محلي

منظمة دولية ترسم صورة قاتمة لآثار التغير المناخي في العراق

كشفت منظمة الهجرة الدولية IOM في دراسة جديدة لها شملت 9 محافظات و29 منطقة و262 موقعا فيها ان التغير المناخي والتدهور البيئي ساهما في نزوح ما لا يقل عن 55,290 ألف شخص في وسط وشمالي العراق لفترة ما بين 2016 وتشرين الأول 2022، مشيرة الى ان هذا العدد يشكل نسبة 13% من التعداد الأصلي للسكان في هذه المواقع، وبعبارة أخرى ان واحدا من بين كل عشرة أشخاص في هذه المواقع قد ترك مكانه خلال الستة أعوام الماضية.

وذكرت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان (استطلاع عن آثار التغير المناخي والاستنتاجات الرئيسية)، انه مع الاخذ بنظر الاعتبار الزيادة الهامشية الملحوظة للهجرة الناجمة عن التغير المناخي خلال العام 2022، فان هذا الاتجاه من المتوقع ان يزداد سوءا خصوصا مع غياب ستراتيجيات كافية للتخفيف من آثار هذا التغير والتأقلم معه.

وركزت المنظمة الدولية في بحثها عن جذور أسباب هذه التنقلات بالاعتماد على أربعة ابعاد قياسية لتقييم العوامل التي تدفع العوائل للنزوح في هذه المواقع واشتملت على؛ أولا الأحداث البيئية والوصول الى الماء، ثانيا طبيعة الخدمات والبنى التحتية المتوفرة، ثالثا كسب العيش وإجراءات التخفيف، ورابعا التوترات والنزاعات.

وتضمن البحث الاطلاع على الظروف في مواقع شهدت حالات نزوح جراء التغير المناخي وتم جمع معلومات في 9 محافظات للفترة من آب الى تشرين الأول 2022 عبر لقاءات مع عوائل ووجهاء في مناطق مختلفة بالإضافة الى الاعتماد على معلومات صور الأقمار الصناعية ووكالة ناسا بالإضافة الى فرق خرائط تحليلات الأراضي الزراعية لمنظمة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

وأشار التقرير الى ان التدهور البيئي وتغير المناخ يؤثر على مجاميع مختلفة وبطرق مختلفة وبدرجات مختلفة أيضا. وأوضح ذلك بان العوائل التي من المحتمل ان تواجه اكبر التحديات هي تلك التي تعتمد على الأرض والمياه في الحصول على قوتها ومصدر عيشها، فهي تبذل جهدا للحصول على خدمات أساسية وتعاني من توترات حول الموارد الطبيعية. سوء إدارة الموارد المائية وبنى تحتية عاطلة لموارد المياه وكذلك بناء سدود على منابع الأنهر في بلدان الجوار وتغيير مجرى الأنهر تساهم أيضا في صعوبة توفير مصادر مياه مطلوبة. كل هذه العوامل مجتمعة تصوغ قدرة الأهالي على تحمل التحديات البيئية ومواجهتها في وسط وجنوبي العراق، مثل التصحر والعواصف الرملية والترابية وزيادة نسبة ملوحة المياه وتناقص مناسيب المياه.

الظروف البيئية السيئة تؤدي الى قلة المحاصيل الزراعية وتدني معدل صيد الأسماك وكذلك قلة الامكانية لتغذية المواشي. ونتيجة لذلك فان قسما من العوائل تخلت عن الزراعة وتربية المواشي وصيد الأسماك التي كانت تعتبر مصدر عيشها. فضلا عن ذلك فان تغير المناخ والتدهور البيئي يجعلان من بعض المواقع اقل ملاءمة للعيش فيها وتعيق قدرة العوائل على تلبية اغلب احتياجاتهم الأساسية. على سبيل المثال، شحة المياه تؤثر على صحة الفرد والمجموعة وتفشي الامراض الوبائية. وفي مواجهة هذه التحديات فان قسما من العوائل أرسلت بعض افرادها لمواقع مختلفة بحثا عن فرص عمل، في حين قلل آخرون معدل انفاقهم او قاموا ببيع ممتلكاتهم. واذا ما بقيت الظروف على حالها، فان العوائل قد تنزح لمواقع أخرى.

وتشير الدراسة الى انه ما يقارب من 62 ألف عائلة تعيش في مواقع شهدت نزوحا بسبب التغير المناخي وقلة الموارد المائية، وان حوالي عائلة واحدة من بين كل أربعة عوائل تعيش في مواقع شهدت نزوح 10% من تعداد سكانها الأصليين. اما المناطق التي سجلت اعلى معدلات نزوح بسبب الظروف البيئية فهي قلعة صالح في محافظة ميسان والتي سجلت نزوح 1 الف و728 عائلة وتشكل حوالي نصف تعداد سكانها، وتأتي بعدها منطقة الرفاعي في محافظة ذي قار حيث نزحت منها 1 الف 321 عائلة وتشكل نسبة ثلاث عوائل من بين كل خمسة، وتأتي بالدرجة الثالثة مدينة الناصرية التي شهدت نزوح عائلتين من بين كل خمسة بواقع 1 ألف و257 عائلة.

ويذكر التقرير ان حالات النزوح بسبب المناخ تعد ظاهرة جديدة في محافظات ديالى وبابل وذي قار وواسط. وان اكثر من ثلاثة ارباع حالات النزوح بسبب المناخ في هذه المحافظات حدثت في العام 2022. ويعود السبب الرئيسي في ذلك الى قلة هطول الأمطار فيها خلال العام 2022 وقلة مناسيب مياه الأنهر والروافد فيها. وهناك عوامل أخرى فاقمت الوضع اشتملت على قلة معدلات المياه الجوفية وملوحة المياه والنزاع على تخصيصات المياه والتقييدات المفروضة على استخدام المياه.

وتقول منظمة الهجرة في تقريرها انه اعتبارا من تشرين الأول 2022 نزحت 1 ألف و760 عائلة (مكونة من 10 آلاف و560 فردا) بسبب التغير المناخي والتدهور البيئي الحاصل في عام 2022، ويشكل ذلك زيادة بنسبة 141% عما حصل من نزوح طوال عام 2021. ومن المتوقع زيادة هذه النسبة من سنة الى أخرى.

وتوصي المنظمة بإيجاد حلول لمواجهة هذه التحديات الناجمة عن قلة المياه والتغير المناخي والتي تشتمل على تعاون أكبر في مجال توزيع الحصص المائية بين العراق والبلدان المجاورة وتطوير سياسة أكثر كفاءة لإدارة الموارد المائية ضمن العراق وتحسين البنى التحتية المتعلقة بالمياه والتثقيف والتوعية إزاء استهلاك المياه.

زر الذهاب إلى الأعلى