دولي
ترقب وحذر في مخيم جنين بعد مرور 20 عاماً على اجتياح إسرائيلي
فمخيم جنين والمدينة والعديد من القرى تشهد منذ أشهر اشتباكات شبه يوميه سقط فيها العديد من القتلى الفلسطينيين وقُتل جندي إسرائيلي.
وقال سليمان الشامي (32 عاماً) بينما كان يقف في أحد أزقة المخيم “في وحدة اسمها وحدة الرصد في مخيم جنين متابعة كل المخيم من قريب ومن بعيد”.
وأضاف الشامي الذي كان عمره 12 عاماً عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية المخيم عام 2002 مستخدمة الدبابات والطائرات والقصف المدفعي لمواجهة مئات المسلحين بالرشاشات والبنادق “الاستعدادات مستمرة لمواجهة أي اقتحام”.
وتقول إسرائيل إن عدداً من المهاجمين المسؤولين عن مقتل إسرائيليين سواء بإطلاق النار أو استخدام السكاكين والبلطات خلال الأشهر الماضية خرجوا من منطقة جنين.
وشكلت بعض الفصائل مجموعة مسلحة مشتركة تحت اسم (كتيبة جنين) تتولى الاشتباك مع القوات الإسرائيلية التي تشن حملات مداهمة على مخيم جنين والمدينة والقرى المحيطة بها.
وأدى مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة بالرصاص إلى تسليط الأضواء على مخيم جنين وما يشهده من اشتباكات بين الشبان والقوات الإسرائيلية.
وعند مدخل المخيم وضع فلسطينيون لافتة كُتب عليها (عش الدبابير)، في إشارة إلى المجموعات المسلحة فيه، رغم ما يبدو من سير الحياة بهدوء وخلوها من المظاهر المسلحة، لكن الصورة تختلف مع حلول الليل حيث ينتشر المسلحون في أزقة المخيم وأطرافه.
وأطلقت إسرائيل عملية عسكرية اسمتها (كاسر الأمواج) في الضفة الغربية، وقالت إن الهدف منها منع وقوع عمليات فلسطينية مسلحة ضد مواطنيها واعتقال من يخططون لتنفيذ مثل هذه العمليات.
وأدت هذه العملية إلى مقتل عدد من الفلسطينيين واعتقال العشرات منذ بدأت في أبريل(نيسان) الماضي، وقررت إسرائيل منذ إطلاق العملية تعزيز قواتها في الضفة الغربية بوحدات قتالية إضافية.
وتشكل منطقة جنين بمخيمها والمدينة وقراها أحد الأهداف الرئيسية لعملية (كاسر الأمواج)، وقال عطا أبو أرميلة القيادي في حركة فتح في مدينة جنين “رغم المجزرة ورغم قتل المدنيين وهدم المخيم إلا أن الاحتلال أُذل في داخل المخيم”.
وأضاف “اليوم هذا الجيل الجديد أعنف من الجيل السابق، هذا الجيل ما عاش الحياة، عاش شاف القتل، اللي انقتل أبوه أو حد من عيلته، دبابات دمروا البيوت على أصحابها”.
وتخشى إسرائيل أن يتحول مخيم جنين إلى بؤرة للمقاومة المسلحة تنطلق منها عمليات ضدها، وتعمل على منع ذلك، وقال أحد المسلحين في المخيم وهو في الأربعينات من العمر “قوات الاحتلال تحاول العمل هذه الأيام في محيط المخيم بهدف جر المسحلين إلى خارجه بعد أن تُدخل القناصين والقوات الخاصة للمنطقة، لكننا منتبهين إلى ذلك وستكون معركة قاسية ستوقع خسائر منا ومنهم إذا قرروا الدخول إلى المخيم”.
ويرى سكان مخيم جنين أن عمليات الاقتحام اليومية لا تختلف كثيراً عن الاجتياح، وقال محمد كمنجي (38 عاماً) “هذا التخوف مستمر لدى المواطنين والترقب مستمر لدى المواطنين، لكن فعلياً الاقتحام بشكل يومي لجنين ومخيمها وضواحيها هو اجتياح مستمر”.
وأضاف بينما كان يقف في منزل زوج شقيقته الواقع على أطراف المخيم بعدما داهمته القوات الإسرائيلية أول أمس الثلاثاء واعتقلت صهره وصادرت قطعتي سلاح “رغم اختلاف الظروف اليوم عن 2002 إلا أن القتل واحد، ولكن في ذلك الوقت كان ترقب ثم حدث الاجتياح الشامل، اليوم تجري عمليات محددة في منطقة محددة”.
وينحدر سكان مخيم جنين الذي تأسس في عام 1953 من منطقة الكرمل في حيفا الذين رحلوا أو أُجبروا على الرحيل عن منازلهم في عام 1948.
وبعد مرور 20 عاماً على اجتياح المخيم كبر فيه جيل كثير منه يحمل أسماء أقارب قُتلوا خلال الاجتياح، وفي المخيم يمكن رؤية العديد ممن هم في عمر العشرين عاماً أو أقل يحملون الرشاشات ويسيرون بها في أزقته.
وقال شاب عرّف نفسه باسم أبو هاني “من يوم معركة نيسان في مخيم جنين 2002 الشباب اللي انسجنوا وطلعوا بعد 20 سنة لقى ابنه 20 سنة وبيقاوم، واللي ما بيقاوم بالسلاح بيقاوم في الحجر”، واستمر القتال داخل المخيم 10 أيام في عام 2002 وأدى بحسب إحصائيات الأمم المتحدة إلى مقتل ما لا يقل عن 52 فلسطينياً نصفهم تقريباً من المدنيين، كما قتل 23 جندياً إسرائيلياً.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أنه خلال هذا الاجتياح “تم تدمير ما يقارب من 150 بناية فيما أصبح العديد من المباني الأخرى غير صالحة، الأمر الذي خلف وراءه حوالي 435 عائلة بلا مأوى”.
وتم العمل على إعادة بناء المنازل التي دمرت بدعم من عدد من الدول العربية وعادت الحياة إلى المخيم بشكل شبه طبيعي على مدى السنوات الماضية قبل أن تتجدد المواجهات مع القوات الإسرائيلية منذ بداية العام.