لقاح كورونا.. رحلة التصنيع من الحمض النووي إلى التطعيم
تمر صناعة اللقاح المضاد لفيروس كورونا بمراحل عدة ومعقدة تستغرق وقتا طويلا من التصنيع، ووقتا أطول من الاختبار، وفي أكثر من مكان، للتأكد من سلامة اللقاح قبل أن يصل على شكل جرعات للملايين في العالم.
وقال باسكال سوريوت، الرئيس التنفيذي لشركة أسترازينيكا في مؤتمر صحفي عقد مؤخرًا: “الناس لا يفهمون، تصنيع اللقاحات معقد للغاية. الأمر ليس مثل (صنع) عصير البرتقال”.
وبالنسبة لشركة فايزر-بيونتيك يمكن أن تنتج في عملية التصنيع الواحدة من 1 إلى 3 ملايين جرعة من اللقاح، وتقول الشركة إنها تستغرق 60 يوما تقريبا، وفق ما ذكرت صحيفة “يو إس توداي”.
وكانت عملية التصنيع الواحدة في البداية تستغرق حوالي 110 أيام، لكن الخبرة التي اكتسبها العاملون في مجال صناعة اللقاحات في ظل جائحة كورونا، جعلت العملية أكثر كفاءة من خلال الوصول إلى 60 يوما فقط.
وقال روبرت فان إكسان، خبير صناعة اللقاحات منذ 40 عاما، والذي يقدم الآن الاستشارات خارج أونتاريو في كندا، إن هناك لقاحات يستغرق إنتاجها أكثر من ذلك بكثير، مثل لقاح شلل الأطفال الذي يحتاج إلى 18 شهرا كاملاً.
ويخصص أكثر من نصف وقت إنتاج لقاح كوفيد-19 من شركة فايزر للاختبار وضمان الجودة، للتأكد من أن المنتج في كل مراحله آمن ويماثل تماما اللقاح الذي تم اختباره وثبتت فعاليته.
وقال براشانت ياداف، خبير سلسلة التوريد للرعاية الصحية في مركز التنمية العالمية، وهو مؤسسة فكرية دولية تهدف إلى الحد من الفقر: “تصنيع اللقاحات مسعى طويل، حيث يجب أن تعمل مجموعة لا نهائية تقريبا من الأشياء بشكل مثالي”.
وأضاف أن “هناك تباينا في المواد الخام والكائنات الدقيقة اللازمة لصناعة اللقاح، وكذلك الظروف التي تنمو فيها تلك الكائنات الدقيقة، وغيرها من الأمور. إنه علم بمبادئ راسخة، ولكنه أحيانا يكون أكثر خصوصية”.
ولد لقاح فايزز-بيونتيك الأميركي في تشيسترفيلد بولاية ميسوري، بالقرب من سانت لويس، حيث تبدأ المكونات الخام عملية التحول إلى لقاح.
وتبدأ عملية التصنيع بأجزاء دائرية من الحمض النووي تسمى البلازميدات. تحمل هذه المواد الجينية “بروتين السنبلة” الموجود على سطح فيروس كورونا، إذ يستخدم الفيروس البروتين للالتصاق بالخلايا حتى يتمكن من التسلل إليها والتكاثر.
وقالت كريستين سميث، نائبة رئيس قسم فايزر في شركة للصناعات الصيدلانية، إن الحمض النووي يصنع في أحواض كبيرة تحتوي على مئات الجالونات من محلول كهرماني اللون، الذي يحتوي على بكتيريا مصممة خصيصًا.
وباستخدام عملية تسمى التخليق الحيوي، تنتج هذه البكتيريا تريليونات من بلازميدات الحمض النووي على مدار أسبوعين. وعند اكتماله، يمر المحلول بعملية تنقية تزيل كل شيء، ما عدا الحلقات المجهرية من الحمض النووي.
بعد ذلك، يتم تقويم الحلقات باستخدام الإنزيمات لقطع الدوائر. يتم بعد ذلك تعبئة خطوط الحمض النووي الموجودة في المحلول الواضح الآن في أكياس خاصة عالية التقنية بحجم كيس البقالة، ويتم تجميدها حتى 112 درجة فهرنهايت للتخزين.
وتقوم شركة فايزر بفحص المنتج في الأكياس والتحقق من كل واحدة عل حدة، حتى تتمكن من التحقق من أنها تلبي إرشادات التصنيع الفيدرالية في الولايات المتحدة. وتحتوي هذه الأكياس على اللبنات الأساسية للقاح.
ثم تأتي أيام من الفحص وضمان الجودة، حيث يتم اختبار مادة الحمض النووي للتأكد من استيفائها للمتطلبات الصارمة للقاح. ولا يسمح بوجود أي شيء غريب في الخليط المنقى، ويجب أن تكون جميع خيوط الحمض النووي نسخًا طبق الأصل.
وبمجرد اجتياز قوالب الحمض النووي للاختبارات اللازمة، يتم وضع الأكياس المجمدة للمكونات النشطة في حاويات مصممة خصيصًا ويتم شحنها على بعد 1200 ميل إلى مصنع في أندوفر بولاية ماساتشوستس للدخول في مرحلة جيدة من التصنيع.
في أندوفر، يتم نسخ خطوط الحمض النووي وتحويلها باستخدام تكنولوجيا اللقاح إلى مرسال RNA وهو ما يجعل اللقاحات فريدة.
ويعمل الحمض النووي الريبي في الخلية مثل “رسول” يحمل تعليمات الحمض النووي إلى جزء الخلية، حيث يوجد البروتين. في هذه الحالة، يتم ترميزه برسالة لإخراج بروتين السنبلة المميز.
ويمكن لجهاز المناعة في الجسم “رؤية” هذه البروتينات الغريبة، ويبدأ في تكوين أجسام مضادة لمكافحتها. وبهذه الطريقة عندما يتعرض الشخص للإصابة بكوفيد-19، سيعرف جهاز المناعة لديه بالفعل كيفية محاربته وسيتم حمايته.