منوعات

“كاسيو” تدافع عن شهرتها بوجه شاكيرا

ردت شركة كاسيو على اغنية للمطربة الكولومبية تذكر فيها اسم الشركة في محاولة منها للردّ على صديقها السابق نجم الكرة بيكيه، فيما كانت هذه النوعية من الساعات الماركة المفضلة لزعيم تنظيم القاعدة واسهمت بتعافي اليابان بعد الحرب العالمية الثانية.

وحققت أغنية شاكيرا الجديدة أرقاماً قياسية، بعدد مشاهداتٍ تجاوزت 71 مليون مشاهدة، بعد أقلّ من 24 ساعة من طرحها على يوتيوب؛ لتصبح بذلك الأغنية اللاتينية الأكثر مشاهدة في تاريخ المنصة، وقارنت شاكيرا بينها وبين صديقة بيكيه الجديدة كلارا شيا في أكثر من عبارة، لعلّ أبرزها: “استبدلتَ فيراري بسيارة توينجو، واستبدلتَ رولكس بساعة كاسيو”.

شركة كاسيو ردّت على شاكيرا، عبر الحساب الرسمي لها على تويتر، في تغريدةٍ جاء فيها: “وصلنا اليوم عدد غير قليل من الإشعارات حول الإشارة إلى اسم كاسيو في إحدى الأغنيات. كاسيو (الساعات ولوحات المفاتيح والآلات الحاسبة) من وإلى مدى الحياة”.

كما ردّ حسابٌ آخر يحمل اسم كاسيو، ولكنه غير موثق، ناشراً صورة لشاكيرا وهي طفلة وترتدي ساعة كاسيو خضراء، مع تعليقٍ يقول: “تذكري شاكيرا، قبل أن تكوني رولكس حزينة، كنتِ كاسيو رائعة”.

وفي تغريدةٍ ثانية، نشر الحساب صورةً لإحدى ساعات كاسيو الذهبية، مع تعليقٍ جاء فيه: “شاكيرا، يكلف طراز كاسيو هذا 10 أضعاف تكلفة رولكس. نفترض أنك لم تكوني على علم بذلك قبل إصدار الأغنية”.

تُعتبر كاسيو CASIO واحدة من أشهر العلامات التجارية في العالم؛ ولعقودٍ تلت، كانت الشركة اليابانية سبّاقة في إنتاج ساعاتٍ عالية الجودة لتلبية طلب السوق.

وحتى اليوم، لا تزال ساعات كاسيو تمثل رمزاً للوقت الدقيق؛ ولكن، إلى جانب مجموعة ساعاتها، تقدّم كاسيو أيضاً مجموعة كبيرة من المنتجات الإلكترونية المتنوعة، أبرزها الآلات الحاسبة والآلات الموسيقية.

وعلى عكس ما هو شائع، فهي تنتج ساعات غالية الثمن. ورغم ذلك، فهي مشهورة بساعاتها الرخيصة ولكن الدقيقة. وإذا كنتَ تظن أن أثرياء العالم لا يرتدون سوى الساعات السويسرية الفاخرة، فأنت مخطئ.

بيل غيتس مثلاً، وهو صاحب شركة مايكروسوفت ويُعتبر أغنى رجلٍ في العالم، لا يرتدي إلا ساعة كاسيو -من طراز MDV106– لا يتجاوز ثمنها 45 دولاراً أمريكياً.

وفي العام 2020، تحدث موقع Reaperfeed المتخصص بالتحليل الحربي، عن انتشار ساعات كاسيو الرقمية بين من وصفهم بـ”الإرهابيين”، وعن استخدامها كمؤقتٍ للقنابل المستعملة في التفجيرات.

نظرة إلى تاريخ شركة كاسيو

في أبريل/نيسان 1946، ووسط الدمار الهائل الذي لحق باليابان إثر الحرب العالمية الثانية، لا سيما بعد قصف مدينتَي هيروشيما وناغازاكي، تأسّست شركة كاسيو على يد تاداو كاشيو، وهو مهندس متخصص في تكنولوجيا التصنيع.

بدأت الشركة كمصنعٍ صغير للمرحلات/المفاتيح الكهربائية البسيطة. وقد أسّس السيد كاشيو الشركة مع والده شيغيرو، وانضمّ إليهما الأشقاء الثلاثة الصغار. وخلفاً لوالده، ترأس السيد كاشيو الشركة ابتداءً من العام 1960 وحتى تقاعده عام 1988.

وتحت قيادته، طوّرت كاسيو مجموعة واسعة من أشهر الساعات الرقمية، وأجهزة الاستريو، والآلات الحاسبة، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية للاستخدام الخاص والعام.

