اقتصادمحلي

النفايات في العراق.. ثروة مهملة تفتقر للاستثمار

ينتج العراق 20 مليون طن يومياً من النفايات، فيما تفرز أمانة بغداد لوحدها 9 آلاف طن يومياً، وتعد هذه الكميات ثروة هائلة تنتظر الاستثمار من خلال إعادة تدويرها لإنتاج مواد جديدة قابلة للاستعمال، وفي الوقت نفسه المحافظة على البيئة وتوفير فرص عمل للعاطلين.

وتتمثل المواد القابلة للتدوير في المعادن، مثل الحديد والألمنيوم والفولاذ والبلاستيك والزجاج والورق والكرتون المقوى وإطارات السيارات والمواد النسيجية، ويمكن أيضاً إعادة تدوير مياه الصرف الصحي.

كما أن المواد الإلكترونية قابلة لعملية التدوير. وبحسب الأمم المتحدة، فقد تم إلقاء 41 مليون طن من النفايات الإلكترونية عام 2014 في مكبات القمامة، وتم تدوير نحو سدس النفايات الإلكترونية بشكل صحيح عام 2014.

وبدأت الدول تلجأ إلى تدوير النفايات في ظل التطور الصناعي والتكنولوجي المتلاحق، لكن في العراق لا يزال الاعتماد على الطرق التقليدية للتخلص منها فقط دون الاستفادة منها.

وتغطي النفايات مساحات كبيرة في مختلف المحافظات العراقية مما يجعلها عرضة للحرق من قبل المواطنين للتخلّص منها ومن الروائح الكريهة المنبعثة منها، الأمر الذي يتسبّب في تصاعد الأبخرة السامة في تلك المناطق، وبالتالي في اختناقات بين السكان.

رغم أن العراق يعد أكثر البلدان تعرضاً لخطر التلوث البيئي بسبب المخلفات الناتجة عن الحروب والنفايات المنتشرة في مراكز المدن والأقضية والنواحي وحتى في القرى والمناطق الريفية.

ولهذا يعد العراق من أغرب البلدان من ناحية التعامل مع النفايات ليس من جانب أنها مؤذية للطبيعة وللبيئة فقط، وإنما كونها ثروة هائلة لم تستثمر حتى الآن، بحسب الخبير البيئي أحمد صالح.

ثروة هائلة مهملة

ويؤكد صالح في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، “يجب أن لا ننظر إلى النفايات على أنها مخلفات ضارة فقط، أو كيف يمكن التخلص منها، بل على اعتبارها ثروة هائلة وباب اقتصادي تعتمد عليه الكثير من دول العالم، التي تصنع من مخلفاتها طاقة، لأن التحلل ينتج غاز الميثان وغيرها من الغازات التي من الممكن استخدامها في إنتاج مواد جديدة”.

ويضيف، “على سبيل المثال معمل السكر كان ينتج البكاز، وكانت مخلفات قصب السكر تذهب إلى معمل الورق، والبيتموس يستخدم كتربة بديلة، ومخلفات معمل البلاستيك تصنع منها الأدوات الثنائية المعادة وبصورة جيدة، على اعتبار أنها معادة مرة واحدة”.

ويتابع صالح، “وكذلك مخلفات التمور تصنع منها الخل والمربيات وغيرها، ومخلفات النجارة تصنع منها الأبواب والألواح الخشبية المضغوطة”.

وينبّه أن “مخلفات معامل الزيوت النباتية تلقى في النهر، وفي داخل هذه المعامل هناك معامل مرافقة تسمى (معامل المساحيق) التي تنتج الكثير من الفضلات مثل السلفونيك والكوستيك وغيرها من المواد التي من الممكن تحويلها إلى مواد مثل مُبيدات أو أسمدة أو فوسفات أو عناصر صغرى تدخل في عملية الأسمدة للمشاتل”.

ويؤكد “وكذلك الحال مع العشرات من المصانع التي تلقي بمخلفاتها المصنعية دون الاستفادة منها من خلال إعادة تدويرها”.

استثمار النفايات

يدعو مختصون إلى ضرورة استثمار تدوير النفايات كونها تعطي قيمة اقتصادية، من خلال إقامة مشروعات تستثمر النفايات وتعمل على تدويرها صناعياً في إنتاج العديد من المنتجات، ومن أهمها السماد العضوي بالنسبة للنفايات المنزلية، وصفائح الألمنيوم والحديد، بالإضافة إلى الأكياس وعلب الحفظ والمواد المطاطية.

وتكمن الأهمية الاقتصادية لتدوير النفايات بحسب الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد عيد “في توفير اليد العاملة وفتح مجال التشغيل، فضلاً عن إتاحة فرص الاكتفاء الذاتي للعديد من المواد، وإمكانية تصديرها حفاظاً على العملة الصعبة التي تخرج من البلاد باتجاه إيران وتركيا والصين لاستيراد بضائع وسلع يمكن صناعتها محلياً من خلال تدوير النفايات”.

ويوضح عيد في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “الإنتاج المحلي من المخلفات وعملية التدوير يتيح الفرص البديلة في توجيه الإنتاج للتصدير أو للسوق المحلي مما يعطي معدل عائد مالي داخلي أعلى وأكفأ اقتصادياً”.

مشروع تدوير النفايات

تدرس أمانة بغداد إدارة النفايات ومعالجتها عبر طرق فعّالة لإنتاج الطاقة الكهربائية أو غاز الميثان أو فرزها وبيعها لإعادة تدويرها من جديد، وفق المدير العام لدائرة العلاقات والإعلام في أمانة بغداد محمد الربيعي.

ويوضح الربيعي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “مشروع تدوير النفايات استثماري، وتم تشكيل لجنة من قبل رئيس مجلس الوزراء تتضمن أمين بغداد، ووزارتي البيئة والكهرباء، والهيئة الوطنية للاستثمار، وهيئة المستشارين في مجلس الوزراء”.

ويضيف، أن “هذه اللجنة تضمنت لجنة فرعية في أمانة بغداد تشمل مدير دائرة المخلفات الصلبة، ومديرية التخطيط والمتابعة، ومديرية المجاري، وهذه اللجنة عقدت اجتماعات عديدة منذ 6 أشهر والعمل جارٍ على دراسة عروض قرابة 40 شركة تقدمت للمشروع، أغلبها أجنبية والبعض منها شركاء مع رؤس أموال عراقية”.

ويبين، أن “المشروع لكونه استثماري، رأى أمين بغداد أن يُعرض على هيئة الاستثمار الوطنية ويأتي العرض الأفضل منها لتتعاقد معها أمانة بغداد”، مؤكداً أن “العروض حالياً تحت الدراسة وبانتظار إقرار الأفضل بينهم لاختياره”، مُعرباً عن أمله بنجاح الفكرة لحل أزمة إدارة النفايات في بغداد.

زر الذهاب إلى الأعلى