وفاة اسطورة الاستخبارات السوفيتية
أعلن جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية عن وفاة رجل الاستخبارات السوفيتي الأسطوري، العميل المزدوج البريطاني جورج بليك، اليوم السبت عن عمر ناهز 99 عاما.
وقال مدير المكتب الإعلامي لجهاز الاستخبارات، سيرغي إيفانوف، في حديث إلى وكالة “تاس”: “رحل ضابط الاستخبارات الأسطوري العقيد المتقاعد في جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، جورج بليك. كان يحب بصدق بلدنا، وأعجب بالإنجاز البطولي لشعبنا خلال الحرب الوطنية العظمى”.
وكشف إيفانوف لصحيفة “روسيسكايا غازيتا” أن بليك الذي سبق أن احتفل في 11 نوفمبر الماضي بعيد ميلاده الـ98 أصيب فجأة بارتفاع ضغط الدم، مضيفا أن فريق الإسعاف وصل إليه على وجه السرعة وتمكن من إعادة تطبيع الضغط، لكن سرعان ما تفاقمت صحة رجل الاستخبارات الأسطوري مجددا، وفارق الحياة بعد عدة دقائق.
وأفادت الصحيفة بأن أسباب وفاة بليك كانت طبيعية ولا علاقة لها بجائحة فيروس كورونا المستجد.
وولد بليك في مدينة روتردام الهولندية في عام 1922، وكانت والدته هولندية ووالده مصري من أصول يهودية.
وشارك بليك بنشاط في المقاومة الهولندية إبان الحرب العالمية الثانية، وفر في عام 1942 إلى بريطانيا، حيث التحق بالبحرية الملكية، ثم انضم إلى جهاز الاستخبارات البريطاني MI6 وكان يساعده في تجنيد عناصر جدد بأوروبا الشرقية.
وفي عام 1948 أوفد بليك إلى سيئول تحت غطاء منصب نائب القنصل البريطاني، وتم أسره مع غيره من الدبلوماسيين البريطانيين لدى كوريا الشمالية إبان الحرب الكورية التي اندلعت في يونيو 1950.
وأمضى بليك ثلاث سنوات (حتى عام 1953) محتجزا في كوريا الشمالية، حيث رأى آثار قصف هذه البلاد واطلع على العقيدة الماركسية وأصبح شيوعيا.
وشدد بليك مرارا لاحقا على أنه لم يتعرض لأي ضغط لتغيير مواقفه السياسية، وكان قراره باعتناق الأفكار الماركسية طوعا بمحظ إرادته.
ومنذ ذلك الحين، انطلق تعاون بليك مع الاتحاد السوفيتي والذي استمر أكثر من 20 عاما.
وسلم بليك خلال هذه الفترة إلى موسكو كميات ضخمة من البيانات السرية التي أتاحت للمخابرات السوفيتية الكشف عن العديد من العملاء المزدوجين البريطانيين.
وتم اكتشاف بليك في بريطانيا عام 1959 وفي عام 1961 أمرت محكمة مغلقة بسجنه لمدة 42 عاما (أي ثاني أطول عقوبة سجن في تاريخ المملكة المتحدة).
وأمضى بليك خمس سنوات وراء القضبان، وفي عام 1966 هرب من السجن بمساعدة معتقلين آخرين من النشطاء المناهضين لبرنامج بريطانيا النووي العسكري.
واستطاع بليك الفرار من بريطانيا عبر قناة المانش ووصل بسلامة إلى ألمانيا الشرقية، ومنها إلى الاتحاد السوفيتي.
وكان بليك يقيم منذ ذلك الحين في موسكو وظل حتى وفاته ملتزما بالشيوعية.
وأعرب بليك في نوفمبر 2017، بمناسبة عيد ميلاده الـ95 عن قناعته بأن خياره كان صحيحا، قائلا إن رجال الاستخبارات الروس يواجهون مهمة إنقاذ العالم من خطر الحرب النووية في ما وصفه بـ”المعركة بين الخير والشر”.