ابتكار دواء يستهدف البكتيريا الخارقة المقاومة للمضادات الحيوية
ابتكر العلماء دواء ثوريا يستهدف البكتيريا الخارقة المقاومة للمضادات الحيوية، أبرزها المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA أو مارسا).
وتعرف بكتيريا “مارسا” بأنها تقاوم عددا من المضادات الحيوية المتاحة على نطاق واسع، ما يجعل علاجها صعبا للغاية.
وعندما تتعمق بكتيريا “مارسا” في الجلد، يمكن أن تسبب التورم والألم والقيح والحمى والقشعريرة وحتى الدوخة والارتباك.
واستخدم العلماء “الطب الحي” لمحاربة الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية التي تصيب مرضى المستشفيات من خلال القسطرة وأنابيب التنفس.
وقام فريق من الباحثين في إسبانيا بتعديل بكتيريا Mycoplasma pneumoniae، التي تسبب التهابا رئويا خفيفا لدى الأشخاص الذين يعانون من انخفاض في جهاز المناعة، لإزالة قدرتها على إحداث ضرر وإعادة توجيهها لمهاجمة الجراثيم الخطيرة الأخرى بدلا من ذلك.
وحتى الآن لم يتم اختبار “الطب الحي” إلا على فئران التجارب ولكن النتائج كانت واعدة، ما يجعل العلماء يخططون لبدء التجارب على المصابين بعدوى الرئة من أنابيب التنفس في عام 2023.
ومن المأمول أن تعمل البكتيريا مع جراثيم خارقة أخرى في المستشفيات مثل بكتيريا “مارسا”. ويقول العلماء إن الجراثيم تتجمع معا لتشكل “أغشية حيوية” لا يمكن للمضادات الحيوية اختراقها. لكن البكتيريا المعدلة تقطع الغشاء الحيوي الرقيق وتدمر الجراثيم باستخدام إنزيمات خاصة.
وأشاد العلماء بهذا الاكتشاف باعتباره تقدما كبيرا في المعركة ضد مشكلة مقاومة المضادات الحيوية المتزايدة. وإذا لم تنجح المضادات الحيوية في المستقبل، فقد يموت المرضى من العدوى بعد العمليات مثل استبدال مفصل الورك والولادة القيصرية.
وأثبتت الأغشية الحيوية أنها مقاومة بشكل خاص لأجهزة المناعة والأدوية، ويمكنها أن تظل كامنة لفترات طويلة قبل أن تهلك.
وأظهرت الدراسات أن البكتيريا المتجمعة في الأغشية الحيوية أكثر مقاومة للمضادات الحيوية من 10 إلى 100 مرة من نظيراتها ذات التدفق الحر.
وتعد “مارسا” النوع الأكثر شيوعا من البكتيريا المرتبطة بالأغشية الحيوية. لكن اختراقها قد يكون قاب قوسين أو أدنى بفضل الباحثين الإسبان.
وأوضحت الدكتورة ماريا لوش، أخصائية التكنولوجيا الحيوية في مركز تنظيم الجينوم (CRG) في برشلونة وقائدة الدراسة: “صممت تقنيتنا لتلبية جميع معايير السلامة والفعالية للتطبيق في الرئة، مع اعتبار أمراض الجهاز التنفسي أحد أهم الأهداف الأولى”.
وأضاف الباحث الرئيسي المشارك في الدراسة، البروفيسور لويس سيرانو، من مركز تنظيم الجينوم في برشلونة: “البكتيريا هي وسيلة مثالية للطب الحي لأنها يمكن أن تحمل أي بروتين علاجي معين لعلاج مصدر المرض”.
ويبدو أن النتائج واعدة للغاية ومرحب بها لأن عدوى الأغشية الحيوية يمكن أن تسبب الإنتان والوفاة، خاصة في وحدات العناية المركزة. ومع ذلك، هناك مسار طويل ومكلف في المستقبل لمعرفة ما إذا كانت الطريقة تعمل بالفعل في المرضى الذين يعانون من عدوى الأغشية الحيوية الرقيق المقاومة.
وقام الباحثون بتصميم البكتيريا لإنتاج إنزيمين يقتلان المكورات العنقودية الذهبية. ويمكن للمرضى أن يأخذوا العلاج الجديد كرذاذ في الأنف أو الحلق.
ويقول الباحثون، الذين أمضوا 15 عاما في العمل على هذه التكنولوجيا، إن حقن العلاج تحت جلد الفئران أزال العدوى من القسطرة في 82% من الحيوانات. واستمرت البكتيريا لمدة أربعة إلى سبعة أيام قبل أن يتخلص منها الجهاز المناعي.