دولي

انتخابات نيابية في الأردن في خضم أزمة اقتصادية وصحية

يتوجه الأردنيون إلى صناديق الاقتراع بعد غد الثلاثاء لانتخاب مجلس نواب جدي، في ظل ظروف اقتصادية صعبة جعلت اهتمامهم يتركز على شؤون حياتهم اليومية، في بلد يعاني أيضاً من تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد.

ويبلغ عدد الناخبين 4.5 ملايين من أصل 10 ملايين هو عدد سكان البلاد، وسيختار الناخبون 130 نائباً، وبين مقاعد البرلمان 15 مقعداً خصصت لنساء، ويتنافس عليها 1674 مرشحاً بينهم 360 سيدة، وسينتشر 45 ألف عنصر أمني في 1880 مركز اقتراع في عموم البلاد.

ودعا الملك عبد الله الثاني إلى اتخاذ إجراءات تضمن انتخابات “شفافة” و”تحمي صحة المواطنين”، ويشارك في الانتخابات التي تجري كل 4 سنوات، حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة في البلاد، ومرشحون يمثلون العشائر الأردنية الكبرى، ومستقلون، وعدد من اليساريين، بالإضافة الى عدد كبير من رجال الأعمال الأغنياء.

واختار معظم المرشحين في برامجهم شعارات لها علاقة بحياة المواطن اليومية، من دون أن يعني ذلك أنهم تمكنوا من تحقيق تعبئة واسعة للناخبين.

وتأثر الاقتصاد الأردني بشدة جراء النزاعات في العراق وسوريا، واستضافته مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يشكلون عبئا على كاهل المملكة المحدودة الموارد.

وفاقمت جائحة كوفيد-19 الأوضاع الاقتصادية، ففي القطاع السياحي وحده، خسر الأردن نحو 3 مليارات دولار من العائدات خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بسبب الإغلاقات وباتت آلاف الوظائف مهددة، وسجل الأردن لغاية اليوم أكثر من مائة ألف إصابة بكوفيد-19 وأكثر من ألف وفاة.

وبحسب الخبراء، سيكون عام 2021 عاماً صعباً على الأردنيين، ويناهز دين الأردن العام 45 مليار دولار، ووصلت نسبة البطالة إلى 23% منتصف العام الحالي، ويعتمد الأردن بشكل كبير على المساعدات الخارجية، لا سيما صندوق النقد الدولي.

ويقول مدير مركز “القدس” للدراسات السياسية عريب الرنتاوي “نحن لا نعيش موسماً انتخابياً طبيعياً، بل نحن في ذروة وباء يتفشى والناس يشعرون بالقلق وقد لا يشاركون في عملية الاقتراع، خوفاً من التداعيات الصحية وليس فقط الاقتصادية والاجتماعية”.

وصدرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتأجيل الانتخابات بسبب كورونا، ولكن الحكومة تصر على أن التصويت يجب أن يمضي قدماً.

وبموجب الدستور يجب إجراء الانتخابات وينعقد مجلس النواب الجديد خلال أربعة أشهر من تاريخ حل المجلس السابق والذي كان في 27 سبتمبر(أيلول) الماضي.

وأكد وزير الشؤون السياسة والبرلمانية موسى المعايطة أول أمس الجمعة أن الموعد الحالي للانتخابات هو “ملائم” و “أفضل” من فصل الشتاء، مشيراً إلى أن “الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية يجب أن تستمر”.

ويتوقع المحلل السياسي عادل محمود أن “تشهد الانتخابات إقبالاً ضعيفاً لانشغال عامة الناس بأحوالهم المعيشية الصعبة في ظل حالة الركود الاقتصادي التي تشهدها البلاد والخشية من حصول المزيد من الانهيارات الاقتصادية في حال استمر تفشي الوباء”.

ويقول المرشح الإسلامي صالح العرموطي في شريط فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، إن “الانتخابات تأتي في ظل ظروف صعبة من فقر وجوع وحرمان وبطالة ومديونية وحديث عن وطن بديل ويهودية الدولة وصفقة القرن”.

