محلي

خبراء قانون يستعرضون عقوبات مطلقي الشائعات وملف الجريمة الاقتصادية

تتنوع الجرائم وعقوباتها التي تصل حد الإعدام بحسب القانون العراقي، من بينها الجريمة الاقتصادية، التي تمثل كل فعل يضر بالنظام الاقتصادي والسياسة الاقتصادية للبلد، وتحقيق ذلك عن طريق أساليب عدة ضمنها الشائعة التي تندرج أيضاً ضمن الجرائم.

بعد حديث مصادر قضائية عن تنفيذ قانون العقوبات بحق من يتسبب بهلع الناس ويتلاعب بقوت أصحاب الدخل المحدود، فتحت الوكالة الرسمية ملف الجرائم الاقتصادية والشائعات المرتبطة بها وتداعياتها على الاستقرار المالي والاقتصادي للبلد، عبر استعراض آراء خبراء قانون وتوضيح المواد القانونية التي تلاحق مرتكبي هذه الجرائم.

الجرائم الاقتصادية

استاذ القانون الدستوري، حيدر عبدالرضا الظالمي، يقول  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “هناك جرائم تزعزع الثقة المالية للدولة تعرف بالجرائم الاقتصادية، وهي جزء من جرائم الشائعة، إذ تقوم مجموعات بالإساءة وإضعاف الثقة التي يتمتع بها الدينار الوطني والعملة الوطنية، وإشاعة مجموعة من الأخبار الكاذبة الزائفة التي تضعف العملة الوطنية وقيمتها وثقة الجمهور والمواطنين بها، بغرض الاستفادة من ذلك”.

وأضاف الظالمي، أن “قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، عالج بعض تلك الحالات التي تؤدي إلى الإشاعة وتضر بالاقتصاد والعملة الوطنية، وهنالك مواد متعددة منها المادة 179 والمادة 180، وما يتعلق بشكل عام بالشائعة وتحديداً المادة 304، التي شددت العقوبة على من يستخدم العلانية في نشر المزاعم وبث الوقائع الكاذبة والتي من شأنها الإضرار بالنقد الوطني وإضعاف الثقة بالعملة الوطنية وما يتعلق بقيمة الدينار أمام العملة الأجنبية الأخرى، وتصل العقوبة فيها من سنتين إلى 7 سنوات فيما لوكان ناشر هذه الإشاعة موظف أو يعمل تحت امرة الدولة”.

ضبط إداري

وأكد قائلاً: “نحتاج إلى عملية تنفيذ ضبط إداري، وعلى وزارتي الداخلية والاتصالات مراقبة الصفحات التي تستخدم للترويج إلى هذه الشائعات الكاذبة، والسيطرة على الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وخاصة السوشيال ميديا، للحد من هذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على العملة الوطنية”.

وشدد على “ضرورة التعاون مع القضاء والقضاة لتشديد العقوبات على من يستخدم هذه الوسائل للإضرار بالعملة الوطنية، لاسيما وإن العراق يعاني في هذه الفترة من شائعات بهذا الشأن”، داعياً وسائل الإعلام إلى “أخذ الاخبار من مصدرها الرسمي للحيلولة دون وقوع أضرار على الاقتصاد الوطني والدينار العراقي”.

تفصيل قانوني

يقول الخبير القانوني، ماجد مجباس،  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “المشرع العراقي في الباب الخامس الفصل الخامس من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1996 النافذ المعدل، وتحت عنوان الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني والثقة المالية للدولة، قد جرم جملة من الأفعال التي نلاحظ ارتكابها يومياً من قبل الكثير من الأشخاص بعلم أو دون علم من خلال الوسائل العلنية، حيث نظم المشرع العراقي المواد (304، 305، و306) تجريم الأفعال التي تؤدي إلى إضعاف الثقة بالعملة والنقد العراقي أو المساعدة على إقبال المواطنين على سحب أموالهم من المصارف العراقية”.

