دولي

قصص إعلامية تشير إلى نهاية الحرب الأوكرانية

أربع قصص إخبارية خلال أسبوع واحد، تمثل نقطة تحول في كيفية تغطية وسائل الإعلام للحرب.

نشرت شبكة “إن بي سي نيوز” بهدوء، القصة المناهضة لأوكرانيا الأكثر إثارة للجدل يوم الجمعة، حيث نقلت عن مصادر أن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين طرحوا الموضوع غير المريح، وهو مفاوضات سلام مع أوكرانيا، بما في ذلك “الخطوط العريضة جداً المتمثلة فيما قد تضطر أوكرانيا إلى التخلي عنه للتوصل إلى اتفاق مع روسيا”.

وكان ذلك تقريراً حربياً مذهلاً، حسب افتتاحية موقع “tiipinsights” الأمريكية، مشيراً إلى أن التغطية الإعلامية خلال الحرب التي دامت أكثر من 20 شهراً بين روسيا وأوكرانيا، اتسمت في المقام الأول بأنها أحادية الاتجاه، وهي أن أوكرانيا تحقق مكاسب كبيرة بمساعدة الغرب، وأن روسيا تتكبد خسائر فادحة.. وكان النصر التام المتمثل في دحر الروس عن كل شبر من أرض أوكرانيا يمثل تحدياً كبيراً، لكنه ليس مطلباً بعيد الاحتمال، وهكذا ظل هو الهدف.. وبالتالي سيواصل الغرب تقديم الأسلحة والمعونات للصراع مهما تطلب الأمر، وكان أي حديث عن السلام شيئاً سابقاً لأوانه ومهيناً لكييف، لأن أوكرانيا وحدها هي التي ينبغي لها ويمكنها النظر في هذه العوامل.

تغطية متحيزة

وأضافت الافتتاحية أن الحقيقة هي أن مثل هذه التغطية المتحيزة المؤيدة لأوكرانيا أهانت القراء، فأي شخص يتابع الحرب عن كثب يعرف أن كييف تعتمد بشكل كامل على واشنطن والعواصم الغربية، بما في ذلك اعتمادها عليها كمصدر للإستراتيجيات العسكرية والدبلوماسية.

وقبل أيام قليلة من نشر القصة التي نشرتها شبكة “إن بي سي”، نُشر تقرير آخر من كييف لمراسل مجلة “تايم” سايمون شوستر، الذي مُنح إمكانية الوصول القريب والحصري إلى كبار مستشاري الرئيس زيلينسكي، باعتباره المراسل الذي كتب المقال عن جائزة شخصية العام 2022 التي فاز بها زيلينسكي.

وذكر شوستر أنه باعتراف كبار مستشاري زيلينسكي، فإن هذه الحرب لا يمكن لأوكرانيا الفوز بها حالياً.. وكان هذا كشفاً آخر مثيراً.

تزامنت القصة التي نشرتها “تايم” مع مقالين آخرين نُشرا في الصحافة البريطانية، حيث ذكرت مجلة “إيكونومست” أن القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، الجنرال فاليري زالوجني، يؤمن بأن الحرب وصلت إلى طريق مسدود.

وخلافاً للحال في الولايات المتحدة، فإن القائد العام للقوات المسلحة في أوكرانيا ليس رئيسها بل الضابط الأرفع رتبة فيها.. وكان شيئاً غير عادي كشف شخص في منصبه أن أوكرانيا لا تحرز أي تقدم في هجومها المضاد، فيما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان صراحة في أغسطس (آب)، إن الصراع لم يصل إلى طريق مسدود.

وذهبت مجلة “إيكونومست” إلى أبعد من ذلك، ناشرةً مقالاً مصاحباً كاملاً للجنرال يشرح بالتفصيل الحاجة إلى أسلحة متطورة، أما الأسباب وراء إقدام الأوكرانيين المعروفين بتكتّمهم على الكشف علناً عن جاهزيتهم (أو عدم جاهزيتهم) العسكرية فهي مثار حيرة ودهشة.

وفي يوم السبت، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الكبرى قصة انتقد فيها مكتب الرئيس زيلينسكي تقييم الجنرال بأن القتال وصل إلى طريق مسدود، متحججاً بوضوح بأن مثل هذا التصريح مفيد للروس.. وتحت السطح، سلط هذا التقرير الضوء ولأول مرة على الانقسامات في الصفوف العليا للقيادة الأوكرانية.

