محلي

الدولار.. “معركة” تقاومها الدولة والمركزي يتصدى للموازي بالمفاجآت

هي “معركة” أكثر من أزمة تواجهها الدولة للسيطرة على سعر صرف الدولار ومنع إنفلاته بحسب وصف رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

وعلى مدى الأيام الماضية انخفضت قيمة الدينار بشكل مضطرد ليصل صرف الدولار الى 1570 ديناراً بعد قرار الخزانة الامريكية بحظر 14 مصرفاً عراقياً عن التعامل بالدولار ما أحدث فجوة في العرض والطلب على الدولار في السوق المحلية.

وقال السوداني خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي ان :”أزمة الدولار ليست أزمة إنما معركة بين الدولة التي تصر على إكمال إصلاح النظام المالي والمصرفي وفئة متضررة عبارة عن مجموعة من المضاربين والمهربين”.

ومع أنَّ الأزمة الحالية شارفت على الانتهاء، إلا أنَّ مختصين رأواـ تفسيراً لتكرارها- أنها “مركبة” وتحمل أبعاداً سياسية واقتصادية.

وقال مقرر اللجنة المالية في البرلمان السابق، أحمد الصفار، أنَّ “عدم استقرار سعر صرف الدولار يجعلنا نذهب إلى أنَّ سببه سياسي اقتصادي مالي”، منوهاً بأنَّ “الاقتصاد العراقي بيد السياسيين، بمعنى أنَّ السياسة هي التي تقود الاقتصاد” مبينا أنَّ “الطبقة السياسية ومنذ عام 2003 لم تتمكن من وضع سياسة مالية اقتصادية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي إلا أنها تعمّدت زيادة الاعتماد على الريع النفطي”.

واستبعد خبراء اقتصاد عدم قدرة البنك المركزي العراقي السيطرة على سعر صرف الدولار في السوق السوداء او ما يسمى بـ”السوق الموازي” لاسباب كثيرة منها عدم قدرته على تغطية الطلب المحلي، ادخال السماسرة ومنحهم سعر تفضيلي تحت سعر السوق، اجبار من يحول الدولار من خارج العراق باستلامه بالدينار العراقي وبسعر صرف البنك المركزي مما يدفع الاطراف الى استعمال مكاتب خاصة حفاظا على اموالهم من الخسارة بسبب فرق سعر الصرف وارتفاع نسبة العمولة.

وأصدر البنك المركزي قرارات عديدة تخص القطاع المصرفي ووعد نائب محافظ البنك عمار حمد خلف أمس بقرارات أخرى ستصدر الأسبوع المقبل التي قد تساهم بشكل كبير في خفض سعر صرف الدولار”.

“المضاربون وزمام المبادرة”

وتوعد رئيس الوزراء “وبكل عزيمة ملاحقة مضاربي ومهربي العملة الأجنبية” كاشفا عن ان “البنك المركزي يراجع حالياً عمل جميع المصارف وشركات الصيرفة للتحقق من الأموال”.

من جانبه أكد البنك المركزي استمراره بتلبية الطلبات المشروعة على الدولار من المنافذ الرسمية والمرخصة من قبلهِ وبالسعر الرسمي المقرر للمستفيد والبالغ (1320) دينار للدولار.

“لا شرعية للموازي”

ويؤكد المركزي أنه مصدر الوحيد للدولار المتداول في الأسواق المحلية، الذي يطرحه عِبرَ المصارف وشركات الصرافة والتوسط، بالسعر الرسمي (1320) دينارًا للدولار الواحد.

وبناءً على ذلك فإنٌ ما يُطلَق عليه “السوق الموازي” لا حقيقة له، وفقاً لبيان للبنك.

ويُطلَق وصف {السوق الموازي للعملة} عندما تكون للسوق مصادره الخاصة من العملة الأجنبية، وعن طريق صادرات القطاع الخاص والسياحة المحلية، وتحويلات المقيمين في الخارج وغيرها كما هو الحال في الدول الأخرى، وعندها يكون دور البنك المركزي العمل على تحقيق التوازن في سعر الصرف، فيكون بائعًا أو مشتريًا للعملة الأجنبية في السوق.

ويقول البنك المركزي ان :”سوق الصرف التي يُتداوَل الدولار فيها هي سوق مضاربة بعملة مُحدَّدة السعر والأغراض، وهو تداول غير شرعي، ولا يمكن إضفاء الشرعية عليه، أو الإعلان عن أسعار صرف يختلقها مضاربون، وينبغي على السلطات المختصة إيقاف المنصات والمواقع التي تعلن عن أسعار الصرف لعملة محدّدة السعر”.

