أكبر مصدر للمياه العذبة.. 50% من بحيرات العالم في مهب الجفاف
لا تتوقف فصول الكوارث التي تجرها ظاهرة التغير المناخي على الأرض وسكانها، بما تنطوي عليه من احتباس حراري وجفاف وتصحر وشحة أمطار، والتي باتت تهدد بانهيار التوازن البيئي في مختلف قارات العالم، وباضمحلال وجفاف بحيراتها وأنهارها ومسطحاتها المائية.
وفي هذا السياق أظهرت دراسة جديدة أن كمية المياه تتقلص في أكثر من نصف بحيرات العالم وخزاناته، وهو اتجاه يهدد هذا المصدر الحيوي للمياه العذبة ويُعزى لحد كبير إلى الاحتباس الحراري والإفراط في استخدام البشر لها.
وفق الدراسة التي نُشرت الخميس، في مجلة “ساينس” العلمية، يعيش نحو 25 % من سكان العالم في مناطق تعاني بحيراتها من الجفاف أو تتبخر المياه في سدودها.
مصدر المياه العذبة
تغطي البحيرات قرابة 3 % من سطح الأرض، لكنها تمثل 87 % من المياه العذبة السائلة عليها، وهي تُستخدم للاستهلاك البشري أو الزراعة أو حتى لإنتاج الكهرباء.
وكانت دراسات سابقة قد عاينت جفاف وتدهور حالة البحيرات الكبرى بشكل منفرد، لكن هذه الدراسة هي الأولى التي تقدم عرضا تفصيليا للاتجاهات العالمية وأسباب التغييرات المرصودة، وذلك بفضل أرصاد الأقمار الاصطناعية.
ماذا يحدث؟
يقول الأكاديمي وخبير الاستراتيجيات والسياسات المائية الدكتور رمضان حمزة، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية:
لدى مختلف الأوساط العلمية حول العالم إجماع على أن تغير المناخ وتأثيره المباشر على الموارد المائية أصبح يشكل أحد التحديات العالمية الكبرى في القرن الحادي والعشرين، ولا سيما خلال السنوات الأخيرة.
عواقب التغير المناخي الوخيمة تطال مختلف أنحاء العالم، فمن جفاف أنهار وبحيرات أوروبا إلى جفاف نهر كولورادو في أميركا، يبدو واضحا أنه لا أحد بمنأى عن دفع الضريبة الثقيلة، ولكن يبقى المتضرر في المقام الأول الدول النامية والأكثر حرمانا وفقرا، أي الأقل استعدادا والأضعف جهوزية لمواجهة الآثار المدمرة لتغير المناخ على مواردها ومسطحاتها المائية.
المصادر المائية هي الأكثر عرضة للندرة والشحة، في ظل تغير مناخ كوكب الأرض بوتيرة متصاعدة غير مسبوقة، وتقلباته العاصفة بالتوازن الطبيعي والأحيائي.
تغير المناخ المستفحل يفضي بطبيعة الحال إلى زعزعة الأوضاع البيئية والاجتماعية في العالم أجمع، كون المياه هي مصدر الحياة وأساس التنمية، وبإمكان الاضطرابات والصراعات الناجمة عن نقص المياه وعلى مصادرها، أن تقوض عملية صون النظم الإيكولوجية الطبيعية، وتدمر استدامة النظم الاجتماعية والاقتصادية.
جفاف الكثير من البحيرات وخزانات السدود إن كليا أو جزئيا، يؤثر على جودة المياه، بسبب زيادة الملوحة وزيادة تركيز المعادن الثقيلة فيها، وبالتالي تغدو ذات تأثير بالغ السلبية على سلامة وصحة البشر، وهو ما يحدث الآن بالفعل.
يؤثر نقص المياه سلبا على نمو وكثافة الغطاء النباتي، ومن ذلك زحف حدود الأراضي المكسوّة بالأشجار نحو العروض العليا أكثر فأكثر بفعل ازدياد درجة الحرارة، وفي سياق هذه العملية قد تختفي الأنواع الحيوانية والنباتية الأقل قدرة على التكيف، وذلك لأن المجتمعات النباتية والحيوانية تستجيب لتغير المناخ على نحو فردي لا جماعي، لذا فإن مجتمع الغابة قد لا يستطيع الانتقال بالكامل إلى المستويات العليا للمنحدر.
المعيار في ذلك هو القدرة على التكيف، فالأنواع القادرة على التكيف ستنجو بينما ستختفي الأنواع التي تعوزها القدرة على ذلك، في إطار تأثير تغير المناخ على التنوع البيولوجي على كوكب الأرض.
على الرغم من كل هذه التغيرات البيئية العاصفة، سوف يظل كوكب الأرض عامرا بالسكان وسوف يستمر التفاعل بين الإنسان والطبيعة، ذلك أن البشر استطاعوا حتى خلال العصور الجليدية المحافظة على وجودهم.