وفي عددها الصادر في مارس/آذار 1993، ذكرت صحيفة New York Times الأمريكية أن شركة كاسيو حققت أرباحاً هائلة وتحوّلت لتصبح شركة عالمية، قيمتها 2 مليار دولار، ويعمل فيها آلاف الموظفين.

وفقاً لموقع شركة كاسيو الرسمي، فإن أول منتج رئيسي لكاسيو كان أنبوب يوبيوا (Yubiwa)، حامل السجائر؛ وهو عبارة عن خاتمٍ يحمل سيجارة ويوضع في الإصبع، مما يسمح لمن يرتديه بتدخين السيجارة إلى آخرها من دون استخدام اليدين.

حقق هذا المنتج -الذي بدأ تصنيعه في العام نفسه الذي تأسّست فيه الشركة (1946)- ثورة في اليابان، لا سيما أن البلاد كانت خارجة للتوّ من الحرب العالمية، وكان ثمن السجائر باهظاً، فحقق يوبيوا نجاحاً كبيراً.

في ديسمبر/كانون الأول 1954 جاء الاختراع الثاني لشركة كاسيو، وهي آلة حاسبة كهربائية مدمجة (نموذج الملف اللولبي). وفي ذلك الوقت، استخدم كاشيو وإخوته أرباحهم من أنبوب يوبيوا لتطوير آلاتهم الحاسبة.

معظم الآلات الحاسبة في ذلك الوقت كانت تعمل يدوياً، باستخدام كرنك أو محرك؛ لكن وبعد 3 سنوات من اختراع كاسيو الأول، طرحت الشركة أول آلة حاسبة صغيرة الحجم في العالم وتعمل على الكهرباء بالكامل وعلى تقنية التناوب (14-A). وقد بيعت مقابل 485 ألف ين ياباني وقتئذٍ.

في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ركّزت شركة كاسيو على إنتاج الآلات الحاسبة وتطويرها تدريجياً، وقد حققت نجاحات استثنائية في هذا الإطار وساهمت في نهضة اليابان بشكلٍ كبير جداً؛ مثلها مثل عددٍ كبير من الشركات الصناعية التي ساهمت في نهضة الاقتصاد الياباني بعد الحرب.

ساعات كاسيو الشهيرة

اشتهرت الشركة أيضاً بالتنوع الواسع والابتكار في ساعات اليد. وبعدما أطلقت أول ساعة إلكترونية في العالم مزوّدة بتقويمٍ تلقائي عام 1974 (Casiotron)، كانت واحدة من أوائل الشركات المصنعة لساعات الكوارتز، الرقمية والتناظرية على حدّ سواء.

ونظام الكوارتز يعمل عن طريق وضع بطارية بداخل الساعة، وكان حينها بمثابة اكتشاف جيلٍ جديد لم يعتد عليه العالم، بعدما كانت جميع الساعات في العالم ميكانيكية وباهظة الثمن بسبب طريقة صنعها المعقدة؛ على عكس الكوارتز التي أتت بسعرٍ زهيد وبمتناول جميع الناس.

واصلت ساعات كاسيو في تطوير نظام الكوارتز، إلى جانب شركات يابانية أخرى، أشهرها شركة سيكو (Seiko)، حتى اكتسحت سوق الساعات العالمي في سبعينيات القرن الماضي.

في الوقت ذاته كانت شركات الساعات السويسرية تتجاهل إبداع اليابانيين في صنع الجيل الجديد من الساعات، فواصلت تصنيع الساعات الميكانيكية حتى بدأ ما يُسمّى بـ”أزمة كوارتز” التي تسببت بخسارة وإفلاس نحو ثلثي الشركات السويسرية.

قدمت الشركة اليابانية أيضاً واحدة من أولى الساعات التي يمكن أن تعرض الوقت في العديد من المناطق الزمنية المختلفة من العالم، مع ميزات مثل تسجيل درجة الحرارة والضغط الجوي والارتفاع.

وفي السنوات اللاحقة، تم تزويد ساعات كاسيو بأجهزة استقبال أبراج الراديو حول العالم ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لضمان دقة عرض الوقت.

ومع النجاح الذي حققته ساعات الكوارتز، انتقلت الشركة بتقنيتها إلى أبعد مما كانت عليه ساعات كاسيو الرقمية من قبل. وبدأت في تطوير مجموعة G-Shock الشهيرة منذ العام 1983، والتي أصبحت فيما بعد مقدّمة للساعات الرقمية القوية التي لا تزال موجودة حتى اليوم.

لم تعد الساعات حساسة وهشة. فقد قدمت G-Shock للعالم ساعة متينة، وفي الوقت ذاته مصقولة تقنياً ويمكنها البقاء على قيد الحياة أمام كل الظروف تقريباً. ويمكن القول إن ما قدّمته ساعات كاسيو للعالم شبيهٌ بما قدّمته شركة GoPro لاحقاً لصناعة الكاميرات.