وأضاف مجباس، أن “العقوبات تتراوح بين الحبس لمدة لا تقل عن سنة أو سنتين، وقد تصل إلى الحبس المشددة 7 سنوات في حال كان مرتكب الجريمة موظفاً أو مكلفاً بخدمة عامة”، مشيراً إلى أن “هذه الجرائم وردت في المادة 304 من قانون العقوبات، وتنص على الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين وغرامة لا تزيد عن 200 ألف دينار عراقي، أو إحدى العقوبتين كل من أذاع بطريقة علانية أخباراً ملفقة أو مزاعم وهو يعلم بتلفيقها أو كذبها، أثرت بالهبوط على الأوراق الوطنية أو إضعاف الثقة في نقد الدولة أو سنداتها أو سندات أخرى لها علاقة مع سندات النقد الوطني أو الثقة المالية”.

ولفت إلى أن “العقوبة تكون الحبس أو الغرامة وأن يعاقب بإحداها في حال تحقق شيء من ذلك، وفي حال آخر إذا كان من ارتكب ذلك الفعل موظفاً أو مكلفاً بالخدمة العامة أو لهُ صلة في تداول النقد أو السندات المشار إليها، أو في حال جمع هذين الظرفين المشددين تكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن 7 سنوات”.

وتابع: “تنص المادة 305 من قانون العقوبات، على العقاب بمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تزيد عن 200 ألف دينار عراقي، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حرض بأحد طرق العلانية وجرى على إثر ذلك سحب الأموال المودعة من المصارف أو الصناديق العامة أو أثر على بيع سندات الدولة أو غيرها من السندات العامة أو الإمساك عن شرائها، وتكون العقوبة الحبس أو الغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين في حال ارتكب الجريمة موظف أو مكلف بخدمة عامة له صلة في تداول السندات أو النقد”.

وأشار إلى أن “المادة 306 نصت على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تزيد على 200 ألف دينار عراقي، كل من لم يقبل أي عملة وطنية صحيحة متداولة قانوناً بقيمتها الرسمية سندية أو ورقية، وتكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تزيد عن 200 ألف دينار، أو إحدى العقوبتين في حال ارتكب ذلك الفعل موظفاً أو مكلفاً بالخدمة العامة له صلة بتداول العملة المذكورة”.

دعوة للادعاء العام والإعلاميين

ودعا مجباس، كافة المحللين والإعلاميين والمؤثرين في الشأن العام، إلى “أخذ المعلومات من مصادرها الرسمية المختصة في المسائل المالية والنقدية، وعدم الاجتهاد بحجة التحليل أو التأويل والذهاب الى مسائل قد توقعنا بالمحظور القانوني وارتكاب الأفعال المجرمة”.

وطالب، جهاز الادعاء العام بـ”متابعة مثل هذه الأفعال لأنها أفعال مجرمة، وتحريك الدعاوى الجزائية بحق الأشخاص الذين يرتكبون أفعالاً من شأنها أن تنطبق عليها أحكام المواد (304 و305 و306) من قانون العقوبات ضد الأفعال التي تؤثر على الاقتصاد الوطني أو تؤثر على الثقة المالية للدولة”.

السجن المؤبد

يقول الخبير القانوني علي التميمي،  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “الشائعات وأثرها على المجتمعات خطرة، كونها تحدث القلاقل والفوضى في الداخل وتؤثر على حياه المواطنين نفسياً، وبالنتيجة تسبب الاضطرابات والخلخلة في داخل المجتمع”، لافتاً إلى أن “قانون العقوبات العراقي عالج هذه الحالة من خلال المادة (179) والتي تضمنت عقوبة السجن 10 سنوات لكل من يشيع الإشاعات الكاذبة وترويجها خلال فترة الحرب حتى تصل إلى السجن المؤبد”.

وتابع: “كما أن المادة 180 من القانون نفسه تضمنت عقوبة السجن لكل من يقوم بإشاعة الأخبار الكاذبة التي تؤدي إلى فقدان الثقة بالاقتصاد والعملة وبالنتيجة تؤثر على الوضع الاقتصادي الداخلي”.

ولفت إلى أن “المادة 304 من قانون العقوبات كذلك تعاقب بالحبس لمدة سنتين لكل من أشاع أخباراً كاذبة تؤثر على الوضع الاقتصادي والعملة أو المركز المالي للبلد أمام العالم”.

وأوضح أن “هذه العقوبات هي موجودة في قانون العقوبات وهي مطبقة في حال إلقاء القبض على من يقوم بهذه الأعمال المخالفة للقانون، وهي تحتاج إلى جهد استخباري وبلاغات من المواطنين عن المروجين”.

عقوبات وغرامات

يقول الخبير القانوني، فيصل راضي ريكان،  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “من الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني والثقة المالية للدولة، هي تلك الجرائم التي نصت عليها المادة 304 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، والتي نصت على السجن لمدة لا تزيد على سنتين وبغرامة أو بإحدى العقوبتين على من أذاع بأحد طرق العلانية وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة وهو يعلم بتلفيقها أو كذبها وكان من شأنها إحداث هبوط في أوراق النقد الوطني أو إضعاف الثقة في نقد الدولة أو سنداتها أو أية سندات ذات علاقة بالاقتصاد الوطني أو الثقة المالية العامة”.

وأكمل ريكان: “وتكون العقوبة الحبس والغرامة أو إحدى العقوبتين إذا تحقق شيئاً من ذلك، وإذا ارتكب الجريمة موظف أو مكلف بخدمة عامة له صلة بتداول النقد أو السندات، وإذا اجتمع الظرفان المشددان تكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على سبع سنوات”.

وتابع: “أما المادة 305 من القانون فقد نصت على معاقبة كل من حرض بأحد طرق العلانية على سحب الأموال المودعة في المصارف بالسجن مدة لا تزيد على سنتين وغرامة أو بإحدى العقوبتين وتكون العقوبة الحبس والغرامة أو بإحدى العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة من موظف أو مكلف بخدمة عامة له صلة بتداول النقد، وفي المادة 306 نص المشرع على معاقبة الشخص بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لكل من لم يقبل أية عملة وطنية صحيحة متداولة قانونا بقيمتها، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة أو بإحدى العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة من موظف أو مكلف بخدمة عامة له صلة بتداول العملة”.

ونشرت هيئة الإعلام والاتصالات وثيقة وجهت إلى المؤسسات الإعلامية، انه “استناداً للصلاحيات المخولة لنا في تنظيم قطاعات الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بموجب الأمر (65) لسنة 2004 النافذ، ودعماً للاقتصـاد الوطني ومنع الإضرار بالمصالح العامة للدولة والخاصة للمـواطنين، توجه الهيئة بضرورة امتناع وسائل الإعلام عن نشـر أية أخبار مضللة أو غيـر دقيقـة عن العملة الوطنية والقطاع الاقتصادي اسـتناداً إلى لائحة قواعد البث الإعلامي الصـادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات (الباب الثاني/المادة 3).. “تلزم الهيئـة الجهـات الإعلامية المرخصة بالامتنـاع عـن تضليل الجمهـور عبر بث أية مادة تحوي معلومات كاذبة أو غيـر دقيقـة، بهدف الإساءة إلى سـمعة أشخاص أو شركات أو الإضرار بالاقتصاد الوطني والتأثير على الصحة العامة والبيئة”.

واضافت “بخلاف ذلـك تتحمـل الجهات الإعلامية المساءلة القانونية وفقـاً لبنود عقد الترخيص والصلاحيات المخولة لهيئة الإعلام والاتصالات والقوانين النافذة”.

زر الذهاب إلى الأعلى