المجالس المحلية في العراق عائدة والاستعدادات جارية لإجراء انتخابات الخريف
سلّط تقرير صحفي، الضوء على “استعدادات” إجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق، التي من المقرر أن تجرى في تشرين الأول المقبل.
ويقول التقرير الذي نشرته صحيفة “الأخبار” واطلعت عليه “تقدم” “تواصل الكتل السياسية العراقية اجتماعاتها بشكل مكثّف استعداداً للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المقرَّر إجراؤها في تشرين الأوّل المقبل، فيما يواصل البرلمان العراقي جلساته مع المفوضية العليا للانتخابات لمناقشة صيغة القانون النهائية وتأمين آلية سيْر العملية الانتخابية وسجلّ الناخبين وصناديق الاقتراع”.
تالياً نص التقرير:
وتعمل مجالس المحافظات غير المنضوية في إقليم كردستان، كجهة رقابية على الحكومات المحلية. ويبلغ عدد هذه المحافظات 15، بواقع 120 قضاء إدارياً وأكثر من 400 ناحية، ويُخصّص لها في الموازنة المالية السنوية نحو 200 مليار دينار عراقي (180 مليون دولار) كنفقات حماية وخطورة وضيافة ونثرية وامتيازات لكلّ عضو في مجلس المحافظة.
ويقول النائب في اللجنة القانونية، أوميد محمد، إن «اجتماعات البرلمان مع مجلس المفوّضين بخصوص قانون الانتخابات، مستمرّة»، مضيفاً: «خرجنا في جلستنا الأولى بتوصيات مهمّة بأننا سوف نقوم كلجنة قانونية وبالاستعانة بخبراء في القانون وممثّلين عن الكتل السياسية، بكتابة مسودة لقانون انتخابات مجالس المحافظات، حتى نخرج بصيغة نهائية تكون مقبولة من قِبَل جميع الكتل السياسية».
ويعتقد محمد بأن «قانون انتخابات مجالس المحافظات يحتاج إلى ما بين أربعة إلى خمسة أشهر ليصبح قانوناً ناضجاً ومقبولاً من قِبَل الكتل السياسية، وأيضاً بالإمكان تطبيقه على أرض الواقع. والجميع يعرف أن المقترحات أو الملاحظات من مجلس المفوّضين تكون مهمّة للقانون من الناحية الفنيّة واللوجستية».
ويشير إلى أن الحكومة، برئاسة محمد شياع السوداني، لها مهلة محدَّدة لتنفيذ برنامجها الوزاري، ما يعني أن انتخابات المجالس ستجرى في الشهر العاشر المقبل. وعن الصيغة النهائية لقانون الانتخابات، يوضح محمد أن «كل الاحتمالات مطروحة، فربّما يبقى هذا القانون أو يتمّ الرجوع إلى قانون سانت ليغو 0.7 أو 0.9».
و«سانت ليغو» هي طريقة عالمية لتوزيع المقاعد في القوانين الانتخابية التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وتقتضي أن يتمّ تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز. أمّا إذا زاد العدد، وأصبح، مثلاً، 1.5 أو 1.6، فصاعداً، فإنّ حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتزايد على حساب الصغيرة. ويؤكد محمد أن كثيراً من الكتل السياسية تتّجه نحو قانون «سانت ليغو»، وترفض قانون الدوائر. لكن هناك اتجاهاً وسطيّاً بين قانونَي الدوائر و«سانت ليغو»، يقضي بأن تكون لكلّ محافظة دائرة واحدة في «سانت ليغو 0.7» حتى لا تُظلم الأحزاب الصغيرة أو الناشئة. ويردف أن «هناك تقليصاً في مقاعد مجالس المحافظات، لتتماشى مع عدد النواب، بمعنى أن كركوك مثلاً التي لها 13 مقعداً في مجلس النواب، يتكوّن مجلس محافظتها أيضاً من 13 مقعداً، ولكن هذا المقترح يحتاج إلى دراسة».
وفي المقابل، يعتبر القاضي، منير حداد، أن «مجالس المحافظات ليست لها أهميّة قصوى ولا فائدة، فهي موجودة لغرض المكاسب والغنائم من قِبَل الأحزاب المتصارعة على السلطة».
