مقابل 7 آلاف يوميًا.. “العمالة” تنهش جسد الطفولة.. “إنذار داخل العراق”
قيس حسن، طفل في الثانية عشر من عمره، يعمل في محل لتصليح إطارات السيارات قرب بعقوبة مركز محافظة ديالى، بعد أن نزح مع اسرته الى المدينة، اظطر الى العمل وترك الدراسة لإعانة والده المريض، لينهي يومه الشاق بـ 7 الاف دينار تسد رمق عائلته.
قيس انموذجاً للكثير من أطفال العراق، فالمعيشة باتت تثقل كاهل رب الاسرة وتحمل الأبناء أعباء توفير لقمة العيش، وتسلبهم أجمل لحظات حياتهم وحقهم بالطفولة والتعليم، فتدفع بهم الى العمل وترك الدراسة.
أرقام مخيفة
مدير مفوضية حقوق الانسان في ديالى، صلاح مهدي، قال إن عمالة الاطفال ترتفع في ديالى من 2-3% كل سنة، ولكن في محافظات اخرى الوضع ربما أصعب، مؤكدا أن 70% من العمالة هي لأطفال نازحين بشكل مباشر.
واوضح مهدي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” أن “هناك ثلاثة اسباب مهمة كانت وراء تصاعد عمالة الاطفال في ديالى بشكل مباشر، أبرزها الاضطرابات الامنية وتأثيرها المباشر على حياة الاف الاسر من حيث النزوح وفقدان فرص العمل، وصولا الى الاهتزازات الاقتصادية المتكررة الذي ضغطت بقوة ودفعت مئات الاطفال الى مهن مختلفة اغلبها خطرة لا تتلاءم مع حياتهم”.
الملف على طاولة البرلمان
من جانبه، قال عضو مجلس النواب سالم العنبكي إن عمالة الاطفال ليست وليدة اللحظة بل ظاهرة برزت منذ سنوات طويلة في العراق واسبابها اقتصادية بشكل مباشر وهي تتفاوت في نسبها بين محافظة وأخرى.
وبين العنبكي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” أن الاضطرابات الامنية بعد 2006 واحداث حزيران في 2014 ساهمت بشكل كبير في ارتفاع نسبة عمالة الاطفال بشكل كبير، مشيرا الى أن المشكلة الاهم هي عمل بعض الاطفال في مهن خطيرة وجزء منهم يضطر الى ترك مقاعد الدراسة.
وأكد أن هناك جهوداً لفتح هذا الملف من اجل ايجاد حلول له.
أسباب أمنية واقتصادية
الناشط الحقوقي محمد فؤاد أوضح أن عمالة الاطفال موجودة في كل المجتمعات وبرزت بشكل أكبر في زمن الحصار الاقتصادي في عقد التسعينات وكانت الاكثر قساوة آنذاك.
وقال فؤاد في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن الظاهرة لم تختفي بل تتفاوت في نسبها بين فترة وأخرى، مشيرا الى أن اهم عوامل عودة عمالة الاطفال بشكل لافت في السنوات الاخيرة هي النزوح القسري وفقدان الآف الاسر المعيل، فضلا عن ازمة الجفاف التي تضرب قطاع الزراعة، ما ادى الى شلل في مناطق مترامية سواء في الجنوب او الوسط وحتى ديالى.
واشار الى أنه لا توجد إحصائية مؤكدة عن عمالة الاطفال في البلاد، إلا انها تشكل مسارا مثيرا للقلق.
ودشنت منظمة العمل الدولية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في عام 2002 لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة.
وفي كل عام في 12 حزيران، يجمع اليوم العالمي الحكومات ومؤسسات أرباب العمل والعمال والمجتمع المدني، فضلا عن ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم لإلقاء الضوء على محنة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم.