مأساة وشيكة في قلب أوروبا
قال الباحث المتخصص فى الشؤون الدولية مصطفى السعيد إن قصف محطة زابوروجيه النووية جرس إنذار للعالم من تحول الحرب الأوكرانية إلى حرب نووية عالمية.
وقال إن زابوروجيه المحطة النووية هى الأكبر في أوروبا، والمكونة من ستة مفاعلات، وتنتج 20% من طاقة أوكرانيا الكهربائية، ونصف إنتاج محطاتها النووية، تتعرض للقصف مجددا وسط هلع سكان أوروبا من كارثة تفوق إنفجار محطة تشرنوبيل بعدة مرات، ويمتد تلوثها الإشعاعي إلى مئات الكيلو مترات شرقا وغربا، لتصيب مناطق في روسيا وروسيا البيضاء وبولندا ومولدافيا ورومانيا، والبحر الأسود، وقد تحمل الرياح الإشعاعات إلى مدى أوسع يطال معظم أوروبا.
وكان الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينيسكي قد اتهم روسيا بأنها من قصفت المحطة النووية، لكن روسيا نفت بشدة، وطلبت تحقيقا دوليا، وإرسال مفتشين من وكالة الطاقة الذرية على وجه السرعة للتحقيق. وتقول إن المحطة تقع في الأراضي التي تسيطر عليها، وستكون أول وأكبر المتضررين، وليس من المنطق أن تكون القوات الروسية تستهدف أن تدمر نفسها بقصف المحطة النووية.
وانتقدت روسيا الأمم المتحدة، واتهمتها بالتقاعس في إرسال مفتشين دوليين للتحقق من الجهة التي تقصف المحطة النووية، ورفضت الأمم المتحدة الإتهام الروسي بالتقاعس، وقالت ليس من صلاحيتها إرسال مفتشين، لكنها تدعم إرسال وكالة الطاقة الذرية لمفتشين.
وقالت الوكالة إن تجهيز مفتشين يحتاج لبعض الوقت، وقالت روسيا إن حلف الناتو حرض القوات الأوكرانية على قصف المحطة النووية حتى يجري تدويل الأزمة الأوكرانية.
وكانت أوكرانيا قد طلبت بالفعل أن تتولى قوة لحفظ السلام تأمين محطة زابوروجيه ، وأن تصبح منزوعة السلاح، وهو ما رفضته روسيا على الفور، ووصفته بالمطلب السخيف.
ودخل الرئيس الفرنسي ماكرون على خط الأزمة، وطالب بانسحاب القوات الروسية من حول المحطة النووية، وأن تتولى وكالة الطاقة الذرية الإشراف عليها، لتصبح محطة زباروجيا رهينة مناورات سياسية وعسكرية، خاصة مع تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا، وتخوف أوكرانيا من تحويل روسيا الطاقة الكهربائية المولدة إلى خطوط تتجه إلى إقليم الدونباس وروسيا، مما يحرم أوكرانيا من أكبر مصادر الطاقة الكهربائية، والتي كانت تخطط لأن تمرر جزء من إنتاجها إلى أوروبا، لتصبح محطة زباروجيا جزءا من حرب الطاقة التي ستزداد خطورة مع إقتراب فصل الخريف، ومن بعده أصعب فصول الشتاء على أوروبا بعد تراجع إمدادات النفط والغاز من روسيا. لكن هل يكون قصف المحطة النووية الأضخم في أوروبا وسيلة للضغط السياسي أو الإقتصادي؟
واردف بالقول الواقع يؤكد ذلك، فالمحطة أصيبت بزخات من الصواريخ، دمرت أجزاء منها، وكان يمكن للضربات الصاروخية أن تعطل أجزاء من المحطة، تكون كفيلة بخروجها عن السيطرة، وتسرب إشعاعات تؤدي إلى إنفجار نووي بكل ما يحمله من مخاطر على الملايين في أوكرانيا والدول المحيطة، ويتسبب في وفيات وإصابات وعمليات نزوح واسعة النطاق، ومزيد من الشلل الإقتصادي والأخطار الصحية والبيئية، فهل يصل الصراع في أوكرانيا إلى هذا المدى الخطير؟ هذه المخاوف لم تعد مشروعة فحسب، بل أصبحت وشيكة الحدوث إذا لم تتحرك الأطراف المشتبكة في أوكرانيا لوقف تلك المخاطر الواسعة على وجه السرعة، لأن كل الأطراف متضررة، بل سيدخل العالم في أزمات أشد قسوة، فهل يستمر التراخي الدولي أمام تلك المأساة الوشيكة في قلب أوروبا؟