ويقول، إن «عودة مجالس المحافظات والعمل بها بعد إلغائها، هو لغرض الفساد والمحاصصة وكسْب الصفقات في المحافظة من خلال الشخص الذي ينوب عن الحزب في هذه المحافظة أو تلك. وستبقى المدينة كما هي من دون أيّ أعمال أو إنجازات تذكر. وجودهم لا يقّدم ولا يؤخّر».
ويشدّد حداد على أن مجالس المحافظات تمّ حلّها سابقاً لأنها كانت «باباً من أبواب الفساد. فهي عبارة عن مجموعة من الأحزاب. كل حزب له عضو أو اثنان أو ثلاثة، بحسب كل محافظة. أحياناً هم مَن يعطلّون عمل المحافظ أو هم مَن يراقبون… لا أعلم صراحة».
لكن الخبير في الشأن الانتخابي، عادل اللامي، يؤكد، من جهته، أن «مجالس المحافظات ضرورة ملحّة. ويجب أن تكون واجهة شعبية رقابية، لكنْ بشرط أن تتمّ هذه العملية وفق معايير دولية ومعايير ديموقراطية مترسّخة».
ويرى، أن «بإمكان الحكومة الحالية إجراء الانتخابات بعد تحديد موعدها من قِبَل مجلس الوزراء بالاتفاق مع المفوضيّة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، لأن المفوّضية لديها جميع الأدوات والإمكانيات، بسجلّاتها وقواعد بياناتها».
وبحسب اللامي، فإن «المهمّ هو أن يكون القانون المتّفق عليه مسطرة ثابتة وليس مسطرة متغيّرة بحسب أهواء الأحزاب السياسية، ويتمّ تغيير القانون في كل دورة انتخابية. هذه هي المشكلة في العراق التي أبّدت وجود نماذج سياسية بسبب تغيير القوانين الانتخابية، وأبّدت وجود تجربة متكرّرة ينخرها الفساد وسوء الإدارة وسوء التنظيم على مدى السنوات العشرين الماضية. السبب هو أنّنا لم نعتمد مسطرة واحدة لقانون انتخابي واحد يَحكم العملية لكي يقرّر الشعب، بحسب هذه المسطرة، لِمَن يعطي صوته ويتحمّل مسؤولية هذا الصوت».
ووفق اللامي، فإن «ثورة تشرين»، في 2019، طالبت بأن يكون النظام الانتخابي وفق الدوائر الصغيرة مع الغالبية. كما تمّت المطالبة بأن يكون البرلمان 329 دائرة انتخابية أو 320، فحصل التغيير في انتخابات مجلس النواب في 2021 وفق القانون الجديد وهو قانون الغالبية والدوائر المتعدّدة (83 دائرة). ويقول اللامي: «الآن، لا يمكن التراجع وخيانة المطالب الشعبية عبر الرجوع إلى طريقة النظام النسبي على طريقة سانت ليغو»، داعياً إلى تعديل قانون انتخاب مجالس المحافظات ليصبح كالنظام الانتخابي في قانون مجلس النواب الأخير، الذي هو دوائر متعدّدة وتصويت بنظام الغالبية، أي الصوت الواحد غير المتعدّد.
أمّا بالنسبة إلى الصراع بين القوى السياسية، فيشير المحلّل السياسي، علي البيدر، إلى أن أصل الخلاف حول انتخابات مجالس المحافظات يرجع إلى أهميّتها الكبيرة، لكن جرى استغلالها وأصبحت «إحدى أبواب الفساد والتربُّح من المال العام». وفي نظره، جرى التعامل مع المجالس بطريقة حزبية وشخصية وفئوية، لذلك، فإن الشارع العراقي لم يرغب في تلك المؤسسات ويسعى دائماً إلى إلغائها.
ويرى، أن المجالس هي «حالة من التخادم بين المسؤولين المحليّين كالمحافظ ونوابه ومعاونيه، يقومون بالسرقة ويتقاسمونها مع المؤسسة الرقابية التي هي مجلس المحافظة».