رحلة فيروس كورونا الغريبة داخل الخلايا قد تكون مفتاحا لتعطيل مساره
يستخدم “كوفيد-19” طريقة معقدة بشكل غير عادي لتكرار نفسه داخل الخلايا البشرية، ويقول الخبراء إنه يمكن استغلال هذه العملية الصعبة إلى حد ما لوقف الفيروس في مساره.
وتختطف جميع الفيروسات العمليات البيولوجية للخلية المصابة لتجمع البروتينات المختلفة اللازمة لعمل نسخ من نفسها، لكن فيروس SARS-CoV-2 المسبب لمرض “كوفيد-19″، يتوقف على طول الطريق وهو ما يمثل أمرا محيرا للعلماء.
وقال الدكتور أميش أدالغا، الباحث البارز في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي في بالتيمور، إنه من المعروف على نطاق واسع الآن أن الفيروس يصيب الخلايا باستخدام مستقبل شائك “يتم توزيعه على نطاق واسع على أنواع الأنسجة المتعددة. وقد يفسر هذا قدرته على التأثير على أجهزة أعضاء متعددة خارج الجهاز التنفسي، والتي يتم تقييد الفيروسات التاجية الأخرى إليها إلى حد كبير”.
وبعد الإصابة، يستخدم فيروس كورونا، الذي يبلغ 1/100 من حجم خلية بشرية متوسطة، ثلثي مادته الجينية داخل الخلية للتكاثر. وتقرأ الخلية المخطوفة الخريطة الجينية للفيروس وتبدأ في صنع البروتينات اللازمة لتجميع نسخ جديدة من SARS-CoV-2 وفي هذه المرحلة، تصبح الأمور غريبة.
وبدلا من الخروج مباشرة من غشاء الخلية، تتوقف فيروسات SARS-CoV-2 الجديدة عند بنية تشبه الفطيرة داخل الخلية تسمى “شبكة غولجي”.
وتعمل شبكة غولجي بمثابة مكاتب البريد للخلية، حيث تقوم بفرز ومعالجة البروتينات وإرسالها إلى وجهتها النهائية بعد تغليفها بطبقة واقية تسمى الحويصلة.
وتتسلل فيروسات SARS-CoV-2 عبر غشاء غولجي، وتتجمع هناك بالكامل وتستخدم قطعة من الغشاء لتشكيل غلافها الخارجي الواقي ثم تغلف شبكة غولجي كل فيروس في حويصلة ويرسله إلى سطح الخلية.
وقالت الباحثة كارولين ماتشامر، أستاذة علم الأحياء في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، إن SARS-CoV-2 ينبثق من الخلية كفيروس كامل تماما، على عكس الأنواع الأخرى من الفيروسات التي تتجمع عند ظهورها بسرقة قطعة من غشاء الخلية في طريقها للخروج.
وأضافت: “نحاول فهم استفادة الفيروس، لأنها طريقة غير فعالة للغاية للخروج من الخلية الفيروسات مبسطة للغاية، ويمكن أن تتحور، وإذا لم تكن العملية مفيدة، لكان الفيروس يقوم بها بطريقة مختلفة”.
وما يجعل من الصعب فهم هذا اللغز هو أن مركب غولجي حمضي، ومن المحتمل أن يدمر البروتينات الشائكة التي يستخدمها فيروس كورونا لإصابة الخلايا السليمة.
وأشار الباحثون إلى أن فيروس كورونا يبدو أنه اكتشف طريقة لتحييد درجة الحموضة في جسم غولجي حتى يتمكن من الحصول على غلاف الحويصلة دون الإضرار بالمسامير.
وفي النهاية، يمكن لكل خلية مصابة أن تطلق ملايين النسخ من الفيروس قبل أن تتفكك الخلية وتموت في النهاية.
وقالت ماشامر إن هذه الخطوات الإضافية، المتمثلة في الرحلة عبر شبكة غولجي ثم الخروج من الخلية، تمثل أهدافا واعدة للأدوية المستقبلية التي تسعى إلى وقف انتشار “كوفيد-19”.
وقال باحثون إن هذه الصفات في تكاثر SARS-CoV-2 شوهدت في فيروسات أخرى، لكنها اجتمعت بشكل فريد في فيروس كورونا الجديد.
وتستخدم بعض الفيروسات أيضا مركب غولجي في عملية التجميع، وأشهرها فيروس الحصبة الألمانية. وأوضحت ماشامر أن فيروسات أخرى مثل غرب النيل والتهاب الكبد سي، تظهر بشكل كامل من الخلية مثل SARS-CoV-2، لكنها تستخدم طريقة مختلفة للتجميع.