أمن

عقوبة إصدار الصك من دون رصيد بالقانون العراقي

اختلفت التشريعات بمعالجة جريمة إصدار صك من دون رصيد، وابتداء لم ينص عليها القانون باعتبارها فعلا محرما ولكن بعد مرور فترة من الزمن فأن بعض التشريعات قد نصت على تجريمها ووضع العقوبة المناسبة لها، كما أن المحاكم أيضا قد اختلفت في النظر لهذه الجريمة حيث اعتبرت أن الصك الذي نقصت احد شروطه الشكلية أو تخلف احد شروطه الموضوعية صك ناقص أو باطل وبالتالي فلا عقوبة عليه، ومحاكم أخرى اعتبرته جريمة احتيال، وأخرى اعتبرت الصك أداة ضمان وذلك لعدم إمكان اعتباره ورقة تجارية.

ويقول القاضي خضير كاظم رسن نائب رئيس محكمة استئناف بغداد / الرصافة، بحسب تقرير لصحيفة القضاء، ان “قانون التجارة النافذ رقم 30 لسنة 1984 لم ينص على تعريف محدد للصك, ولكن هناك تعريفات متقاربة أجمع عليها فقهاء القانون من حيث المضمون ومنها؛ انه عبارة عن محرر منظم وفق شروط نص عليها القانون بموجبه يأمر الساحب شخصاً مسحوباً عليه بأن يدفع مبلغا معينا لشخص ثالث أو لحامله – المستفيد، كذلك عُرّف بأنه ورقة شكلية يصدر فيها شخص – الساحب – امرأ إلى بنك بأداء مبلغ معين بمجرد الاطلاع عليها أو إلى شخص مسمى أو لأمره أو إلى حامل الورقة”.

وأشار رسن إلى أن “المشرع العراقي نظم الأحكام الخاصة بجريمة إعطاء صك دون رصيد في المادة 459 من قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969 حيث نصت الفقرة الأولى منها على فرض عقوبة الحبس التي قد تصل إلى خمس سنوات مع الغرامة أو بإحداهما لمن أعطى بسوء نية صكاً (شيكاً) وهو يعلم بأن ليس له مقابل وفاء كافٍ قائم وقابل للتصرف فيه أو استرد بعد إعطائه إياه كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته أو أمر المسحوب عليه بعدم الدفع أو كان قد تعمد تحريره أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه”.

وأضاف رسن إن “المشرع قد فرض في الفقرة الثانية نفس العقوبة السابقة على من ظهر لغيره صكاً أو سلمه صكاً مستحق الدفع لحامله وهو يعلم أن ليس له مقابل يفي بكل مبلغه”.

وبين رسن أن “جريمة إعطاء الصك من دون رصيد تعتبر من الجرائم العمدية التي يتطلب القانون لقيامها توافر ركنين أحدهما هو الركن المادي ويتمثل بفعل الإعطاء أو التسليم، والركن الثاني هو الركن المعنوي ويتمثل بالقصد الجنائي، أي اشتراط علم الساحب بعدم وجود الرصيد والذي أطلقت عليه المادة 459 من قانون العقوبات العراقي (بسوء النية)، وان المشرع عالج هذه الجريمة في باب (جرائم الاحتيال) كونها تحمل في قوامها صورة من صور الخداع، ولكي تكتمل الجريمة فلا بد من تحقق الركن المادي المتمثل بعدة عواما منها: إعطاء الصك أي نقل حيازة الصك من الساحب وبإرادته ونقله إلى حيازة المستفيد بقصد تمكينه من استلام قيمة الصك، عدم وجود الرصيد أو عدم كفايته، استرداد مقابل الوفاء أو بعضه بعد إعطاء الصك ، أمر الساحب للمسحوب عليه بعدم الدفع ، تعمد تحرير الصك أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه”.

وأتم القاضي حديثة قائلاً إن “الصك يؤدي دوراً كبيراً في الحياة الاقتصادية في المجتمع فكان من الطبيعي إن يحيطه المشرع بضمانات كافية دعماً وتعزيزاً للثقة به وذلك نظراً لازدياد حالات استخدام الصكوك في خداع الجمهور من قبل الأفراد سيئي النية، لذلك فرض القانون عقوبة جزائية متناسبة مع حجم هذه الجريمة ، فعقوبة إعطاء الصك دون رصيد أو تظهيره هي الحبس الشديد المطلق الذي يصل إلى الخمس سنوات مع الغرامة المحددة قانوناً، إما جريمة تزوير الصك فهي تدخل في نطاق جرائم تزوير المحررات العادية والتي عالجتها المادة (295/1) من قانون العقوبات باعتبارها من جرائم الجنايات والتي تصل العقوبة فيها إلى السجن لمدة سبع سنوات”.

ويعتقد القاضي إن “ما فرضه المشرع العراقي من عقوبات لهذه الجرائم تعد كافية ومتناسبة وتحقق الردع المطلوب خصوصاً وأننا نلاحظ انحساراً كبيراً في ارتكاب تلك الجرائم منذ عام 2003 ولحد الآن بعد أن انتشرت انتشاراً كبيراً في عقد التسعينات في ظل التضخم المالي إبان فترة الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق آنذاك ، وتكمن العلة في عدم تقبل التشديد في العقوبات المفروضة هي إن مرتكب جريمة الصك دون رصيد وعلى الأغلب هو ليس كباقي مرتكبي الجرائم الجنائية من حيث الخطورة وإنما هي ناشئة معظمها نتيجة التعاملات المالية والتجارية التي هي بعيدة كل البعد عن النزعات الإجرامية الخطيرة”.

زر الذهاب إلى الأعلى