واشنطن: الصين تهدد الاستقرار العالمي
وقال بلينكن أمام يانغ جيشي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي “سنناقش مخاوفنا العميقة بشأن تصرفات الصين في شينجيانغ، حيث تتهم واشنطن بكين بارتكاب إبادة جماعية ضد مسلمي الأويغور، وكذلك في هونغ كونغ وتايوان فضلاً عن الهجمات الإلكترونية ضد الولايات المتحدة والإكراه الاقتصادي ضد حلفائنا”.
وأضاف “كل من هذه التصرفات يهدد النظام القائم على قواعد تضمن الاستقرار العالمي، لذا لا يتعلق الأمر فقط بمسائل داخلية، ونشعر بمسؤولية التطرق إليها”، في رد على الصين التي تؤكد أن هذه الأمور لا تندرج في إطار الدبلوماسية.
وأكد جيك ساليفان، مستشار الرئيس الأمريكي جو بايدن للأمن القومي والمشارك في المباحثات مع الصينيين أيضاً، أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع مع بكين لكنها منفتحة على منافسة شرسة معها، وأضاف “سنكافح دائماً في سبيل مبادئنا وشعبنا وأصدقائنا”.
ومن جهته، قال جيشي إن “الصين تعارض بشدة التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية للصين، أعربنا عن معارضتنا الشديدة لتدخل كهذا، وسنتخذ إجراءات حازمة للرد”، وأضاف “ما يتعين علينا القيام به هو التخلي عن عقلية الحرب الباردة”.
وكان وزيرا خارجية الولايات المتحدة والصين وصلا أمس الخميس إلى ألاسكا لعقد أول اجتماع ثنائي منذ انتخاب جو بايدن رئيساً، سيبحثان خلاله في الخلافات العميقة العصية على الحل في معظم الأحيان بين أكبر قوتين في العالم تخوضان مواجهة لا هوادة فيها.
ويستقبل بلينكن وسوليفان بعد الظهر ومساء أعلى مسؤول في الحزب الشيوعي الصيني للدبلوماسية يانغ جيشي ووزير الخارجية وانغ يي، واختيرت مدينة أنكوريج المطلة على الميط الهادئ مع حرارتها القطبية، كأرض محايدة أكثر من واشنطن وبكين لإجراء هذه الجلسات الثلاث الطويلة التي تمتد حتى صباح اليوم الجمعة.
ولكن التوقعات محدودة لدى الجانبين، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية “ندخل هذه المحادثات ونحن مدركون جيداً ميل الصين إلى عدم الإيفاء بوعودها”، واعدة بالتنديد بتصرفات بكين التي تقوض قواعد النظام الدولي وتتحدى أمن الولايات المتحدة وازدهارها وقيمها وتحالفاتها.
وأكدت الخارجية الصينية أن “كل الموضوعات ستطرح على الطاولة”، لكنها حذرت من أنها مصممة على الدفاع عن مصالحها، وأضافت “لن تساوم الصين على مواضيع تتعلق بسيادتها وأمنها ومصالحها”.
ودعا المتحدث باسم الخارجية الصينية الولايات المتحدة إلى العمل بشكل بناء وصادق خلال الحوار، معترفاً بأن الاجتماع “لن يكون كافياً لحل كل المشاكل”.
وتقول بوني غلاسر من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن “الجانبين سيسعيان الى إيجاد أرضيات مشتركة محتملة وسينظران في ما إذا كان بإمكانهما إدارة خلافاتهما أو حتى تقليلها”.
وأضافت أنه “ليس متوقعاً أكثر من ذلك”، موضحة أن إعادة إطلاق العلاقات ليست على جدول الأعمال في إطار حديثها عن “إعادة ضبط” محتملة للخروج من أخطر أزمة بين الصين الشيوعية والولايات المتحدة منذ الاعتراف المتبادل بينهما في السبعينيات.
ويعود الاجتماع الأخير بين البلدين الخصمين إلى يونيو(حزيران) الماضي، ولم ينجح في تبديد أجواء الحرب الباردة الجديدة التي سادت في نهاية رئاسة دونالد ترامب، ويواصل الرئيس الأمريكي الجديد سياسة الحزم التي كان يعتمدها سلفه.
ولكن فريق بايدن الذي يأخذ على صقور إدارة ترامب عزلتها على الساحة الدولية واعتماد دبلوماسية متشددة وفوضوية في بعض الأحيان، يؤكد أنه يريد أن يكون منهجياً أكثر “للتعاون” في مواجهة التحديات المشتركة وهي الاحترار والوباء وحظر انتشار الأسلحة، خصوصاً من أجل كسب معركة المنافسة الاستراتيجية مع الصين التي تعتبر “أكبر تحد جيوسياسي في القرن الحادي والعشرين”.
ويقول الفريق إنه يعتمد في ذلك على تحالفات الولايات المتحدة التي أهملها الملياردير الجمهوري أو حتى أساء معاملتها، ويأتي لقاء أنكوريج مع عودة بلينكن من زيارة الى اليابان وكوريا الجنوبية، الحليفتين الرئيسيتين لواشنطن حيث حذر الصين من أي محاولة لاعتماد سياسة “الإكراه” و”زعزعة استقرار” المنطقة.
وكان بايدن نظم في وقت سابق قمة افتراضية رباعية مع أستراليا والهند واليابان، مضفياً طابعاً رسمياً على هذا التحالف غير الرسمي الهادف إلى التصدي لطموحات الصين المتنامية.
وفي ألاسكا، يعتزم الأمريكيون بالتالي البحث في كل المواضيع التي تثير توتراً في العلاقات وهي كثيرة، وعددوا منها في الأيام الماضية: قمع مسلمي الأويغور في شينجيانغ الذي وصفوه بأنه “إبادة جماعية”، وإحكام القبضة على هونغ كونغ والتوتر بشأن تايوان أو التيبت، وانتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات التعسفية وعسكرة بحر الصين الجنوبي، والضغوط الاقتصادية والممارسات التجارية غير المبررة، وسرقة الملكية الفكرية وعدم اعتماد الشفافية حول منشأ كوفيد-19.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس “إنها سلسلة طويلة من الخلافات بيننا وبين جمهورية الصين الشعبية”، مضيفاً “هذه ليست لائحتنا فقط”، مؤكداً أن الحلفاء الآسيويين والأوروبيين يشاطرون الولايات المتحدة هذه الأمور.
ومن جهتها، اعتبرت الباحثة في مؤسسة هوفر في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا اليزابيث ايكونومي أن “إدارة بايدن خفضت الخطاب التصعيدي، لكن الحرارة لا تزال مرتفعة”.
وأضافت أن “الرئيس الديموقراطي لا ينوي الاستعداد لحرب باردة، لكنه لا يعتزم أيضاً تقديم تنازل كبير لمجرد تجنب مزيد من التدهور في العلاقات”، وتابعت أن “بكين لن تتراجع على صعيد شينجيانغ أو هونغ كونغ”.
وأوضحت “صراحة، من المستبعد أن تغيّر الصين موقفها في موضوع واحد حتى من بين المواضيع التي تهم الولايات المتحدة، نحن أمام قيم ورؤية للعالم على طرفي نقيض”.