محلي

“عطش بلاد الرافدين”.. “سيناريو مرعب” مناخياً ومفاتيح الحل أوروبية

حذر تقرير أوروبي، من عدم مقدرة العراق بمفرده على مواجهة “مستقبله القاتم” بسبب التداعيات المناخية القاسية وسط موجة الحر وشح المياه، وفيما بيّن أن فشل القيام بـ”اجراءات حاسمة”، سيؤدي إلى حدوث “كابوس” أمني إقليمي يُطال أوروبا، اكد إمكانية قيام الدول الأوروبية بخطوات مساعدة ووساطات دبلوماسية لتأمين تدفق المياه الى العراقيين.

وقال موقع “آي بي اس” (السياسة والمجتمع الدولي) الأوروبي في تقرير إنه “في حين كان الألمان وسكان وسط أوروبا يتأوهون من احدى موجات الحر الاولى لهذا العام بدرجات حرارة تتراوح بين 30 و34 درجة، كان جنوب العراق يعيش في ظل درجات حرارة تصل الى 50 منذ فترة طويلة، وامطار متأخرة ما ألحق الدمار بالمستنقعات، التي تعكس النظام البيئي في الهلال الخصيب في قلب الشرق الأوسط”.

ولفت التقرير الى أن “المنطقة على امتداد نهري دجلة والفرات تواجه تحديات هائلة، وفي حال تواصل التغيير المناخي مثلما هو حاصل حاليا، فإنه بحلول العام 2050، ستعاني المنطقة من أكثر من 300 عاصفة رملية سنويا”، محذرا من ان “الجفاف وتضرر الزراعة وقلة المياه المخزنة، سيؤثر خلال العقود المقبلة ايضا على الدول المجاورة والمجتمع الأوروبي”.

واستعرض التقرير التأثيرات المائية التي كانت يوماً ما سببا في ازدهار الحضارات منذ قرون، وأشار إلى ان “شح المياه يؤدي الآن الى الهجرة، وأنه بخلاف الجفاف الذي يصيب العراق، فان روافد نهري دجلة والفرات وديالى تجف بشكل متزايد، كما ان إيران وتركيا تقومان ببناء السدود واحواض التخزين الاخرى وتأخذ المزيد من المياه لاحتياجاتها الخاصة”، مبيناً أن “تركيا التي تعتبر مصدر نحو 70% من المياه العذبة في العراق، تفرض مصالحها الخاصة في الشمال العراقي، برغم وجود اتفاق العام 2021 بين انقرة وبغداد بشأن زيادة تدفق المياه”.

ثم تساءل التقرير كيف يمكن للاتحاد الاوروبي ان يساعد؟، قائلاً ان “الهجرة الداخلية تثقل كاهل ميزانيات الدولة العراقية لأن الدولة عليها ان تدعم المواد الغذائية والاسمدة وتؤمن واردات جديدة باستمرار، في حين ان التضخم والارتفاع الهائل في تكلفة المواد الغذائية في الأسواق العالمية، وسلاسل التوريد الهشة، تتسبب بإجهاد الميزانيات وتخلق أعباء مالية جديدة”.

واعتبر التقرير انه “ليس بامكان العراق ان ينجح في التعامل مع هذه التحديات للمستقبل القاتم بمفرده”، مضيفا ان “المدنيين وأطراف الدولة يحتاجون الى المساعدة ليكونوا أكثر قدرة على مقاومة تأثيرات التغيير المناخي”.

واكد التقرير ان “وجود دولة منهارة ليس في مصلحة جيرانها او المجتمع الدولي”، ولهذا، دعا التقرير الى “تبادل المعرفة حول كيفية استخدام المياه بشكل مستدام، وتقديم المعرفة الفنية لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي الجديدة ومنشآت استصلاح المياه”.

اما على الجانب السياسي، فقد قال التقرير انه “يجب القيام بوساطة ومبادرات دبلوماسية لضمان تدفق المزيد من المياه عبر العراق”.

وبالاضافة الى ذلك، يرى التقرير انه “بإمكان الاوروبيين تعزيز وتوسيع قدراتها الخاصة لتقديم الدعم عبر سيناريوهات استشراف وتوقعات المناخ والطقس والاغاثة المحلية من الكوارث”، مذكراً بأن “البنية التحتية للمياه في العراق في حالة رديئة بعد عقود من الاهمال وسوء الادارة من قبل الجهات الفاعلة سياسيا واقتصاديا”.

ويجد التقرير ان “الاصلاح يمكن ان يشكل وسيلة اخرى يمكن ان يساعد بها اللاعبون الأوروبيون، من خلال الاستثمارات المرتبطة بمشاريع محددة لتعزيز الكفاءة ومنع الجهات الحكومية الاخرى من اساءة استخدام الاموال”.

وحذر التقرير من أن “الإخفاق في القيام بهذه الإجراءات للعراق “سيخلق سيناريو مرعب لنظام الامن الاقليمي وما هو ابعد من الاقليمي”.

واوضح التقرير انه “من خلال خسارة سبل العيش بالنسبة الملايين من الناس، فان ذلك سيخلق ارضا خصبة للحركات الاصولية والمتطرفة عمليات تجنيد جديدة لمنظمات مثل داعش والقاعدة. وتابع قائلا ان تزايد الهجرة الداخلية سيتسبب في تفاقم الضغط على المدن العراقية وخلق تحديات جديدة للمجتمع المدنيين مما يؤدي الى زيادة التوترات الداخلية ما سيدفع المزيد من الناس الى الهجرة بما في ذلك من تداعيات كبيرة على اوروبا”.

وخلص التقرير الى القول انه “من المصلحة الواضحة لكافة الجهات الفاعلة الوطنية والدولية الحد من العواقب الوشيكة للتغيير المناخي الان، بحيث يمكن السيطرة على التطورات خلال العقود المقبلة”.

زر الذهاب إلى الأعلى