قصة معركة غوتيسفيلد مع “المنظومة” الأمريكية
يخوض خبير الكمبيوتر، مارتي غوتيسفيلد غمار معركة يمكن وصفها بالكبرى مع السلطات الامريكية، على الرغم من أنه يقبع الآن في السجن لمحاولته حماية فتاة معاقة مما يُوصف بعبث الأطباء.
غوتيسفيلد يواصل من زنزانته المعركة ضد الظلم والعنصرية والفوضى داخل منظومة السجون الأمريكية، وضد استئناف تنفيذ أحكام الإعدام التي يقول إنها تنفذ ضد أفراد من الأقليات أكثر من غيرهم مستندا في ذلك إلى أرقام وشواهد.
حاول هذا الشاب أن يستفيد في وقته منذ أن زج به في السجن، وأبلغ وزارة العدل عن التبذير والاحتيال وسوء المعاملة وما شابه، وكتب عن أوجه من الفساد، وعن الظروف المعيشة التي لا تطاق في السجون، فما كان من السلطات إلا أن تشد الخناق عليه أكثر.
ولم يتأخر العقاب أيضا حين نشر موقع قناة RT الإنجليزية مقالا له عن فساد “المنظومة”، حيث صرّحت زوجته بأن السلطات منعت عقب ذلك محاميه من الوصول إليه.
وكان غوتيسفيلد كتب يقول بهذا الشأن: “جريمتي؟ أنا أقضي عقوبة بالسجن 10 سنوات لأني علمت أن فتاة بريئة، عاجزة عن التعلم، تبلغ من العمر 15 عاما، تدعى جوستينا بيليتيير كانت تتعرض للتعذيب من قبل مستشفى الأطفال التعليمي الرائد في البلاد، وأن السلطات كانت فاسدة للغاية إلى ذرجة أنها لم تتمكن من ذلك. لهذا، من دون أن أتسبب في أقل ضرر، دافعت عن حياتها بطريقة لم يستطعها إلا قلة. ولهذا السبب، تم اعتقالي ومحاكمتي في عام 2018”.
ماذا فعل هذا الشاب الخبير في مجال الكمبيوتر، المهوس بالعدالة وبالدفاع عن الضعفاء؟
حين علم بتفاصيل المعاملة “السيئة” التي تعرضت له جوستينا ووالداها في المستشفى، قرر التصرف. ونفذ هجوما ضد منظومة كمبيوتر مستشفى الأطفال، وضد شبكة مركز متخصص في دعم الشباب والأسرة، حيث انتقلت الفتاة.
وإثر ذلك اشتكى مستشفى الأطفال من أن الهجوم الإلكتروني المُعطل، تسبب في خسارة المؤسسة 300 ألف دولار، علاوة على 300 ألف دولار أخرى قيل إنها حصيلة تبرعات مفقودة، لأن الهجوم حدث خلال حملة تبرعات سنوية.
أما الفتاة جوستينا فكانت أصيبت بآلام حارقة في المعدة ومشاكل في الجهاز الهضمي.
عرضها والداها على عدد من الأطباء إلى أن توصل اختصاصي في علم الوراثة الأيضية في مركز تافتس الطبي، إلى وضع تشخيص يقول إنها مصابة بمرض الميتوكوندريا، وهو اضطراب وراثي يمكن أن يؤدي إلى ضعف العضلات ومشاكل عصبية والخرف.
ساءت حالتها على مدى الأشهر الثمانية عشر التالية واشتدت آلامها. بدأت تتلعثم في حديثها ولم تستطع الوقوف. أخذها والداها في خاتمة المطاف إلى مستشفى بوسطن للأطفال، وهو مؤسسة رائدة تابعة لجامعة هارفارد.
هناك قال الأطباء إن جوستينا لا تعاني بتاتا من مرض الميتوكوندريا، بل هي مصابة بمرض عقلي بأعراض نفسية جسدية.
سحبوا الأدوية التي تتعاطاها، لكن والديها رفضوا الامتثال. وحين مضيا للعودة بجوستينا إلى المنزل، منعهما حراس المستشفى.
ونقل المستشفى جوستينا إلى “حضانة الدولة”، واتهم الوالدان بـ”إساءة معاملة الأطفال لأسباب طبية”، وحينها خرجت القضية إلى العلن.
جرى نقل جوستينا إلى قسم الطب النفسي للأطفال في المستشفى، حيث ساءت حالتها أكثر. لم تعد قادرة على الوقوف أو المشي وتساقط شعرها.
وروي أن أظافرها تساقطت حين جرها عاملون بالمستشفى واتهموها برفض المشي.
سُمح لجوستينا بمكالمة واحدة مع والديها لمدة 20 دقيقة في الأسبوع، لكن هذه المكالمة جرت مراقبتها من قبل الموظفين، ولم يُسمح لهم بمناقشة مخاوفها.
بدأت الفتاة المريضة في إطلاق طائرات ورقية، ترفقها برسائل إلى والديها، وكتبت على إحداها: “أنا أتعرض للتعذيب”.
أما خبير الكمبيوتر و”القرصان” الباحث عن العدالة فلا يزال يقاوم من زنزانته، وهو الآن يقف ضد عقوبة الإعدام ويقول في هذا الشأن: “الحاضر يردد صدى الماضي. قبل استئناف عمليات الإعدام الفيدرالية في يوليو 2020، كان يوجد 35 من بين 62 سجينا فيدراليا محكوم عليهم بالإعدام في تير هوت من الأقليات. يشكل السود، 12٪ من سكان الولايات المتحدة، وما يقرب من 42٪ من المحكوم عليهم فيدراليا.
وفي هذا السياق، ينتقدمارتي غوتيسفيلد سلطات بلاده قائلا إن بايدن حين كان مرشحا للرئاسة استنكر عقوبة الإعدام “الآن وفي المستقبل”، إلا أن إدارته تواصل مع كل يوم، تمويل عقوبة الإعدام الفدرالية بالملايين سنويا.