محليمنوعات

“معارك وأسئلة”.. مغامرات أمهات وآباء في الحجر الصحي

تحب نور عزيز (11 عاماً) الألعاب الإلكترونية ومشاهدة أفلام الكارتون، وتحرص الآن على متابعة كل شيء يتعلق بالقصص السياسية والإنسانية إضافة إلى قضايا تاريخية أخرى.

تقول أم نور لـ “ارفع صوتك”: “تغيرت رغبة نور ونظرتها تجاه كل شيء بطريقة تبعث على القلق والحيرة”.

كانت القصص السياسية والإنسانية والقضايا التاريخية التي تتعلق بدول العالم ككل متاحة لنور قبل ذلك، لكن مع الإغلاق وحظر التجوّل لمحاصرة جائحة كوفيد-19، بدأت تهتم بمتابعتها على نحو يثير تساؤلاتها اليومية و”الغريبة” كما تقول الأم.

تسأل نور مثلاً  “هل هذا هو شكل حياتنا؟”، وتجيبها والدتها على معظم أسئلتها، لكن الأب يدعوها عادة للتركيز في دراستها وما يتناسب مع مرحلتها العمرية بعيداً عن السياسية وغيرها.

تقول الأم “ربما سيواجه التعليم المدرسي بعد انتهاء أزمة كورونا في بلادنا تحديات تتعلق بمهارات الأطفال وقدراتهم الذاتية في المعرفة والاطلاع”.

ألعاب الإلكترونية

في منزل عائلة رائد فلاح (46 عاماً)، تفرض العزلة فكرة أن بعض الأمور التي تم منعها في السابق يسمح بها الآن، حسبما يقول.

ويضيف لـ”ارفع صوتك” إنه كان “منع أطفاله من ألعاب إلكترونية كثيرة، ولكن بعد تفشي الوباء سارع بتحميلها على الأجهزة الإلكترونية، بعد أن اختارها بعناية”.

ويتابع رائد “واجبي حمايتهم من الوباء الآن، وإقناعهم بضرورة البقاء في المنزل والابتعاد عن اللعب خارجه، لذا كان لابد من مساعدتهم في قضاء أوقات غير مملة، وهذا الأمر لن يكون إلاّ بشيء يحبونه ولا يعرضهم لأي أذى”.

يدرك رائد “المخاطر” كما يصفها، التي يمكن أن يتعرض لها أطفاله الذين تتراوح أعمارهم بين سبعة أعوام وعشرة أعوام، كانتهاك الخصوصية مثلاُ، يقول “فقدانهم بسبب الوباء أصعب عليّ، وأنا أشاركهم اللعب واهتماماتهم واختياراتهم”.

ساحة معارك!

في ذات السياق، تقول سعاد ياسين (49 عاماً) إن أطفالها يقضون يومهم كله في اختيار ألعاب ترتبط بممارسات عنيفة، وينتهي اللعب عادة بمعاقبتها لهم.

توضح لـ “ارفع صوتك” أن “فرض العزلة على أطفالها أثر على العلاقة بينها وبينهم، ليتحوّل المنزل الصغير إلى ساحة معارك يومية”.

وأطفال سعاد جميعهم ذكور، أعمارهم بين 9 و15 عاماً،  تقول “تغيّر مزاجهم كثيراً وأصبحوا أكثر تمرداً وعناداً”.

وتشير إلى إن أطفالها لا يمارسون إلا ألعاب مصارعة يتدربون مع بعضهم على مهارات قتالية، تعتمد على قواهم البدنية، فيتحول الأمر تدريجياً من متعة لديهم إلى مشكلة كبيرة.

الضغوط الحالية

من جهتها، ترى الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، أن “تأثير فيروس كورونا وتداعياته من حجر منزلي وغير ذلك من تباعد اجتماعي يمكن أن يفسر سبب تمرد الأطفال وعنادهم لعدم قدرتهم على استيعاب ما يحدث”.

وتضيف “عندما تكون هناك تغيرات في سلوكيات التعامل معهم من قبل الآباء والأمهات على شيء مثل السماح لهم بمزاولة ما كان مرفوضاً في السابق لمسايرة خطورة الوضع والسيطرة عليهم، فإنه من الصعب إقناعهم بشيء قد يُنظر إليه على أنه لا يناسبهم مستقبلا”.

وتتابع الصالحي “هنا تكمن تداعيات التحول في قراراتنا تجاه أطفالنا بسبب الضغوط الحالية”.

كما ترى أن “البعض لا يزال يعارض فكرة التساهل مع أطفاله، ويتحدث أيضاً عن عدم رغبته في التعاطف معهم، لأنه بالأساس لا يقتنع بخطورة الوباء أو وجوده، ولا يسمح بالتماهي مع سلوكيات أطفاله المتنمرة عندما يتعلق الأمر بالتعايش مع هذا الوضع حتى انتهاء أزمة الوباء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى