أزمة أرمينيا تتعمق مع رفض الرئيس إقالة قائد عسكري
وجاءت هذه الخطوة فيما خرج آلاف المحتجين المعارضين إلى شوارع العاصمة الأرمينية يريفان لليوم الثالث توالياً للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان.
ويطالب المحتجون برحيل رئيس الوزراء على خلفية أسلوب تعامله مع الحرب مع أذربيجان العام الماضي، والتي يعتبرها الكثيرون إهانة وطنية.
اندلعت الاحتجاجات الجديدة التي استمرت بشكل متقطع منذ انتهاء القتال في نوفمبر (تشرين الثاني)، الخميس عندما تحدى باشينيان دعوة الجيش للاستقالة واتهم المؤسسة العسكرية بمحاولة الانقلاب.
وأمر باشينيان بإقالة رئيس الأركان أونيك غاسباريان وجمع حوالي عشرين ألفا من أنصاره في العاصمة يريفان.
لكن السبت، أعلن الرئيس الأرميني سركيسيان، الذي يعد منصبه رمزياً إلى حد كبير، في بيان أنّه لن يدعم هذه الخطوة.
وقالت الرئاسة في بيان إن “رئيس الجمهورية رد في إطار صلاحياته الدستورية مشروع المرسوم مع اعتراضات”. وأضافت أن الأزمة “لا يمكن حلها من خلال التغييرات المتكررة للمسؤولين”.
بدت قيادة الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب القوقاز وكأنها في طريق مسدود.
بعد فترة وجيزة من الإعلان، كتب باشينيان على فيس بوك أنه سيرسل الأمر إلى الرئاسة مرة أخرى، قائلاً إن قرارها لم ينزع فتيل الأزمة “على الإطلاق”.
في غضون ذلك، نظم عدة آلاف من المتظاهرين المعارضين مسيرة في وسط يريفان مطالبين باستقالة رئيس الوزراء.
وخرج كثيرون من النوافذ والشرفات على طول الطريق لتشجيعهم.
بحلول الساعة 7:30 مساء (15:30 ت غ) وصل الموكب المعارض إلى مبنى البرلمان، حيث أقام بعض المتظاهرين خيما، حسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
تجمع قرابة 5000 متظاهر هناك في مسيرة في وقت سابق اليوم وحثوا النواب على التحرك.
وقالت فيرا سيمونيان (28 عاماً) المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات لفرانس برس في المسيرة “يجب أن يغادر باشينيان من أجل دولتنا لأن مركزه ضعيف جداً اليوم. لا أحد يأخذه على محمل الجد”.
وقال رئيس الوزراء السابق فاسغين مانوكيان، الذي اختارته المعارضة ليحل محل باشينيان، للحشد إنه يتوقع “حل الأزمة السياسية في غضون يومين إلى ثلاثة أيام”.
وأضاف أنّ “باشينيان اليوم ليس لديه دعم، أدعو الأجهزة الأمنية والشرطة للانضمام إلى الجيش، لدعم الجيش”.
وواجه باشينيان انتقادات لاذعة منذ توقيعه اتفاق سلام بوساطة موسكو بشأن ناغورني قره باغ، وهي منطقة تقطنها عرقية أرمنية انفصلت عن سيطرة أذربيجان خلال الحرب في أوائل التسعينيات.
اندلع قتال جديد على المنطقة المتنازع عليها في أواخر سبتمبر (أيلول)، مع تحقيق قوات باكو، بدعم من حليفتها تركيا، مكاسب راسخة.
بعد ستة أسابيع من الاشتباكات والقصف الذي أودى بحياة حوالي 6000 شخص، تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار سلمت بموجبه أراض واسعة إلى أذربيجان وسمح بنشر قوات حفظ سلام روسية.
ويُنظر إلى الاتفاق على أنه إذلال وطني للكثيرين في أرمينيا، الدولة السوفياتية السابقة، لكن باشينيان قال إنه لم يكن أمامه خيار سوى الموافقة أو رؤية قوات بلاده تتكبد خسائر أكبر.
وقال صانع الأقفال أروت زاكاريان (53 عاماً) لفرانس برس في مسيرة السبت “يجب أن يكون مسؤولاً عن الهزيمة في الحرب وعن توقيع اتفاق مذل”.
على مدى أشهر، نجا باشينيان من الأزمة بدعم من الجيش الأرميني، لكنّ المؤسسة العسكرية انضمت أيضاً الخميس إلى دعوات تطالبه بالتنحي.
وقالت الأركان العامة للجيش في بيان إن رئيس الوزراء وحكومته “غير قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة”.
وباشينيان صحافي سابق ومعارض تاريخي دخل إلى السلطة. وقد وصل إلى السلطة في ربيع 2018 مدفوعاً بثورة واعدة بإخراج هذا البلد القوقازي من الفقر واجتثاث النخبة الفاسدة.
وشهدت أرمينيا منذ استقلالها مع سقوط الاتحاد السوفياتي في 1991 سلسلة من الأزمات والثورات السياسية سقط في بعضها قتلى.