تصدع الولاءات

صار الصدع في الولاء أكثر وضوحاً عندما قام زيلينسكي، في اليوم السابق، بإقالة أحد نواب الجنرال، وهو رئيس قوات العمليات الخاصة، ولم يكن الجنرال ولا النائب المُقال على علم بأن الإقالة وشيكة.. وفي مقابلة مع صحيفة “التايمز”، قالت النائبة المعارضة سولوميا بوبروفسكا، عضو لجنة الدفاع والاستخبارات بالبرلمان: “الإقالة تبدو كتدخل سياسي في القوات المسلحة وأعمالها القتالية”.

وأضاف الموقع الأمريكي: “الأمر اللافت للنظر أيضاً هو مدى خطأ العارفين بالأمور وكم ظلوا يضللوننا.. ففي 4 يونيو (حزيران)، أي اليوم التالي لبدء الهجوم المضاد، نقلت صحيفة “يو إس أيه توداي” عن الجنرال الأمريكي المتقاعد ديفيد بتريوس، قوله: “كثيرون من الجنود الروس ظلوا منخرطين في القتال منذ عام أو أكثر بشكل متواصل من دون أن يتم استبدالهم، فهم لا يسحبون وحداتهم لإعادة تشكيلها بعد تعرضها لخسائر، مكتفين بالدفع بأفراد بديلين على درجة من سوء التدريب والتجهيز”، وأما القوات الأوكرانية فتتدرب منذ عدة أشهر، وعلى درجة كبيرة من الانضباط، مضيفاً بأنهم “يتمتعون بقيادة جيدة، والآن مجهزون جيداً بالدبابات ومركبات المشاة القتالية الغربية”.

وحتى يوم 24 أغسطس (آب)، كان بترايوس ما زال متفائلاً، حيث قال في مقال رأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، إن “الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا قد يفاجئ المنتقدين”.

لحظة محورية في التغطية الإعلامية للحرب

ووفق افتتاحية موقع “tippinsights”، تمثل هذه القصص الإعلامية الأربع مجتمعة، وكلها نُشرت في غضون أسبوع، لحظة محورية في التغطية الإعلامية للحرب، “ولا شك أننا لاحظنا في أغسطس (آب) أن وسائل الإعلام بدأت تركز على أوكرانيا، ناشرةً المزيد من القصص السلبية مقارنة بالدعاية التي كانت تدق طبول الحرب من قبل، لكن هذا الأسبوع كان لافتاً للأنظار من حيث التحول في السرد.. ويشير هذا إلى حقيقة مزعجة بالنسبة للمحافظين الجدد الذين يناضلون من أجل المزيد من تمويل الحرب، وهي أن الحرب ربما باتت أخيراً تقترب من نهايتها”.

وأضافت الافتتاحية: “كما أشرنا بالأمس، يبدو أن الديمقراطيين وبعض أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ عالقون بشأن تمويل تأمين الحدود وتمويل أوكرانيا، وازدادت قدرتهم التفاوضية ضعفاً الآن فيما يُدفعون أكثر وأكثر إلى الزاوية، إلا إذا اتبعوا نهج “نحن نعرف أكثر مما تعرفون” وفرضوا على دافع الضرائب الأمريكي قبول تمويل الحرب.. ونأمل ألا يسمح لهم رئيس مجلس النواب جونسون بذلك”.

فالولايات المتحدة مدينة بمبلغ 34 تريليون دولار، ويرغب الكثير من الأمريكيين في فرض التقشف المالي، ويشعرون بالقلق إزاء الاقتراض غير المستدام الذي تقْدم عليه حكومتهم، فوفقاً لاستطلاع رأي أجراه معهد TIPP مؤخراً، وتم الانتهاء منه يوم الجمعة، فإن 49% فقط من الأمريكيين يوافقون على استمرار الدعم المالي لأوكرانيا، فيما أعرب 46% من المشاركين في الاستطلاع عن عدم رضاهم عن جهود الرئيس بايدن للتوصل إلى تسوية.

ومن شأن تطورات هذا الأسبوع أن تُشعر الملايين من الأمريكيين وأكثر من 30% من الأوكرانيين بالسعادة، حيث يبدو أن نهاية الحرب تلوح في الأفق، وفق الافتتاحية.

زر الذهاب إلى الأعلى