بالتزامن، كانت الشركة قد طوّرت ساعات كاسيو F-91W التي طُرحت في الأسواق عام 1989 التي حققت نجاحاً منقطع النظير أيضاً، بسبب سعرها الرخيص وعمر بطاريتها الطويل، والتي سيبلغ الإنتاج السنوي للساعة -منذ العام 2011- ما يقارب 3 ملايين وحدة.

لماذا العام 2011؟

لأن زلزال وتسونامي توهوكو وقع في هذا العام. بلغت قوته 8.9، وقد نجم عنه أكثر من ألف قتيل ومفقود، إضافةً إلى تدمير مطار سنداي، وتسجيل أعلى نسبة من الخسائر في الممتلكات، وتدمير للبنية التحتية في المحطات النفطية والمحطات النووية وتوقفها عن العمل.

بعد هذه النكسة، كانت اليابان تتكل بشكلٍ أساسي على الصناعة. وستجد عدداً من المواقع التي تنادي بدعم اليابان عن طريق شراء ساعاتها، إما كاسيو أو سيكو أو Citizen، تحت شعار: “تريد مساعدة اليابان؟ اشترِ ساعة”.

وبالفعل، فقد ارتفع الإنتاج السنوي لساعة كاسيو وحدها في العام 2011 ليصل إلى 3 ملايين وحدة، لتساهم -مع شركتَي سيكو وCitizen وباقي الصناعات- في تعافي اليابان بعد الزلزال.

لم تتوقف الشركة في تصنيع تصاميم جديدة لساعات كاسيو، لكن بقيت G-Shock الخيار الأفضل والأكثر مبيعاً حتى اليوم، لا سيما لمحبّي المغامرات والموضة في الوقت نفسه.

وكذلك، فقد بقيت ساعات F-91W حاضرة بقوة في السوق العالمية لا سيما بعد أن أصبحت المفضلة لدى مقاتلي “القاعدة”، كما كشفت وثائق أمريكية مسرّبة في العام 2011 نشرتها صحيفة The Guardian البريطانية.

ساعات كاسيو.. المفضّلة لدى مقاتلي “القاعدة”

تحدث موقع Reaperfeed المتخصص بالتحليل الحربي عن انتشار ساعة كاسيو الرقمية بين مقاتلي “القاعدة” والجماعات المسلحة، بما فيها حركة “زاباتيستا” السياسية والعسكرية الاشتراكية، التي تتحكم بأقاليم كثيرة في تشياباس (ولاية في أقصى جنوب المكسيك).

كما تحدث الموقع عن استخدام ساعات كاسيو، كمؤقت للقنابل المستعملة في التفجيرات؛ إذ يمكن ضبط المؤقت الزمني لفترة تستمر لأكثر من 24 ساعة.

وأشار إلى أن تنظيم “القاعدة”، المصنّف كتنظيمٍ إرهابي، وزّع ساعات كاسيو على المجندين في معسكرات التدريب في أفغانستان وباكستان طوال تسعينيات القرن الماضي، وأوائل العقد الأول من القرن 21.

وأضاف الموقع أن ساعة كاسيو من طراز F-91W كانت الاكسسوار الوحيد الذي ارتداه زعيم تنظيم “القاعدة” السابق أسامة بن لادن، وقد ظهر ذلك في صور وفيديوهات عدة انتشرت له.

بدورها لم تستغرق الحكومة الأمريكية وقتاً طويلاً لترصد الانتشار الواسع لاستخدام ساعة كاسيو F-91W. ففي وثيقةٍ صادرة عام 2011 عن موقع “ويكيليكس”، بعنوان “مجموعة من مؤشرات التهديد لمقاتلي العدو”، كان امتلاك ساعة كاسيو F-91W أكثر المؤشرات على وجود مشتبه “إرهابي خطير”.

وفقاً للوثيقة، التي كانت تهدف إلى مساعدة الموظفين في معتقل “غوانتانامو” على تحديد المعتقلين الأكثر شبهة بتنفيذ الهجمات الانتحارية، لم تكن ساعة كاسيو الدليل الوحيد؛ بل أيضاً ملكية هاتف يعمل بالأقمار الصناعية أو جهاز إرسال واستقبال لاسلكي أو كميات كبيرة من النقود.

وكشفت إحصائيات في وثائق أخرى مماثلة نشرها “ويكيليكس” أن حوالي ثلث النزلاء في “غوانتانامو” الذين أُسروا وهم مرتدون الساعة كان لهم “ارتباط وثيق” بالمتفجرات. وقد ظهرت الساعة حوالي 150 مرة في العديد من التقييمات المسرّبة لسجناء “غوانتانامو”.

زر الذهاب إلى الأعلى