رصد أمريكي ينبه السوداني: أزمة الدولار تنبئ بإفلاس مصارف واندلاع احتجاجات
رصدت وكالة “أسوشيتدبرس” الأمريكية، أزمة الدولار في العراق، وكيف فتحت “سرقة القرن” عيون المسؤولين الأمريكيين على حجم الفساد القائم، إذ أن عمليات نقل الدولار تتم بكمايات كبيرة إلى خارج البلاد، وذلك من خلال (السوق الرمادية) للفواتير الوهمية، وتذهب تحديداً إلى تركيا والإمارات والأردن ولبنان.
وأوضحت الوكالة في تقرير لها ، أن “المستفيدين من مزاد الدولار هي سوريا وتركيا وإيران، في حين لا يتمتع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بعلاقات جيدة مع واشنطن تتيح لها السعي الى تخفيف تطبيق الإجراءات الأمريكية المشددة”.
وذكرت أن “الولايات المتحدة قيدت منذ شهور قدرة العراق على الوصول الى دولاراته، في محاولة للقضاء على ما يوصف (تبييض أموال) منتشر، وأن العراق اصبح الان يشعر بالازمة، مع انخفاض قيمة الدينار واحتمال انفجار الغضب الشعبي ضد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني”.
الالتزام بشروط الفيدرالي
ونقل التقرير الأمريكي، عن عضو لجنة الموازنة النيابية مصطفى القرعاوي، قوله إن “البنك المركزي عليه الالتزام بمتطلبات الاحتياطي الفيدرالي للحد من ندرة العملة الصعبة في البلد”، مضيفا انه سيتم تطبيق إجراءات محلية جديدة لتحسين الوصول الى العملة، في حين يسافر وفد من المسؤولين العراقيين الى الولايات المتحدة لاجراء مفاوضات يوم الجمعة المقبل.
ولفت التقرير إلى أن انخفاض قيمة الدينار اثار احتجاجات، ويقول محللون انه في حال استمرار هذا الوضع، فإنه سيشكل تحديا لتفويض الحكومة التي شكلت في اكتوبر/تشرين الاول الماضي بعد جمود سياسي استمر عاما.
وأشار إلى أن “تدهور الدينار يحصل برغم ان احتياطيات العراق من العملات الاجنبية وصلت الى اعلى مستوياتها على الاطلاق عند حوالي 100 مليار دولار، بسبب ارتفاع اسعار النفط العالمية التي ادت الى تنامي ايرادات الدولة”.
تبييض أموال
ووفقا لما قاله العديد من المسؤولين المصرفيين والسياسيين العراقيين لـ”أسوشييتدبرس”، فإن المبيعات اليومية للدولار من خلال المزاد كانت في الماضي وفي كثير من الأحيان تصل الى 200 مليون دولار يوميا.
وأوضح أن “الجزء الأكبر من الدولارات التي تم بيعها في المزاد يفترض انها تستخدم من اجل شراء السلع المستوردة من قبل الشركات العراقية، إلا أن هذا النظام المطبق منذ فترة طويلة اتضح انه من السهل اختراقه بإساءة استخدامه”.
ونقل التقرير عن مسؤولين أمريكيين، تأكيدهم أنهم يشتبهون أن “النظام كان يستخدم منذ فترة طويلة لتبييض الأموال، إلا انهم رفضوا التعليق بالتفصيل على الانتقادات الآن أو القيود الجديدة”.
كما نقل التقرير عن مستشار مالي لرئيس الوزراء، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله انه “طوال سنوات كان يتم تحويل كميات كبيرة من الدولارات خارج العراق الى تركيا والامارات والاردن ولبنان من خلال “السوق الرمادية بحيث تستخدم فواتير مزورة لسلع باهظة الثمن”.
وأضاف مستشار السوداني، أن “الفواتير المضخمة كانت تستخدم في تبييض الدولارات، ويرسل معظمها إلى إيران وسوريا، الخاضعتين لعقوبات أمريكية، وهو ما أثار شكاوى من جانب المسؤولين الأمريكيين”.
تهريب بري
ونقل التقرير عن رئيس مجلس إدارة بنك الموصل، تمكين عبد السرحان الحسناوي، وهو النائب الأول لرابطة البنوك العراقية الخاصة، قوله إن “في حالات أخرى، كان يجري تهريب الدولارات عبر الحدود البرية تحت حماية الجماعات المسلحة التي تقتطع لنفسها نسبة من من هذه الاموال، معربا عن تقديره بان نحو 80٪ من الدولارات التي تباع في المزاد، ذهبت الى الدول المجاورة، وأن سوريا وتركيا وايران، كانت تستفيد من مزاد الدولار في العراق”.
ارتفاع الدولار
ونوه الحسناوي إلى أن في الوقت الحالي تستغرق الموافقة على استحصال الدولار ما يصل الى 15 يوماً بدلا من يومين او ثلاثة أيام، وهو ما جعل التاجر يلجأ الى السوق السوداء لشراء الدولار لانه لم يعد يتمكن من الحصول عليه بسهولة بالسعر الرسمي من البنوك، وهو ما تسبب في ارتفاع سعر الدولار.
وبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أواخر العام الماضي بفرض اجراءات اكثر تشددا، من بينها الخطوات التي باتت مطلوبة، بناء على طلب الولايات المتحدة، إذ أن البنك المركزي العراقي بدأ بتطبيق نظام الكتروني للتحويلات التي تتطلب ادخال معلومات مفصلة عن المتلقي النهائي المقصود للدولار المطلوب.
وبحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، فإن “الاحتياطي الفيدرالي قام بتدريب مئة موظف بالبنك المركزي العراقي، على تطبيق النظام الجديد”، مضيفا أن هذا “النظام بدأ برفض الحوالات والفواتير التي كان البنك المركزي متعودا على اعتمادها، حيث جرى رفض حوالي 80٪ من المعاملات”.
وبحسب التقرير الأمريكي، فإن الاحتياطي الفيدرالي يفرض “نظام امتثال قوي” للحسابات التي يحتفظ بها، وان هذا النظام “يتطور مع مرور الوقت بحسب المعلومات الجديدة، التي تجمع في اطار منتظم لرصد المعاملات والاحداث التي قد تؤثر على الحساب وفي التواصل مع الوكالات الحكومية الامريكية الاخرى ذات الصلة”.
علاقة السوداني
ونقل التقرير عن رئيس وحدة العراق في مركز الامارات للابحاث في ابو ظبي حارث حسن قوله إن “السوداني لا يتمتع بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة كان يمكن لها ان تمكنه من تخفيف تطبيق الاجراءات المالية الجديدة”.
واشار التقرير الى ان السوداني قلل من اهمية التراجع الحالي لقيمة الدينار باعتباره انه مجرد “قضية تداول ومضاربة مؤقتة”، وقام باستبدال محافظ البنك المركزي واتخذ اجراءات هدفها ضمان توفير الدولار بالسعر الرسمي.
وحذر التقرير الأمريكي، من تداعيات استمرار الوضع المالي الحالي في العراق، وأن ذلك قد يعني إعلان معظم البنوك إفلاسها في غضون عام واحد، وقد تندلع اضطرابات واحتجاجات واسعة في البلاد.