برنامج أعمال مثقل للكونغرس الأمريكي في نهاية العام
ولم يدخر الرئيس الأمريكي الخبير بكواليس الكونغرس، جهداً لدفع البرلمانيين لإقرار إصلاحاته الكبرى في قطاعات الصحة والتعليم والمناخ التي وعد بها خلال الحملة الانتخابية، بينما يقترب اقتراع منتصف الولاية الذي سيجري في نوفمبر(تشرين الثاني) 2022.
ولأن الغالبية الديموقراطية ضئيلة في كل من مجلسي النواب والشيوخ، تبدو هذه المفاوضات محفوفة بالمخاطر، وتهدف الخطة التي سميت “إعادة البناء بشكل أفضل” إلى إحداث تغيير في عمق المجتمع الأمريكي، لا سيما عبر خفض تكاليف رعاية الأطفال والتعليم، واستحداث ملايين الوظائف.
وينص الشق المتعلق بالمناخ على تخصيص 550 مليار دولار لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تراوح بين 50 و52% بحلول 2030، عما كانت عليه في 2005، وتقديم أموال ضريبية للطاقة الخضراء وحوافز للشركات من أجل تحفيز الابتكار التكنولوجي.
وأدت هذه الخطة إلى انقسام الديموقراطيين، وحصل الوسطيون منهم الذين دانوا الإنفاق المفرط، على تنازلات أغضبت الجناح اليساري في الحزب، وبعد مفاوضات شاقة، تم تخفيض قيمة الخطة إلى 1750 مليار دولار، أي أقل من نصف ما تم الإعلان عنه في البداية.
ويمكن إقرار الخطة بالغالبية البسيطة في المجلسين لكن يجب أن يكون المعسكر الديموقراطي في مجلس الشيوخ موحداً بسبب غالبيته المحدودة (50-50)، ويمكن عرض النص الذي تجري مناقشة الصيغة النهائية منه إلى مجلس النواب اعتباراً من الأسبوع المقبل أو بحلول منتصف نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل.
ويمكن أن يمنح تأييده جو بايدن نصراً سياسياً مزدوجاً مدوياً لأنه سيطلق التصويت على مشروع قانون كبير آخر، ويدعم الديموقراطيون وبعض الجمهوريين خطة واسعة بقيمة 1200 مليار دولار لتحديث البنى التحتية من الطرق إلى الجسور ووسائل النقل والإنترنت عالية السرعة والاستثمارات في شبكة السيارات الكهربائية.
وقد أقرها مجلس الشيوخ في أغسطس(آب)الماضي، لكنها عالقة في مجلس النواب حيث يطالب الديموقراطيون التقدميون بالتصويت عليها بالتزامن مع خطة “إعادة البناء بشكل أفضل”، خوفاً من أن يرفض الوسطيون دعم هذا المشروع المكلف للغاية بعد الحصول على الأموال لخطة البنى التحتية.
ويفترض أن يرفع سقف الدين الأمريكي بحلول الثالث من ديسمبر(كانون الأول) المقبل وإلا ستنفد أموال الولايات المتحدة، وحذرت وزيرة الخزانة جانيت يلين من أن تخلف الولايات المتحدة عن السداد سيسبب ضرراً لا يمكن إصلاحه للاقتصاد الأمريكي وسيؤدي إلى انفجار مالي عالمي.
ومع ذلك ما زال التصويت في الكونغرس بعيد المنال حيث يدافع الجمهوريون والديموقراطيون عن مواقف متعارضة، ويصر القادة الديموقراطيون على انضمام الجمهوريين إليهم للموافقة على هذا الإجراء، كما جرت العادة، وهم يشيرون غلى أن هذا حدث في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
ويرد القادة الجمهوريون بأنهم لن يوافقوا على مثل هذا الإجراء الذي يهدف برأيهم إلى تمويل خطط بايدن، وهم يرون أن الديموقراطيين يمكنهم أن يفعلوا ذلك بمفردهم بفضل الإجراء البرلماني الاستثنائي المستخدم في خطة الإصلاح الاجتماعي والمناخي.
ولكن الديموقراطيين يرفضون القيام بذلك حالياً حتى لا يضطروا إلى تحمل المسؤولية بمفردهم، وما يزيد من حدة المواجهة في الكونغرس هو أنها ستجرى بالتزامن مع المفاوضات لإقرار ميزانية جديدة قبل الثالث من ديسمبر(كانون الأول) المقبل.
وإذا لم يتوصل البرلمانيون إلى اتفاق قبل ذلك التاريخ، فسيتم قطع التمويل الفدرالي فجأة (وهو ما يُطلق عليه اسم “الإغلاق”)، ما يدفع مئات الآلاف من الموظفين إلى بطالة تقنية، والديموقراطيون بحاجة ماسة إلى دعم الجمهوريين للموافقة على قانون مالي جديد.