منوعات

عمرهما تجاوز 3800 عام.. لوحان آشوريان سُرقا من العراق يكشفان أصل اللغة العبرية

تناولت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية، يوم السبت، الاكتشاف “المذهل” المتعلق بلوحين مسماريين آشوريين عمرهما 3800 سنة، كانا قد سرقا من العراق خلال حرب العام 1990، وطواهما النسيان طويلاً.

وذكرت الصحيفة الاسرائيلية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، ان علماء التاريخ والاثار واللغة في بلاد ما بين النهرين يمضون معظم اوقاتهم وهو يجرون الابحاث حول لغات مثل: الأكدية والسومرية والعيلامية والآرامية والأوغاريتية وذلك من خلال محاولات فك رموز الالواح المسمارية، مضيفة ان الاسبوع الماضي كان مختلفا.

“أمر مثير”

وحول هذا الاكتشاف، ينقل التقرير عن البروفيسور في معهد علم الاثار في الجامعة العربية وقسم حضارات الشرق الادنى، ناثان واسرمان، قوله “انه امر مثير، وانا متحمس”.

اما زميله في قسم الاثار في جامعة تل ابيب البروفيسور يورام كوهين، فيصف ما جرى بأنه “تغيير يمثل اهمية اساسية للغاية”، مضيفا انه شيء “مذهل”.

واوضح التقرير ان القضية تتعلق بلوحين مسماريين يرجع تاريخهما الى العام 1800 قبل الميلاد، اي قبل 3800 عام، وهي حقبة الملك البابلي حمورابي، المعروف في التاريخ بصاحب “شريعة حمورابي” التي تمثل المخطوطة الاكثر شمولا للقانون في الشرق القديم.

وذكر التقرير انه تم العثور على اللوحين في العراق خلال حرب الخليج وتم نقلهما من العراق الى مكان “آمن” في الخارج، مشيرا الى ان البعض يقول انهما مسروقان.

وأضاف ان اللوحين اهملا بعد ذلك من بين آلاف الوثائق الاخرى والاكتشافات الاثرية.

رونالدو وميسي

وتابع قائلا انه بعد اكثر من 30 سنة من اكتشافهما، فإن باحثين مرموقين أثارا انتباههما مؤخرا، وهما العالم اندرو جورج من جامعة لندن ومانفريد كريبيرنيك من جامعة جينا الالمانية.

ويشير واسرمان الى العالمين بالقول انهما بمثابة “رونالدو وميسي في عالم الاثار”.

وذكر التقرير ان العالمين نشرا في العدد الاخير من مجلة “علم الآشوريات والآثار الشرقية” الفرنسية، صورا للوحين المسماريين مرفقة بتحليل حول المعلومات المتعلقة بهما.

وتوضح مقالة عالمي الاثار ان النص الموجود على اللوحين المسماريين يشبه الدليل اللغوي، وهو مقسم الى جزئين، حيث تضم في البداية كلمات وعبارات في اللغة العمورية – الكنعانية، التي انقرضت ولم يتوفر لدى العلماء حتى الان سوى القليل من المعرفة عنها، وتضم في الجزء الثاني ترجمات هذه الكلمات والعبارات الى اللغة الاكدية، وهي لغة معروفة للعلماء وبالإمكان قراءتها وترجمتها.

اكتشاف مهم

ونقل التقرير عن كوهين قوله انه “في هذا النص القديم، تظهر كلمات بإمكان اي شخص يعرف العبرية ان يتعرف عليها فورا”، مضيفا انه “ليس بالضرورة ان تكون لغويا، لكي تفهم صلتها بالعبرية”.

وتابع قائلا “بشكل اساسي، نحن ننظر الى اجدادنا فيها”، مشيرا الى أن النص يبرهن بشكل حاسم على انه “خلال الالف الثاني قبل الميلاد كانت هناك لغة شديدة القرب من اللغة العبرية”.

اما واسرمان فيقول انه “اكتشاف مهم جدا لاي شخص يتحدث العبرية”.

ولفت التقرير الى ان كوهين قام بنقل النص العموري – الكنعاني من الكتابة المسمارية الى الحروف العبرية، ثم قدم الترجمة العبرية الحديثة لها، حيث ظهرت جمل مثل “اعط الماء على ايدينا، واسكب لنا النبيذ، واحضر لنا الخبز، واعد المائدة، وسأقوم بتقديم تضحية من اجل ربي”.

دليل لغوي

ووصف التقرير ذلك بأنه بمثابة “دليل لغوي” وهو يتضمن ايضا عبارات تتعلق بالاجتماعات بين الناس، ومخاطبة الملك، واعداد الطعام والمواقف من الحياة اليومية، ما يمثل عملية التوثيق الوحيد للغة العمورية – الكنعانية والمثال الاكثر اكتمالا لها حتى الان.

ويقول كوهين انه “لدينا حتى الان، معرفة جزئية جدا باللغة العمورية – الكنعانية.. والان فجأة تم الكشف عن اللغة لنا بشكل موثق مع قواعد اللغة والمفردات والعبارات وحتى الشعر”.

أم العبرية

واشار التقرير الى ان واسرمان كان متحمسا ازاء هذا النص الذي يتضمن ايضا اسماء الالهة وتعبيرات عن الحب، ونقل عنه قوله “انه امر لا يصدق. كانوا يتحدثون نوعا من العبرية. انها ليست عبرية حقا، لكنها قريبة من العبرية”.

وتابع قائلا انها بمثابة “ام العبرية” مشيرا الى ان “غالبية العلماء متفقون على ان العبرية تطورت منها وترتبط بها”.

الا ان اللغز الاكبر بالنسبة الى واسرمان يتعلق بمن هم العموريين، مشيرا الى انهم “كانوا بمثابة شعب صعد الى الظهور فجأة، موضحا انه شعب بلغ مرحلة النضج السياسي في حوالي العام 1800 قبل الميلاد”.

ولفت الى ان العموريين ذكروا في الكتاب المقدس، على انهم احد الشعوب التي سكنت في كنعان في الوقت الذي احتلتها قبائل بني اسرائيل، مشيرا الى ان الاسرائيليين تلقوا الاوامر بأن “يقطعوا” نسلهم.

وبين انه في كتاب “سفر عاموس”، جرى وصف العموريين بأنهم “طوال القامة كالارز واقوياء كالسنديان”.

زر الذهاب إلى الأعلى