تجار يتحدثون عن أسوأ موسم عيد في حركة البيع والشراء في أسواق بغداد
رغم حلول عيد الفطر بعد ساعات معدودة، إلا أن أسواقا كبيرة في العاصمة العراقية بغداد ظلت تشهد إقبالا ضعيفا في حركة البيع والشراء، وفق تجار ومواطنين.
ويؤكد مواطنون من ذوي الدخل المحدود وأصحاب محال تجارية، أن السلع متوفرة بأنواعها في الأسواق المحلية، غير أن الوضع الاقتصادي للمواطنين يحول دون الشراء، وذلك بسبب زيادة قيمة الدولار الأميركي مقابل العملة المحلية الدينار، وزيادة أسعار البضائع مقارنة بالأعوام الماضية.
ووفقاً لجولة ميدانية في منطقة المنصور، وهي أرقى الأحياء السكنية وسط بغداد، للاطلاع على واقع الأسواق ورصد حركة بيع وشراء مستلزمات العيد.
وقال حيدر هادي (45 عاما)، أحد تجار الملابس وسط مدينة المنصور ببغداد، إن حركة الشراء في العشر الأواخر من رمضان لهذا العام بدأت تتخذ منحى تنازليا وتعاني ضعفا شديدا وتراجعا كبيرا مقارنة بالأعوام السابقة.
وذكر هادي أن سبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين يرجع إلى تذبذب أسعار الدولار الأميركي والوضع المعيشي الصعب لأغلب العراقيين.
وأضاف “أهم أسبوع بالنسبة إلى هذه التجارة هو الأخير من شهر رمضان، ولا نتوقع أن تزداد الحركة فلم يبق على موعد العيد سوى يومين والأسواق تعاني قلة الزبائن والمتبضعين”.
ووفق هادي، فإن هذا العام يعد الأسوأ لتجار الألبسة بسبب ضعف القدرة الشرائية نتيجة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والانشغال بتأمين لقمة العيش، بجانب عوائق أخرى منها غياب التنظيم الفعال للسوق وعدم حماية الغرف التجارية لمصالح التجار المستوردين للبضائع.
وقال رضا داخل كاظم (33 عاما)، وهو صاحب محل لبيع الأحذية بمدينة المنصور، إن “الاستعدادات لعيد الفطر وحركة البيع في أواخر رمضان طبيعية لكن حركة الشراء ليست كالماضي”، مشيرا إلى أن سبب ذلك هو الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.
وأوضح كاظم “تبقّى يومان على حلول العيد، والحركة العامة ضعيفة في العشر الأواخر من رمضان، وفي الأعوام السابقة كنا نبدأ موسم التحضير للعيد قبل عشرة أيام لكن هذه الأيام الوضع مختلف”.
وحسب رأيه تتأثر أسعار المنتجات والاقتصاد عموما بازدياد قيمة الدولار الأميركي، كما أن الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد لها تأثيرها. وبحسب بائع الأحذية العراقي فإن مستوى قدرة المواطن الشرائية ظلت تقل عن السابق عاما بعد عام.
كما أن الشكاوى من حالة الأسواق قبل العيد انتقلت أيضا إلى المواطنين بعد التجار، حيث يرى الموظف الحكومي علي فيصل (40 عاما) وهو يتبضع في أحد المحال التجارية أن أسعار السوق باهظة ويبدأ صعودها من المواد الغذائية، وصولا إلى ألبسة الأطفال.
سرى (28 عاما) وتعمل موظفة حكومية، وجدناها تتبضع في أحد المراكز التجارية في بغداد، برفقة طفلتها الصغيرة، وقالت إن “الحركة التجارية جيدة واعتيادية رغم ازدياد أسعار السلع والحاجيات”.
ورغم ذلك ذكرت سرى أن حركة الشراء تبدو أضعف من الأعوام الماضية بسبب الغلاء وزيادة الأسعار بعد منع دخول بضائع من دول مجاورة. ويعيش العراقيون أوضاعا اقتصادية صعبة، جراء تداعيات الأزمات المالية التي ألمت بالبلاد نتيجة زيادة سعر الدولار مقابل الدينار المحلي.
ولا تقتصر تبعات الأزمة المالية التي يمر بها العراق على طبقة الموظفين فقط، بل إن انعكاساتها على السوق باتت واضحة، إذ تتأثر غالبية القطاعات الاقتصادية في البلاد بشح الموارد المالية نتيجة الاعتماد شبه الكلي على النفط كمحرك رئيسي للاقتصاد الوطني.
وأدى نقص الموارد المالية للبلاد إلى تعطل الحكومة العراقية في صرف رواتب موظفيها في أكثر من شهر، فضلاً عن تأخر تسديد مستحقات واجبة الدفع لشركات ومقاولين وتجار متعاقدين مع الحكومة، ما انعكس بشكل ملحوظ على السوق العراقية والقدرة الشرائية، إضافة إلى زيادة نسب البطالة والفقر.
وقال المتخصص الصناعي باسم جميل أنطون إن “الأزمات الأخيرة أسهمت في زيادة معدلات البطالة”، مشيرا إلى أن سوء الإدارة الاقتصادية والفساد حوّلا الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد ريعي واتكالي، وباتت الدولة هي الممولة الوحيدة لمعيشة المواطنين.
وكشف عن أن “حوالي 50 ألف مشروع في القطاع الخاص شبه متوقفة في السنوات الماضية نتيجة سوء إدارة الاقتصاد، فضلاً عن التلكؤ الواضح والشلل الذي طال المشاريع الصناعية الحكومية”.