هل اكتشف العلماء أخيرا “إكسير” البقاء شابا
كُرّست بعض أفضل العقول العلمية في العالم لاستكشاف كل جين وخلية في أجسامنا للعمل على كيفية درء عملية الشيخوخة والحفاظ على صحتنا لفترة أطول.
وبتمويل من المليارديرات مثل رئيس أمازون جيف بيزوس، فإن ما يسمى ب “علم التجديد” أصبح الآن شركة تجارية كبيرة في قلب وادي السيليكون.
وتتراوح الأفكار الجديدة لمكافحة الشيخوخة من العلاجات الدوائية إلى الإجراءات الجنونية مثل الحقن بدم الشباب.
وأظهرت العديد من الدراسات في التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، أن الفئران الأكبر سنا التي حُقنت بدم الفئران الأصغر سنا شهدت زيادة في البروتينات المسؤولة عن إصلاح الأنسجة التالفة، فضلا عن تحسين وظائف المخ والعضلات والكبد. ويموّل المعهد الوطني للصحة التابع للحكومة الأمريكية بحثا مستقلا في العلاج.
ولم يعد السعي وراء الخلود هو التركيز. وفي الآونة الأخيرة، أصبح الأمر أيضا يتعلق بتمديد شيء يسمى متوسط العمر المتوقع الصحي، أو “healthspan”.
وتقول البروفيسورة دام ليندا بارتريدج، عالمة الوراثة في جامعة كوليدج لندن: “هناك واجب أخلاقي لمحاولة إيجاد طرق للحفاظ على صحة الناس لفترة أطول، لمحاولة تقليل هذه الفترة من فقدان الوظيفة في نهاية حياتهم”. وإحدى الطرق التي تُستكشف هي إعطاء الأشخاص الأصحاء الأدوية التي تعالج أمراضا مثل السرطان والسكري قبل سنوات من تطور المرض.
وفي عام 2014، توصل باحثون أمريكيون إلى اكتشاف رائع حول مضاد حيوي يُعطى عادة لمرضى الزرع.
وفي التجارب، كان لدى الكلاب التي أعطيت العقار، المسمى الراباميسين، في منتصف العمر وظائف قلب أعلى من المتوسط بالنسبة لأعمارها. كما كانت أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب المرتبطة بالعمر في وقت لاحق من حياتها، مقارنة بمجموعة من الكلاب التي لم تعط الدواء.
ووجدت دراسات أخرى على الحيوانات أنه يمكن أن يزيد متوسط العمر المتوقع بنسبة تصل إلى 38% وينتج عنه المزيد من الطاقة لاحقا في حياة المخلوق.
وتظهر الدراسات المبكرة على البشر أن لها تأثيرا مجددا على جهاز المناعة. ووجد باحثو جامعة ستانفورد أن كبار السن الذين أعطوا دورة لمدة ستة أسابيع من الراباميسين، كان لديهم استجابة قوية بشكل غير عادي للقاح الإنفلونزا، وأصبوا إصابات أقل، مقارنة بمجموعة لم يتم إعطاؤهم الدواء.
ويوجد حاليا أكثر من 2000 تجربة تبحث في التأثير المضاد للشيخوخة للراباميسين في جميع أنحاء العالم – 1000 منها في الولايات المتحدة.
وهناك عقار آخر قيد البحث وهو الميتفورمين، الذي يستخدم لعلاج مرض السكري منذ الخمسينيات من القرن الماضي لخفض مستويات السكر في الدم. ولكن الدراسات وجدت أن الأشخاص الذين يتناولونها يعيشون لفترة أطول من أولئك الذين يتناولون أدوية مختلفة لمرض السكري، وأطول بشكل هامشي من الأشخاص الذين لا يعانون من مرض السكري.
فكيف تعمل هذه الأدوية؟. يعتقد العلماء أن التأثير على الجسم مشابه لتأثير حمية الصيام – المعروف منذ فترة طويلة بفوائده المضادة للشيخوخة.
وأظهرت الدراسات أن تقييد السعرات الحرارية له تأثير مجدد على الخلايا التالفة.
ويتسبب نقص العناصر الغذائية في تحطيم خلايا الجسم للحصول على الطاقة، وأول ما يتم استخدامه هو تلك التالفة أو المعطلة. وينتج عن هذا التخلص من الخلايا القديمة نصف الميتة، والتي كان من الممكن أن تسبب الأمراض في وقت لاحق من الحياة، بينما تبقى نسبة أكبر من الخلايا السليمة.
وأظهرت الدراسات أن عدد الخلايا الميتة لدى شخص ما يرتبط ارتباطا مباشرا بخطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالعمر مثل الخرف والسرطان والسكري، من بين المشكلات الأخرى المرتبطة بالعمر.
ويتسبب الصيام أيضا في أن يبدأ الجسم في استخدام مخازن الدهون كوقود، ما يحفز إطلاق مادة كيميائية أظهرت في بعض الدراسات أنها تعزز روابط جديدة في الدماغ، ما يعزز الإدراك. والأدوية مثل الراباميسين والميتفورمين تخدع الجسم في التفكير في نقص العناصر الغذائية، ما يؤدي إلى التأثير نفسه.
وتوصلت شركات وادي السليكون التي تستثمر في البحث في هذه الأدوية إلى مصطلح جديد لها: أدوية للشيخوخة. ويتم تعديل بعضها لعكس آثار الشيخوخة على وجه التحديد.
وتعمل شركة Unity Biotechnology، التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها، على تطوير عقاقير يقال إنها تطهر الجسم من الشيخوخة والخلايا المحتضرة.
وكشفت النقاب عن النتائج المبكرة لدراستها البشرية الأولى – التي تبحث في ما إذا كان يمكن لمحلول الشيخوخة المطور حديثا أن يحسن فقدان البصر المرتبط بالعمر – وأبلغ عن تحسن في الرؤية وتقليل الأضرار التي لحقت بالشبكية، وهي الأنسجة الموجودة في الجزء الخلفي من العين التي ترسل الصور إلى المخ. وعلاوة على ذلك، هناك دراسات أكبر جارية بالفعل.
ويعتقد علماء آخرون مدعومون من وادي السيليكون أن سر إعادة عقارب الساعة إلى الوراء يكمن في جيناتنا.
وفي عام 2006، اكتشف العالم الياباني شينيا ياماناكا، التعديلات الصغيرة في حمضنا النووي والتي يمكن أن تحول الخلايا إلى نسخ أصغر منها. واليوم، يدرس عدد من الشركات الناشئة في وادي السيليكون، بما في ذلك شركة Altos Labs التابعة لجيف بيزوس، هذه التكنولوجيا لمعرفة ما إذا كان بإمكانها الوقاية من الأمراض المرتبطة بالعمر.
ووجدت دراسات سابقة أن استخدام هذه التعديلات الجينية يقلل من علامات الشيخوخة لدى الفئران ويطيل العمر الإجمالي ستة أسابيع. ووجدت دراسة أخرى عام 2020 أن هذه التقنية يمكن أن تعيد البصر بشكل كامل للفئران المسنة.
فهل هذه الابتكارات تحمل مفتاح الشباب الأبدي، أو حتى تكون أكثر صحة في سن الشيخوخة؟.