ثورة العشرين .. أيقونة استلهم العراقيون من وهجها النصر
أكثر من 100 عام مرت على ثورة العشرين، ولا تزال أصوات الأهازيج تعزف على أوتار الوطن ألحان القيم والشجاعة، ولا تزال قيمها تحاكي أحفاد تلك الثورة العظيمة، ثورة لم تشطبها تقلبات التأريخ، بل ظلت حاضرة في ضمير الأمة.
قرن من الزمن واسم شعلان ورفاقه تداعب العقول و(مكواره) الصامد بوجه سرف الدبابات وفوهات المدافع ،ظل عالقاً في ذاكرة الرجال والنساء، وأرض الرميثة لا تزال تتقد لهباً كلما مرّ حزيران، وكأنها تنادي الضمير وتستحضر في قلوب العراقيين تأريخهم الوطني الرافض للغزاة في كل محافظة ومدينة عراقية.
لم تكن تلك الثورة لحظة عابرة عكست غضب الأمة على الاحتلال، بل كانت حتمية القدر العراقي القابع منذ قرون تحت وطأة احتلالات متكررة، لتعكس الترابط الإنساني والروحي بين مرجعيات دينية تغذي الرفض وعشائر أصيلة على طول الوطن تلبي النداء وتستنهض قواها غير مبالية لفرق المقاييس العسكرية، لتسطر ثورة أنهكت الاحتلال وأجبرته على التراجع وإعلان الدولة العراقية المنشودة.
وظلت تلك الثورة محركاً لصوت الأمة عبر عقود من الزمن لتتجلى في الانتفاضة الشعبانية لأحفاد شعلان على النظام البعثي الصدامي المباد، الذي حاول عبثاً طمس تلك الثورة وحرف مسارها التاريخي بعد أن ظلت تشكل صداعاً يهزّ أركان حكمه، وبعد احتلال عصابات داعش الإرهابية للموصل والأنبار وصلاح الدين، ترابطت خيوط التاريخ مرة أخرى بعد أن لبى أبناء الوطن نداء المرجعية واستنهضت ثورة العشرين أحفادها الذين استجابوا لصرخة الوطن.
اليوم وفي الذكرى المئة والثلاثة أعوام على ثورة العراق الكبرى نستذكر تلك الملحمة التي خطت المسار التاريخي لنضال العراقيين ضد الطغاة وتسلط الضوء على رؤية الجيل المعاصر لتلك الثورة.
في هذا الصدد، قال رئيس مجلس الوزراء محمد الشياع السوداني، اليوم الجمعة، إن ثورة العشرين رسمت طريق الحرية والدستور، مشيراً الى أنها كانت تجسيداً حيّاً وتعبيراً واقعياً عن اعتزاز العراقيين بحريتهم.
وقال السوداني في بيان “بمزيد من الفخر، نستذكر اليوم ثورة العشرين، التي تمثل واحدةً من أهم الثورات في العراق بالعصر الحديث”.
وأضاف : “لقد كانت ثورة العشرين تجسيداً حيّاً وتعبيراً واقعيّاً عن اعتزاز العراقيين بحريتهم وسيادتهم، فقد تحركت العشائر العربية الأصيلة، بعد فتوى المرجعية في النجف الأشرف، لترسم طريق العراق نحو نيل حقوقه في الحرية والدستور، وعدم الخضوع للإرادة الخارجية أو الارتهان لها، وهو ما تحقق بفضل صمود أبناء شعبنا العراقي، الذي ألهم حينها الكثير من الشعوب العربية لتسعى نحو التحرر من الهيمنة الأجنبية”.
وتابع رئيس الوزراء: “ونحن اليوم إذ نستعيد الذكرى الـ (103) لثورة العشرين، فإننا نستلهم منها كل المعاني العظيمة التي مثَّلت حكاية شعب دونها التاريخ في أرفع محطاته وأعلاها مكانة”.
بدوره، أكد رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم في بيان إن : في ذكراها الثالثة بعد المئة، مثلت ثورة العشرين الخالدة بصمة واضحة في الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية لشعب العراق الذي كان لتلاحمه واصطفافه خلف مرجعيته الدينية أثر بالغ في صنع منعطف كانت نتائجه بداية التأسيس للدولة العراقية المعاصرة، ودليل بارز على تضامنه ونضجه السياسي واستعداده للذود عن وطنه وقضيته بعد أن قرر العراقيون أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، ملحمة أصبحت نبراسا للحركات والثورات والاحتجاجات التي حصلت فيما بعد، وتغنى بها الشعراء والأدباء، ما يتطلب تخليدها وتعريف الأجيال اللاحقة بها وبمآثرها الباعثة على الفخر والاعتزاز”.