المصارف اللبنانية تقلص حجم وجودها تماشيا مع الأزمة المالية
تواصل المصارف اللبنانية تقليص حجم وجودها من خلال إقفال عدد من فروعها في لبنان والخارج وصرف الموظفين لديها على وقع الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي بأنه الأسوأ منذ العام 1850.
ومع تراجع أنشطة المصارف انعدمت الثقة في القطاع المصرفي اللبناني الذي بات يفرض منذ بداية الأزمة الاقتصادية قيودًا صارمة على السحوبات بالدولار وبالليرة اللبنانية.
ونتيجة الأزمة المالية والنقدية توقفت المصارف على إعطاء القروض كافة للمؤسسات والأفراد وأوقفت معظم خدماتها، وأقفلت أبوابها أمام العملاء الذين أصبحوا يقفون في الطوابير للاستحصال على أموالهم بعد سلسلة الاقتحامات التي قام بها عدد من المودعين.
ويقول الخبير في المخاطر المصرفية محمد فحيلي إن “النشاطات الاقتصادية في أي قطاع مصرفي في أي بلد تعكس النشاطات الاقتصادية في الاقتصاد، لأن المصارف إما تمول المؤسسات أو تستقبل فائض السيولة عند المؤسسات والأفراد، اليوم نحن لسببين المصارف يجب أن تتقلص بعددها وبنشاطاتها، لأن النشاط الاقتصادي في لبنان انكمش وأكبر دليل الناتج القومي الذي كان عام 2018 بحدود ال 60 مليار دولار واليوم دون ال 20 مليار سنويا”.
وأشار إلى أنه “من الطبيعي أن تنكمش الحركة في المصارف نتيجة الانكماش الاقتصادي، إضافة إلى ذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان وفقدان الثقة في القطاع المالي دفع الكثير من الأشخاص والمؤسسات الذين لديهم فائض في السيولة إلى تخبئتهم في الخزنات الحديدية لديهم بدل إيداعها في المصارف، وبما أن التسليفات انعدمت نهائيًا من قبل المصارف والصراف الآلي واستعمال بطاقات الدفع والإئتمان والتحاويل واستعمال الشيكات شبه انعدم أو تقلص بدرجة عالية”، لافتًا إلى أنه “لهذا السبب النشاط في القطاع المصرفي سيتقلص وأي نشاط يتقلص سينعكس انخفاضًا في عدد الفروع وعدد الموظفين كل هذه الأمور وهذا أمر طبيعي نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان”.
وأضاف فحيلي أنه “منذ العام 2020 و2021 بدأت المصارف بمبادرة فردية مسيرة إعادة الهيكلة، ومنذ ذلك الوقت العديد من المصارف أقفلت فروعها وصرفت موظفين من الخدمة وقلصت تواجدها بالسوق سواء لجهة الخدمات التي تقدمها ولجهة عدد الفروع والصراف الآلي، وأيضًا هناك مصارف أقفلت وجودها خارج لبنان مثل بنك “لبنان والمهجر” وبنك “عودة” وبنك “البحر المتوسط”، انسحبوا من مصر والأردن والعراق، مصارف كثيرة بادرت على إعادة الهيكلة لأن المصاريف التشغيلية كان من الضروري أن تتقلص تماشيًا مع قدرتهم على تحصيل الإيرادات، وفي الفترة الأخيرة قدرة المصارف على تحصيل الإيرادات كانت ضئيلة وانكمشت بنسبة عالية”.
أما بالنسبة للدعاوى التي ترفع على المصارف فأوضح فحيلي أنه “كمصرفيين المؤشر الذي نأخذه هو عندما تتحرك هيئة التحقيق الخاصة تجاه المصارف أو المصرفيين الذين تم اتهامهم بتبييض الأموال أو أي شيء من هذا القبيل، بكل الحركات التي ذهبت باتجاه اتهام مصارف أو مصرفيين بتبييض الأموال هيئة التحقيق الخاصة كانت بمنأى عن الموضوع أو مصرف لبنان، وهذا دلالة على أن الإتهامات تبقى بإطار تقاذف التهم والإتهامات السياسية وليس أكثر من ذلك”.
ويواجه القطاع المصرفي حملة واسعة من الدعاوى القضائية، فيما اتهمت الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك بجرائم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع وجرائم الرشوة والتزوير مع استمرار التحقيقات الأوروبية مع سلامة في ملفات مالية.