منوعات

العلماء يحققون اندماجا نوويا مستداما ذاتيا

أكد علماء أنه في العام الماضي، ولأول مرة في المختبر، توصلوا إلى تفاعل اندماجي يديم نفسه (بدلا من أن يتلاشى) – ما يقربنا من تكرار التفاعل الكيميائي الذي يمد الشمس بالطاقة.

ومع ذلك، فهم غير متأكدين تماما من كيفية إعادة إنشاء التجربة.

ويحدث الاندماج النووي عندما تتحد ذرتان لتكوين ذرة أثقل، ما يطلق دفعة هائلة من الطاقة في هذه العملية، وغالبا ما توجد هذه العملية في الطبيعة، ولكن من الصعب جدا تكرارها في المختبر لأنها تحتاج إلى بيئة عالية الطاقة للحفاظ على استمرار التفاعل.

وتولد الشمس الطاقة باستخدام الاندماج النووي – عن طريق تحطيم ذرات الهيدروجين معا لتكوين الهيليوم، وتستفيد المستعرات الأعظمية – الشموس المتفجرة – أيضا من الاندماج النووي لعروض الألعاب النارية الكونية. وتخلق قوة هذه التفاعلات جزيئات أثقل مثل الحديد.

ومع ذلك، في الأماكن الاصطناعية هنا على الأرض، تميل الحرارة والطاقة إلى الهروب من خلال آليات التبريد مثل إشعاع الأشعة السينية والتوصيل الحراري.

ولجعل الاندماج النووي مصدر طاقة قابلا للتطبيق للبشر، يتعين على العلماء أولا تحقيق شيء يسمى “الاشتعال”، حيث تتغلب آليات التسخين الذاتي على كل فقدان الطاقة، وبمجرد تحقيق الاشتعال، يقوم تفاعل الاندماج بالطاقة بنفسه.

وفي عام 1955، أنشأ الفيزيائي جون لوسون مجموعة المعايير، المعروفة الآن باسم “معايير الاشتعال الشبيهة بلوسون”، للمساعدة في التعرف على وقت حدوث هذا الاشتعال.

وعادة ما يحدث اشتعال التفاعلات النووية داخل بيئات شديدة الكثافة، مثل المستعر الأعظم، أو الأسلحة النووية، وأمضى الباحثون في منشأة الإشعال الوطنية بمختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا أكثر من عقد من الزمان في إتقان أسلوبهم وأكدوا الآن أن التجربة التاريخية التي أجريت في 8 آب 2021 أنتجت في الواقع أول اشتعال ناجح على الإطلاق لتفاعل الاندماج النووي.

وفي تحليل حديث، تم الحكم على تجربة 2021 مقابل تسعة إصدارات مختلفة من معيار لوسون.

وقالت عالمة الفيزياء النووية آني كريتشر في منشأة الإشعال الوطنية: “هذه هي المرة الأولى التي نتجاوز فيها معيار لوسون في المختبر”.

ولتحقيق هذا التأثير، وضع الفريق كبسولة من التريتيوم ووقود الديوتيريوم في وسط حجرة اليورانيوم المنضب المبطنة بالذهب، وأطلقوا 192 ليزرا عالي الطاقة عليها لتكوين حمام من الأشعة السينية المكثفة.

وخلقت البيئة المكثفة الناتجة عن موجات الصدمة الموجهة داخليا تفاعل اندماج مستدام ذاتيا.

وفي ظل هذه الظروف، خضعت ذرات الهيدروجين للاندماج، وأطلقت 1.3 ميغا جول من الطاقة لمائة تريليون جزء من الثانية، أي ما يعادل 10 كوادريليون واط من الطاقة.

وخلال العام الماضي، حاول الباحثون تكرار النتيجة في أربع تجارب مماثلة، لكنهم تمكنوا فقط من إنتاج نصف إنتاجية الطاقة الناتجة في التجربة الأولية المحطمة للأرقام القياسية.

وتوضح كريتشر أن الإشعال حساس للغاية للتغيرات الصغيرة التي بالكاد يمكن إدراكها، مثل الاختلافات في بنية كل كبسولة وكثافة الليزر.

ويقول عالم فيزياء البلازما جيريمي شيتيندين، من إمبريال كوليدج لندن: “إذا بدأت من نقطة بداية أسوأ من الناحية المجهرية، فإن ذلك ينعكس في فرق أكبر بكثير في العائد النهائي للطاقة. وتجربة 8 آب كانت أفضل سيناريو”.

ويريد الفريق الآن تحديد ما هو مطلوب بالضبط لتحقيق الإشعال وكيفية جعل التجربة أكثر مرونة في مواجهة الأخطاء الصغيرة. وبدون هذه المعرفة، لا يمكن توسيع نطاق العملية لإنشاء مفاعلات اندماج يمكنها تشغيل المدن، وهو الهدف النهائي لهذا النوع من البحث.

زر الذهاب إلى الأعلى