دولي

الأسلحة الجديدة لأوكرانيا تنذر بخروج النزاع عن السيطرة

“حريّ بي أن أقول دون مواربة إنني لن أكتب عن المناطيد الصينية، وإنما سأكتب عن الموقف الراهن في أوكرانيا الذي يزداد سوءاً وخطورةً”…هكذا استهل جورج فريدمان، خبير استشاري دولي في الشؤون الجيوسياسية والاستراتيجية، مقاله في موقع “جيوبوليتيكال فيوتشرز”.

وقال فريدمان: “حتى فترة قريبة نسبيّاً، نزَعَت القوات الأوكرانية المُسلحة إلى احتواء الهجمات الروسية، ولا أعني كلها، وإنما كثير منها بما يكفي للحيلولة دون استحواذ روسيا على الأراضي أو تحقيق النصر. ولكن، في الشهر الماضي تقريباً، بدأت روسيا تصمد ولا تخسر أراضي استحوذت عليها. وإذا أصبح هذا هو الموقف السائد، فستكون أوكرانيا معرضة لخطر جسيم”.

مكمن ضعف الجيش الأوكراني
وأضاف الكاتب في موقع “جيوبوليتيكال فيوتشرز”: حافظت الولايات المتحدة على تقدم الجيش الأوكراني بتقديمها أسلحةً جديدة، غير أن نقطة الضعف للجيش الأوكراني حاليّاً تكمن في انعدام الصواريخ طويلة المدى التي يمكنها ضرب مؤخرة الجيش الروسي، وضرب التحصينات والإمدادات التي تنتقل إلى مقدمة الجيش. ومن دون هذه العناصر، لن تستطيع روسيا أن تحافظ على مركزها.
والمشكلة، برأي فريدمان، هي أنّ نطاق الذخائر الجديدة كبير جداً لدرجة أنه يمكنها أن تصل إلى الأراضي الروسية. وأوضحت الولايات المتحدة أنه لا نية لديها في ضرب الأراضي الروسية.

وحقيقة الأمر، يقول فريدمان، أن واشنطن أمرت أوكرانيا بعدم استخدام ذخائرها بأقصى مدى لها، وهناك شائعات مفادها أنّ الأمريكيين عدّلوا الصواريخ لضمان عدم وصولها إلى روسيا. لكنّ أوكرانيا تحارب حرباً وجودية، واستعدادها لاستخدام أي شيء أدنى من القوة الكاملة مشكوك فيه.
وإلى الآن، لن تتعرض روسيا لضربات، وكذلك بولندا، حيث تستقر الإمدادات والقوات الأمريكية. لقد منع اتفاق ضمني بالإحجام عن ضرب الجانبين، الحرب من أن تصبح صراعاً مباشراً بين الولايات المتحدة وروسيا. وإذا هاجم أي من الطرفين روسيا أو بولندا، فستضيع رهاناتنا كلها.
وفي ظل تسليم صواريخ جديدة، تتجلى مخاطر إضافية في الأفق، لا سيما أنّ روسيا يمكنها أن تُقرر تصعيد الحرب حتى إلى مستويات أعلى. وفي هذه الحالة، لا يمكننا أن نستبعد شيئاً أبداً، ولا حتى عمليات البيارق المزيفة الروسية.

حرب مديدة ضد الغرب
وهذا ليس تحليلاً نابعاً من جنون الارتياب وحسب، وفق فريدمان، ققد وصفت موسكو الصراع بالحرب المديدة ضد الغرب، وإذا كان هذا هو منظورها حقاً للأمور، فإجبارها على التصعيد في زمان ومكان من اختيارها ربما كان منطقيّاً.
وإذا أقدمت على ذلك، فستُشيطن الجيش الأمريكي، وستُطلق لنفسها العنان في الهجوم على المراكز الأمريكية في بولندا مثلاً. لقد ظلّت الولايات المتحدة تشن حرباً بالوكالة دون أن تتكبد أي خسائر.
واطمأنت واشنطن إلى أنّ قاعدة دوفر الجوية الأمريكية لم تتلقَ جثامين محاربيها، فأمسى لديها مجال للمناورة. أما إذا بدأت الولايات المتحدة تتكبد خسائر في الأرواح، واستطاع الروس أن يثبتوا أن الحرب اندلعت بسبب ضربة أولى للأمريكيين، فقد تكون قدرة الولايات المتحدة على شن حرب محدودة.

استقرار مركز أوكرانيا
بقدر ما يبدو هذا السيناريو مُستبعداً، برأي الكاتب، فالمسألة الجوهرية في الوقت الراهن تختص بضمان استقرار مركز أوكرانيا، وذلك بشن هجمات على الأصول الروسية في مسرح العمليات دون المساس بالأراضي الروسية.
وإذا تسنى إنجاز ذلك، فسيكون من الصعب على روسيا أن تتجاوز الموقف، وسيجنِّب ذلك الولايات المتحدة القتال المباشر بتفادي الاعتبارات السياسية المحلية الأمريكية التي أفقدت الجيش الأمريكي توازنه في عددٍ من الحروب. لكنّ تنفيذ هذه الهجمات لا بد ألّا تشوبه شائبة، وسيتعين على روسيا بنفسها أن تُحجم عن الهجوم بدورها.

منطق الحرب الجامد
إن كل الحروب مُعقَّدَة، والكلام لفريدمان، وكلها لها أبعاد سياسية. ستمدُّ الولايات المتحدة أوكرانيا بالصواريخ بعيدة المدى، وهو الأمر الذي يتسق ومنطق الحرب الجامد. ولكن، في حالة وقوع بعض الإخفاقات في السيطرة على الأسلحة، من الممكن أن تترتب عليها أمور غير متوقعة ليست محل ترحاب في الحروب.

زر الذهاب إلى الأعلى