحسب صحيفة “القضاء”، إنه “لا غبار على الزواج عن طريق الانترنت إذا تم بخطواته القانونية، فالبعض لجأ إلى استخدام التقنيات الالكترونية في التعارف والاقتران، أما البعض وبنسبة اكبر فقد وجد في هذه المواقع فرصة للتعبير عن الكبت النفسي والبحث عن الآخر الذي يتلاشى حضوره الاجتماعي ليزداد حضوره التقني وهي مناسبة لتحقيق رغباته متشحا بدعوة التفاوض والعرض للوصول إلى الآخر الذي ربما يعتقد انه يشاركه فرصة بناء علاقات عاطفية تحت غطاء شرعي وفي الأغلب يكون العقد العرفي الطريق لذلك”.
ومن خلال التطبيق العملي، بحسب القاضي فأن “القضاء العراقي يؤكد في المنازعات الخاصة بإثبات العلاقة الزوجية في أحكامه على مدى قدرة المدعي بإقناع المحكمة بوجود علاقة زوجية سليمة حتى لو تمت تلك العلاقة عن طريق الانترنت ويتم ذلك بجميع طرق الإثبات ومنها إقرار المدعى عليه بالزوجية ولا يعول فقط على العقد العرفي والذي يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوبا أو غير مكتوب وينصب عمل المحكمة على إثبات الزواج مع التأكيد على توافر الشروط الخاصة بالانعقاد والصحة والنفاذ واللزوم”.
ويؤكد القاضي من جهة أخرى على “خطورة عقد الزواج لما له من أهمية اجتماعية ودينية وما يتمخض من خلاله عن حقوق والتزامات تتجاوز الطرفين في جوانب منه”، مستدركا أن “العقود الالكترونية وان حققت الشروط العامة في العقد فإنها تثير عدة إشكاليات قانونية منها أن غاية عقد الزواج حسب المادة (الثالثة) هي (…الحياة المشتركة والنسل) الذي يعني ديمومة التواصل الحياتي والذي يعني تحقق الوحدة المكانية والتلاقي”.
ولفت عمران إلى أن “ظاهرة الزواج الالكتروني نوع من إفرازات الطبيعة الاجتماعية الإنسانية التي وجدت نفسها محكومة بجمود علائقي يفترض التفرد والتوحد، فكانت ممارسة اجتماعية بديلة وهي بحاجة إلى دراسة موضوعية تأخذ بيد التجارب الناجحة وتطورها وتحارب وتردع السلوك الشاذ والمخالف ويكون ذلك عبر منظومات دراسية وتشريعية دراسية عبر فهم الماهيات المتعددة للرابطة الزوجية بنواحيها، بيولوجيا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وضمن سياقات حضارية وتشريعية عبر قوانين تنظم العلاقة الزوجية بمتنفساتها الالكترونية وبشكل هادف وواع يأخذ الجوانب الشرعية والعادات والتقاليد الاجتماعية الايجابية”.
من جانبها، أكدت الناشطة النسوية منى الهلالي إن “الزواج عبر الانترنت أصبح إجراء طبيعيا بعد أن غزت التكنولوجيا والمعاملات الالكترونية الواقع إلا أنها تبقى محددة بإجراءات كل مكان تقع فيه حالة الزواج”.
وأضافت الهلالي أن “المخاوف التي كانت سائدة في الماضي بشأن عدم صحته أو تصديقه أو حتى شرعيته تبددت وتم إجراء العديد من حالات الزواج عن طريق الانترنت وتوثيقها لدى المحاكم والسفارات والجهات ذات العلاقة”.
وتنوه إلى أن “يتوجب على طرفي الزواج أو ذويهم معرفة كافة تفاصيل إتمام عقود الزيجات والإجراءات الرسمية كتوفر الوكلاء والشهود ووجود رجل دين شرعي لإتمام العقد أولا أيضا تعارف عوائل طرفي الزواج لتجاوز أي حالة إخلال في الإجراءات أو الحالات غير الصحيحة”.