لحظة توقيع هتلر خطة غزو الاتحاد السوفيتي
كشفت وثائق رفعت عنها السرية مؤخرا الكثير من التفاصيل الهامة عن أسرار خطة هتلر لغزو الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية.
وتشير الوثائق إلى أن القيادة السوفيتية العليا استقبلت العام الجديد 1941، بتلقي معلومات أولى تفيد بأن ألمانيا النازية أقرت خطة الحرب ضد الاتحاد السوفيتي.
وأصبحت تلك الإحاطة ممكنة بفضل عميل بارز للاستخبارات العسكرية السوفيتية، مناهض للفاشية، يدعى إيلس ستيبي، الذي دخل التاريخ بالاسم المستعار “ألتا”.
وكان هتلر وقع في 18 ديسمبر 1940 الأمر رقم 21 بشأن الاستيلاء على القسم الأوروبي من الاتحاد السوفيتي، والمعروف باسم خطة “بربروسا”.
وتتمثل فكرة الخطة في إلحاق هزيمة ساحقة بالجيش الأحمر في غضون بضعة أشهر والاستيلاء على أراضي الاتحاد السوفيتي باستخدام تكتيكات الحرب الخاطفة.
وسُميت الخطة تكريما للإمبراطور الروماني الشهير، فريدريك بربروسا، الذي توفى خلال الحملة الصليبية الثالثة، وسقط أثناء عبور النهر مرتديًا دروعا ثقيلة.
ويحمل الاسم الآن معنى رمزيا، إذ أن الغزو النازي بكل قوته للاتحاد السوفيتي غرق بطريقة مماثلة لغرق بربروسا.
وراهنت القيادة النازية الألمانية عند التخطيط للحرب ضد الاتحاد السوفيتي، على تضليل موسكو، ولذلك، كانت المهام الرئيسة المناطة بالاستخبارات النازية هي القيام بتدابير من شأنها منع القيادة السوفيتية من معرفة اللحظة التي ستتخذ فيها برلين القرار النهائي بشن الحرب ضد الاتحاد السوفيتي.
وتم إعداد خطة بربروسا نفسها وتوقيعها بسرية تامة، ولم يكن يعلم بوجودها سوى عدد قليل من أفراد النخبة العسكرية السياسية في ألمانيا النازية، ولذلك لم تتمكن الاستخبارات السوفيتية من الحصول على نص هذا الأمر. لكن اعتماد وثيقة ذات أهمية استثنائية يمكن رصده من خلال إشارات غير مباشرة تبرز من الصورة العامة، ومثل هذا الحدث البارز تمثل في خطاب هتلر في العاصمة الألمانية في 18 ديسمبر.
قبل عدة سنوات، نشرت الاستخبارات الخارجية الروسية، إلى جانب وثائق أخرى رفعت عنها السرية عن الأحداث عشية الحرب، مقتطفات من رسالة إلى موسكو من محطتها في برلين، والتي سجلت “تحولا جذريا” في سلوك هتلر.
وقالت تلك الرسالة: “المسألة الرئيسة التي تستحق الاهتمام هي خطاب هتلر في 18 ديسمبر في قصر الرياضة بمناسبة تخريج 5000 ضابط ألماني”. وكما يفيد رئيس محطة برلين العميل (حارس الغابة)، هاجم هتلر “الظلم السائد في العالم، حين يمتلك 60 مليونا روسيا سدس الكرة الأرضية، ويتجمع حوالي 90 مليون ألماني على قطعة من الأرض”. ودعا هتلر “الضباط الشباب إلى القضاء على هذا الظلم”.
وفي وقت لاحق، أرسلت الاستخبارات السوفيتية، الخارجية والعسكرية، على حد سواء معلومات إلى موسكو تشير إلى أن ألمانيا كانت تستعد لشن حرب في الشرق (نحو روسيا). لكن المعلومات الأولى التي تفيد بأن النازيين كانت لديهم خطة إستراتيجية وصلت إلى موسكو في 29 ديسمبر 1940 من خلال مديرية الاستخبارات التابعة للجيش الأحمر.
وأفاد الملحق العسكري لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية في ألمانيا، فاسيلي توبيكوف، أن العميل “ألتا” ذكر أن هتلر أصدر أمرا بالاستعداد للحرب ضد الاتحاد السوفيتي، وأن هذه المعلومات جاءت من عميل “آري” آخر.
و”ألتا” هي الصحفية الألمانية المناهضة للفاشية، إيلشزا ستيبي، فيما “آري” كان الدبلوماسي الألماني، رودولف فون شيليا.
ووصلت هذا التقرير إلى يوسف ستالين وفياتشيسلاف مولوتوف، وكذلك إلى مفوض الشعب للدفاع، سيميون تيموشينكو، ورئيس الأركان العامة، كيريل ميريتسكوف.
وكما قال المؤرخ الرئيس لمديرية استخبارات هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فلاديمير لوت: “في النصف الأول من عام 1941، وصلت المعلومات من ألتا إلى موسكو التي أوضحت خطة عملية بربروسا وتوقيت هجوم ألمانيا على الاتحاد السوفيتي”.