ما مصير سد الموصل؟.. الزلزال المدمر يثير مخاوف العراق على خزينه المائي
أثار الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، قبل ثلاثة أيام، المخاوف من احتمالية تأثر السدود العراقية بالانعكاسات الارتدادية وخاصة سد الموصل، الذي يعالج يومياً بمادة الأسمنت لكونه أُنشئ على أرض كلسية فيها نسبة ذوبان عالية.
لكن مختصين أكدوا عدم تعرض السدود العراقية لأي مشكلة في الأُسس جراء الانعكاسات الارتدادية للزلزال، وفي الوقت نفسه بإمكان تلك السدود استيعاب أي موجة فيضانية كبيرة، سواء كانت متعلقة بأمطار وسيول، أو بإنهيار جزئي أو كلي من السدود التركية أو السورية، أو مرتبطة بسياسة إفراغ جزئي أو كلي لأحد السدود بفعل إجراءات مرتبطة بسلامة أو تنمية السدود.
سلامة السدود
في هذا الصدد، أكد المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، الدكتور خالد شمال، في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “الجانب الفني في الوزارة تواصل مع الجانبين التركي والسوري، بشأن سلامة السدود الموجودة في المنطقة القريبة من الزلزال، وأن تطمينات وردت من الجانبين بعدم تضرر المنشآت الهيدروليكية أو جسر السدود”.
وقال شمال، إن “السدود العراقية آمنة أيضاً، وليس فيها أي مشكلة فنية أو في الأُسس جرّاء الانعكاسات الارتدادية للزلزال التي حصلت”، مشيرا إلى أن “السدود العراقية وخصوصا سد الموصل وأيضاً الموجودة في إقليم كوردستان، تخضع لبرنامج تفتيش سلامة السدود، وتُنفذ لها أعمال صيانة دورية وممنهجة، للحفاظ عليها، وإبقائها تعمل وفق الغرض الذي صُممت من أجله”.
وأضاف أن “هناك زيادة طفيفة بالإطلاقات المائية نتيجة الثلوج والأمطار، ولم ترد إلى الوزارة أي معلومة تتعلق بقيام تركيا أو سوريا بتفريغ جزء من الخزين الاستراتيجي للسدود”، مشيراً إلى أن “عملية إفراغ السدود تحتاج إلى تقييم شامل لوضع السد، والمؤشرات الأولية أعلمت الوزارة بعدم وجود مشكلات في السدود التركية”.
علاقة سببية
من جهته، رأى الخبير الزراعي، الدكتور خطاب الضامن، أن “الموجة الزلزالية العنيفة التي ضربت جنوب تركيا وأجزاء من سوريا قبل أيام، أثبتت حقيقة المخاطر التي ترتبت على بناء تركيا لسدود كبيرة على مصادر مياه دجلة والفرات داخل الأراضي التركية”.
وأوضح الضامن، خلال حديثه أن “وقوع هذه السدود العملاقة ضمن منطقة نشاط زلزالي يضاعف من احتمالية وقوع الزلازل وإنهيارها، بسبب طاقتها الخزنية الهائلة وما تشكله من ضغط على سطح الأرض، الأمر الذي يزيد من احتمالية وقوع الزلازل ضمن علاقة سببية متبادلة، وفقاً للدراسات الجيوفيزيائية في هذا المجال”.
سد الموصل
بدوره، نوه الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، إلى وجود مشكلة بـ”عملية إنشاء سد الموصل”، لكونه أُنشئ على أرض كلسية فيها نسبة ذوبان عالية، مردفاً بالقول: “لذلك تقوم شركة ايطالية بحقنه بمادة الأسمنت يومياً”.
وأضاف الموسوي، في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “سد الموصل، لا يوجد فيه الخزين المائي الكافي في الوقت الحالي، إذ تبلغ سعة خزنه 11 مليار متر مكعب، لكن الخزن المائي الموجود فيه حاليا لا يتعدى 3 مليارات متر مكعب”.
وبين أن “الضجة الحالية عن احتمالية تأثّر السدود مبالغ فيها، إذا أن بناء السدود والترسانات والخزانات والبوابات عملية ضخمة جدا، وفيها ملايين الأطنان من الأسمنت والتسليح وبنسبة عالية من الرصانة، لذلك من الصعب أن تتأثر بمسائل التخريب أو التفجير أو حتى بالهزّات الأرضية”.
وتابع الموسوي: “دائما ما يلاحظ عدم تأثر السدود في دول العالم عند حدوث الكوارث الطبيعية، فلم ينهار أي سد فيها، وإنما يكون الإنهيار عندما يتهالك السد نفسه، أو يخرج عن الخدمة، أو تكون الأرض التي أُنشئ عليها كما في سد الموصل كلسية فيها نسبة ذوبان عالية”.
وبناء على ذلك، جدد الخبير المائي تأكيده “عدم وجود أي خطورة على السدود، وحتى مشروع GAP الكبير الذي أنشاته تركيا والمشاريع التي انشأتها إيران وسد الطبقة في سوريا”، مردفاً بالقول: “رغم الكوارث التي حلّت بالجارتين تركيا وسوريا، لكن من المستبعد جدا أن يكون هناك تأثير على السدود”.
وزاد الموسوي، بالقول إن “العراق يمتلك سعة خزنية تتجاوز 160 مليار متر مكعب، وتكاد تكون خزانات العراق خالية خاصة بعد سنوات الجفاف الثلاث، وبناء الترسانات من قبل تركيا وإيران، والسيطرة على حصص العراق المائية”.
واختتم الخبير المائي، حديثه بالإشارة إلى استعداد العراق الآن لاستقبال أي كمية من المياه، ولفت إلى أن “المنخفضات والبحيرات الطبيعية والمنفذ عن طريق شط العرب، والأهوار – التي تعرضت للجفاف – تسع لأكثر من 20 مليار متر مكعب، ومنخفض الثرثار يسع لـ80 مليار متر مكعب، فضلا عن باقي الخزانات والسدود والبحيرات الطبيعية والمسطحات المائية”.