محليمنوعات

من ماكنة خياطة إلى تجارة مع الصين.. “أم عمار” تعود بعد حرق محلاتها ومنزلها

في محل بسيط ومنزل مؤجر، بدأت أم عمار حياتها بعد زواجها من معلم يقيم في قضاء الرحالية في محافظة الأنبار.

كانت السيدة تعيش في بغداد، ولم تغفل عن حلهما بعد انتقالها إلى دار زوجها، ولم تعجز أمام التحولات الأمنية والاقتصادية التي مرّت بها المحافظة في السنوات الماضية.

وباتت اليوم وهي تشارف على السبعين من العمر، واحدة من أشهر تجار الأقمشة ولوازم الخياطة والأدوات المنزلية والكهربائية في الأنبار.

“هدموا منزلي وأحرقوا محلاتي”

في سردها لقصة كفاحها التي لم تخلو من الصعوبات والمعاناة، تقول أم عمار (69 عاماً)، “أنا من مواليد بغداد، لعائلة بسيطة وعشت حياتي بشكل عادي جداً، حتى إني لم أكمل دراستي، وسار بي قطار العمر هكذا، حتى تزوجت من معلم مقيم في قضاء الرحالية بمحافظة الأنبار، ومن هناك بدأت حياتي ولم استسلم للواقع الصعب الذي عشته”.

وتضيف “كانت المعشية صعبة رفقة زوجي، كنا نسكن في منزل ايجار، لأقرر بعدها مساعدة زوجي في مصاريف لان راتبه الشهري من العمل بالسلك التربوي لم يكن يوفر لنا منا نحتاجه بشكل كامل خصوصاً ان العائلة بدات تكبر حتى انجبت 9 أولاد و3 بنات هم قرة عيني الآن”.

وتتابع “قررت أن أشتري ماكنة خياطة، وبدأت العمل بخياطة الملابس، وبمرو الوقت أصبح لدي زبائن من المناطق التي حولي، حتى أصبح لدي محل خاص بي، وتوسع عملي بالأقشمة، حتى وصلت لمرحلة التعامل مع مختلف وكالات الأقمشة، وقد ساعدني زوجي كثيراً بهذا، إذ أوكلت اليه مهمة الذهاب إلى بغداد، لشراء الأقمشة والتعامل مع مختلف التجار”.

“خلال اجتياح تنظيم داعش لمناطق المحافظة، خشيت على زوجي وأولادي الأثني عشر، وذهبنا إلى بغداد، بغية الهروب من أي مخاطر قد نواجهها من التنظيم ، خصوصاً وأن لدي تجربة سابقة مع تنظيم القاعدة”.

هدم عناصر التنظيم منزلها ومحلاتها وأحرقوها بالكامل بما فيها من أقمشة وماكينات خياكة، كما أشعلوا النيران في السيارات التي كانت تستخدمها في نقل بضائعها لمختلف مناطق الأنبار.

تجارة مع الصين

وعن عودتها للنهوض مجدداً، تقول أم عمار، “في ظل كل المآسي التي مرت علينا كعائلة، وتركنا لمنازلنا ومحلاتنا في الانبار، ومكوثنا القلق في بغداد، كنت صبورة رغم الانكسار الذي بدا على عائلتي وأولادي، وأنتظر عودة الحياة مجدداً لطبيعتها حتى أعود لتجارة الأقمشة”.

وتكمل “بعد نحو أربع سنوات من التهجير، عدنا إلى محافظة الأنبار، معززين مكرمين، وبشكل لا يقبل التأجيل مضينا بإعادة العمل لطبيعته، وعاودنا بناء محلاتنا وتأهليها ومنزلنا الذي هدم على ما فيه، وبشكل افضل من السابق تطورت تجارة الأقمشة عندي، وأصبح تجار الأنبار يقبلون على الشراء مني من كل مكان، بل اتسع عمل، وصرت اتعامل مع مختلف التجار من جميع المحافظات”.

“أولادي الآن يعتمدون على أنفسهم في معيشتهم ومعيشة عوائلهم بعد أن كبروا وتزوجوا وفتحوا بيوتاً وصار لهم عملهم الخاص، وهنا أدركت أنني وصلت إلى حلمي وحققت طموحي بأن تكون عائلتي مستقرة، وأن أكون واحدة من النساء اللائي لم يستسلمن للمعاناة، وأن يمضين بحلمهن، مهما تكالبت الظروف حولهن”.

تشير أم عمار أيضاً، إلى ان “تجارة الأقمشة توسعت وصار لديها تعاملات مع تجار في المملكة العربية السعودية، وفي الصين وبلدان أخرى أيضاً”.

وتقول “في العراق يصعب على المرأة أن تصنع ذاتها بيدها، ظروف كثيرة تضيق الخناق عليها، وقد تفشل مرة ومرتين وأكثر، لكنها عليها دائماً أن تتذكر أن الحلم يصعب على من يراه صعباً ولا يتحقق”.

في الأثناء، روى أحد سكنة مدينة الرمادي في الأنبار، أن هناك شارعاً قريبا على منزل ومحلات تاجرة الأقمشة، صار يعرف باسم شارع أم عمار، نظراً لشهرتها الواسعة في المحافظة، وتحولها إلى واحدة من ايقونات المحافظة المعروفة بإصرارها وعزيمتها على تحقيق ذاتها، حتى صار أهالي الأنبار يرددون قصتها.

زر الذهاب إلى الأعلى