واشنطن تتعهد بالانتقال من الأقوال إلى الأفعال لحل الأزمة مع باريس
ونشبت الأزمة بين باريس وواشنطن في 15 سبتمبر (أيلول) إثر إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن ولادة تحالف دفاعي جديد بين أستراليا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، موسعاً نطاق تقنية الغواصات الأمريكية العاملة بالدفع النووي لتشمل أستراليا، إضافة إلى تقنيات الأمن الإلكتروني، والذكاء الاصطناعي والقدرات البحرية تحت الماء.
وكانت من أولى ثمار هذا التحالف الإطاحة بصفقة ضخمة أبرمتها كانبيرا مع باريس لشراء غواصات فرنسية الصنع واستبدالها بأخرى أمريكية تعمل بالدفع النووي.
وجرت الأربعاء مكالمة هاتفية بين بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن في ختامها الرئيسان “التزامات” بإعادة إرساء الثقة بين بلديهما بعد أزمة الغواصات الأسترالية.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس أن بلاده تدرك أن المصالحة مع فرنسا بعد أزمة الغواصات “ستستغرق وقتاً” وتتطلب “عملاً دؤوباً” من جانب واشنطن.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: “ندرك أن هذا سيتطلب وقتاً وعملاً دؤوباً، ولن يُترجَم ببياناتٍ فحسب، بل أيضا بأفعال”.
وتطرق بلينكن إلى “التعاون والتنسيق” اللذين تعهد بايدن وماكرون بتعميقهما خلال محادثتهما الهاتفية الأربعاء، قائلاً إن البلدين الحليفين يمكنهما “فعل المزيد” و”القيام بعمل أفضل”.
وتحدث الوزير مطولاً عن أهمية فرنسا، ولا سيما في منطقة المحيطين الهندي والهادئ التي أعلنت فيها واشنطن منتصف سبتمبر (أيلول) عن تحالف مع أستراليا والمملكة المتحدة كان سبب الأزمة.
وعقد وزير الخارجية الأمريكي لقاء صباح الخميس في نيويورك مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان.
وقال بلينكن متحدثا عن لودريان: “نحن أصدقاء منذ فترة طويلة. لدي تقدير كبير له”.
أبلغ لودريان بلينكن خلال اجتماع ثنائي في مقر الأمم المتّحدة في نيويورك الخميس، بأن الخروج من الأزمة بين بلديهما بسبب قضية الغواصات الأسترالية يتطلب “وقتاً” و”أفعالاً”، حسب ما أعلنت باريس.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان بعد الاجتماع إن لودريان “ذكر بأن خطوة أولى تمت خلال الاتصال الهاتفي بين الرئيسين بايدن وماكرون الأربعاء”، لكنه لفت إلى أن الخروج من الأزمة بين بلدينا “يتطلب وقتاً وأفعالاً”.
وأضاف البيان أنّ لودريان “وافق على البقاء على اتصال وثيق مع أنتوني بلينكن” من أجل “استعادة الثقة” بين الطرفين، دون مزيد من التفاصيل.
وعُقد الاجتماع في مقرّ البعثة الفرنسية في مبنى الأمم المتحدة واستمر زهاء ساعة،خلف أبواب موصدة وأحيط بأقصى قدر من التكتم، بعيداً من الميكروفونات والكاميرات، ورفضت البعثة الفرنسية التعليق على ما دار خلاله بين الرجلين.
وفي الأشهر الماضية لم يُخف لودريان إعجابه بنظيره الأمريكي الذي يتقن الفرنسية ويحب فرنسا، البلد الذي قضى فيه سنين مراهقته.
وأجرى الوزيران “محادثة جيدة” مساء الأربعاء على هامش اجتماع للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في أفغانستان بعد سيطرة طالبان على البلاد.
وقال البيت الأبيض وقصر الإليزيه في بيان مشترك إن “مشاورات مفتوحة بين الحلفاء على القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية عند فرنسا والشركاء الأوروبيين كان من شأنه تفادي هذا الوضع” الذي نجم عن أزمة دبلوماسية هي الأخطر بين واشنطن وباريس منذ الرفض الفرنسي الحرب على العراق في 2003.
وأضاف البيان أن “الرئيس بايدن أعرب عن التزامه الدائم بهذا الصدد”، مشيراً إلى أن الرئيسين “قررا إطلاق تشاور معمق لتأمين الظروف التي تضمن الثقة واقتراح تدابير ملموسة لتحقيق الأهداف المشتركة”.