دولي

قصص مرعبة يرويها الفارون من الصراع الدامي في السودان

نشرت صحيفة The Times البريطانية تقريراً عنوانه “فررنا من التطهير العرقي في الحرب الأهلية السودانية”، يرصد قصصاً مرعبة يرويها الفارون من الصراع الدامي.

إذ كان السودان قد شهد، منذ يوم 15 أبريل/نيسان 2023، انفجاراً عنيفاً في الموقف المتوتر بين الرجلين القويين المتنافسين على السلطة في البلاد، الجنرال عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد وقائد القوات المسلحة السودانية، والجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف على نطاق واسع باسم حميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع، حيث بدأت حرب شوارع في الخرطوم، ثم امتدت إلى جميع أنحاء البلاد.

بدأ القتال في العاصمة، الخرطوم، لكن لربما كانت التكلفة البشرية الأكثر كارثية على بُعد نحو 800 كم في دارفور، حيث شنَّت الميليشيات المعروفة باسم “الجنجويد” –والتي تعني “جن على ظهر فرس”- في عام 2003 ما تصفها تقارير أممية بأنها أول إبادة جماعية في القرن الجديد. ويُقدَّر أنَّ 300 ألف إفريقي من ذوي البشرة السوداء قُتِلوا وشُرِّد نحو مليوني شخص. وهم يجتاحون دارفور مجدداً على ظهر الجمال والخيول والشاحنات، يُذبِّحون ويغتصبون ويحرقون كل شيءٍ في طريقهم.

فرّوا من الحرب في السودان بأعجوبة

في ظل شجرة تضربها أشعة الشمس، على ضفاف مجرى نهر جاف، كانت روان أبوبكر (5 سنوات) تنام نوماً متقطعاً. وكانت أختها هميرا (14 عاماً) تجلس بجوارها. إنَّها جائعة للغاية. فالساعة الرابعة مساءً ولم تأكلا شيئاً. وتعتقد هميرا أنَّهما أكلتا القليل مساء بالأمس. ولم يتبقَّ شيءٌ اليوم. وتقول: “لا يوجد طعام هنا”.

يمتلئ المشهد المقفر الموحش بعشرات الآلاف من الآخرين مثليهما، معظمهم من النساء والأطفال المنهكين الصامتين. وهم يجلسون في ملاجئ مصنوعة من الأوشحة والعصيّ والألواح البلاستيكية التي لا تخفف من درجات الحرارة التي تبلغ 35 درجة مئوية والأمطار التي تتساقط يومياً وتحيل الأرض إلى طين. ولا توجد مراحيض. وتتوقع وكالات الإغاثة تفشي الكوليرا في أي يومٍ الآن. ويواجه الناس مجاعة.

لكنَّ ذلك كله يظل يبقى أفضل مما تركوه وراءهم حين عبروا الحدود من السودان إلى تشاد قبل بضعة أسابيع. ولا يعرف أحد بالضبط عدد الموتى، لأنَّه لا يوجد إنترنت أو شبكة هاتف تقريباً، ومعظم المعلومات التي تتسرَّب تأتي من الفارِّين. وتُظهِر مجموعة صغيرة من الصور ومقاطع الفيديو قرى وبلدات تحوَّلت إلى أراضٍ قاحلة مشتعلة، ورجالاً يحملون أسلحة يجولون بسرعة في شاحنات صغيرة ويطلقون النار كيفما شاؤوا لأنَّهم يعلمون أنَّهم لن يواجهوا أي عواقب. ويروي أولئك الذين ينجحون في الفرار قصصاً عن مسلحين يذبحون الناس في بيوتهم ويقتلون مَن يحاول الفرار.

هذه حالة تطهير عرقي على نطاق واسع. وهذه المرة، تُعَد “قوات الدعم السريع” –الاسم الرسمي للميليشيات- أكثر قدرة بكثير للقتل بسرعة مما كانت قبل 20 عاماً لأنَّها مسلحة وتقول تقارير غربية إنها مدعومة من مجموعة فاغنر، الشركة شبه العسكرية الروسية التي تقاتل أيضاً في أوكرانيا وقامت هذا الأسبوع بمحاولة تمرد فاشلة ضد الكرملين.

زر الذهاب إلى الأعلى