“الحوالات السوداء وارتفاع سيعود”

ويعزو الخبير الاقتصادي ناصر الكناني “الارتفاع الأخير في سعر صرف الدولار بسبب المصارف والجهات والشخصيات التي كانت تعتمد على الحوالات السوداء لتمويل بعض الواردات، والتي بدأت تسحب الدولار من السوق من أجل تمويل ودفع تلك الاستيرادات، وهذا الارتفاع لن يتوقف، وسيكون تدريجيا، إذا ما بقيت الأزمة من دون حلول حقيقية من قبل الحكومة والبنك المركزي”.

“الفئات الأربع”

وحدد البنك المركزي الفئات التي تشتري الدولار من السوق وتتسبب في توفير فرصة للمضاربين والمنتفعين وتداول سعر صرف غير رسمي، هي:

أولا: المستوردون من التجار الذين لا يتبعون الطرائق الأصولية في عمليات التحويل الخارجي (الحوالات والاعتمادات المستندية) عبر المنصة الإلكترونية.

ثانياً: المستوردون لمواد ممنوعة أو مخدرة كتُجّار المخدرات وغيرها، أو لمواد لا تمرُّ عبر المنافذ الحدودية الرسمية، هروبًا من مقتضيات القانون أو الجمارك، مثل مستوردي السجائر وبعض مستوردي الأجهزة الدقيقة، فيعمدون إلى السوق لشراء الدولار غير المخصّص لهم لتسديد أقيامها.

ثالثا: الفئة التي تحقّق عوائد من متحصلات الجرائم، كالرشاوى والسرقات والخطف والابتزاز وبيع الممنوعات وغيرها، ويعمدون إلى تحويلها للخارج لإخفائها.

رابعاً: المواطنون الذين يدفعون لمشترياتهم من السلع والخدمات في داخل العراق بالدولار، مما يدفعهم إلى شراء الدولار من السوق، وإذ لا يوجد تخصيص من مبيعات البنك المركزي من الدولار لهذا الغرض، فيكون شراؤهم من حصة مخصصة لأغراض أُخرى، ولا سيّما السفر.

“البنك المركزي في مواجهة التغيير”

وتفيد مصادر مطلعة ان رئيس الوزراء السوداني “يعمل بشكل متواصل مع فريقه الحكومي لإيجاد تلك الحلول، بما فيها إجراء تغييرات إدارية على الطاقم التنفيذي داخل البنك المركزي، في حال استمر الدينار بالتراجع أمام الدولار وعجز البنك عن مواجهة هذا الارتفاع، الذي أسهم بشكل كبير في رفع أسعار المواد الغذائية في السوق من جديد”.

“أزمة قد تتفاقم”

ويرى البروفيسور في الشأن الاقتصادي جعفر علوش، أن “أزمة الدولار أزمة فعلية قد تتفاقم، فالدولار أميركي الملكية وبقية الدول حائزة له والمالك يضع ضوابط للتعامل به، والاستهانة بهذه الضوابط غير ممكنة دوما”.

“غير متناولة اليد”

أما الباحث الاقتصادي، علي دعدوش، فيرى أنَّ :”الحلول على المدى القريب قد لا تكون في المتناول، إذ ان أغلب الأسباب التي ادت الى ارتفاع الدولار تعد خارجية، لاسيما بعد معاقبة 14 مصرفاً عراقياً من قبل الفيدرالي الأميركي”.

ويشير الى أنَّ انجع الحلول لمواجهة “هيمنة الدولار” تكمن في تفعيل المصانع والمعامل وتشغيلها لانتاج السلع التي تستورد من الدول الممنوعة من الدولار، وتوجه الحكومة نحو تفعيل مؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص وتشغيل وادارة الصناعات والعمل على زيادة انتاجها، مؤكداً أنَّ تلك الخطوات ستؤدي الى القضاء على الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي كونها سوف تنتج سلعاً مستوردة تتم تغطية مبالغها من الدولار النقدي”

وتبقى الأيام المقبلة هي الفيصل في حسم المنتصر بـ”معركة الدولار” وسط حالىة ترقب وقلق للمواطنين من انعكاسها على أسعار السلع والبضائع والخدمات.

زر الذهاب إلى الأعلى