ويضيف “موطننا الفقير المغلوب على أمره لم يعد يجد لقمة خبز اليوم بسبب هيمنة صندوق النقد الدولي”، كما يقول المرشح والنائب السابق خالد رمضان “أهم قضية الآن هي كيف ننقذ الأردن من تحدياته الحالية، لدينا تحدّ اقتصادي أساسي بسبب الفقر والجوع”.

وبحسب إحصاءات رسمية، تبلغ نسبة الفقر في الأردن 15.7%، وتوقع البنك الدولي أن ترتفع هذه النسبة 11 نقطة بسبب أزمة كورونا، لكن الأزمة الصحية والأزمة المعيشية ليسا السبب الوحيد في تراجع اهتمام الأردنيين بالانتخابات.

ويوضح عادل محمود أن “بين أسباب ضعف الإقبال فقدان الثقة بين الناخبين والمرشحين وغياب البرامج الانتخابية الواضحة”، مشيراً إلى أن “هذه البرامج إن وجدت فهي عبارة عن مجرد شعارات مطروحة فاقدة لأي آلية واقعية للتطبيق”.

ويقول الرنتاوي “القناعة المتجذرة عند غالبية الأردنيين هي أن البرلمان دوره هامشي في النظام السياسي، فهناك توغل من السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية، وبالتالي فإن التصويت لا يحدث فرقاً”.

ويضيف “هم يذهبون إلى صناديق الاقتراع والحكومة رئيساً ووزراء يأتون من مكان آخر، فلماذا يهتمون أساساً طالما هذا الصوت لن يحدث فرقاً؟”.

ويشير إلى أن “معظم الدراسات أظهرت أن الناس يذهبون الى الانتخابات بدافع عشائري للتصويت لمرشح عشيرتهم أو لنواب يقدمون خدمات لمواطنيهم أو لسبب ديني، أما التصويت على أسس سياسية وبرامجية فهو الأضعف في الأردن حتى الآن”.

وبسبب تفشي وباء كوفيد-19 بشكل كبير وحظر إقامة تجمعات لأكثر من 20 شخصاً، اختفت الخيم البيضاء الكبيرة التي كانت تنتشر في عموم البلاد خلال فترات الحملات الانتخابية، والتي كانت تقدم فيها القهوة والمنسف والكنافة للناخبين.

وانتشرت في المقابل اللوحات الإعلانية الترويجية للمرشحين في جميع أنحاء عمان ومدن المملكة، كما قام بعض المرشحين بنشر أشرطة فيديو للترويج لأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقول عادل محمود إن الحملات الانتخابية “غير مألوفة وغير معروفة للأردنيين أملتها الظروف ولكنها أفضل الحلول”، وفي سوق في وسط عمان المزدحم، تتضارب آراء المواطنين حول المشاركة في الانتخابات.

ويؤكد بائع العطور صهيب المصري (23 عاماً) أنه لن يشارك بسبب ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا، ولأنه يرى أن لا فائدة مرجوة من المجلس، “إنه فقط هدر للأموال”.

ومن جهته، يقول بائع العصائر هيثم الحلواني (27 عاماً) أنه سيشارك لأن “المواطن ينتظر من المجلس القادم تحسين أموره المعيشية وتخفيض أسعار البنزين والضرائب وتوفير فرص عمل، فعدد كبير من الناس لم يعودوا يجدون عملاً وليس لديهم مال لشراء الخبز”.

ويقول الرنتاوي “لا أعتقد أننا سنخرج بنتائج مفاجئة، فنحن نسلك الطريق ذاته، ومن المتوقع أن نصل إلى النهاية ذاتها، البرلمان القادم لن يختلف جوهرياً عن البرلمان السابق، ربما تتبدل بعض الأسماء والوجوه، ولكن من المستبعد أن يكون هناك تغيير ذو مغزى سياسي”.

زر الذهاب إلى الأعلى