محلي

’أقرب إلى مقبرة’.. تقرير: شح المياه يهدد حياة الرعاة في أهوار العراق

تواجه الأهوار في جنوب العراق نقصا حادا في المياه، هو الأخطر منذ سنوات، ما تسبب في زيادة الملوحة ونفوق عشرات الجواميس التي تعد مصدرا رئيسيا يعتمد عليه سكان المنطقة في كسب قوتهم.

من بين هؤلاء عباس هاشم، أحد ساكني أهوار الجبايش، الذي فقد نحو ربع قطيعه من الجاموس البالغ تعداده 20 رأسا منذ مايو الماضي، نتيجة الجوع والتسمم بسبب المياه المالحة التي تتسرب إلى الأهوار.

يقول هاشم لوكالة أسوشيتد برس إن المنطقة “كانت مليئة بالحياة، لكنها اليوم صحراء وأقرب لأن تكون مقبرة”.

وتشير الوكالة إلى النقص الحاد في المياه، وهو الأسوأ منذ 40 عاما، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، دفع رعاة الجاموس إلى براثن الفقر وأجبر الكثيرين منهم على ترك منازلهم والهجرة إلى المدن القريبة بحثا عن عمل.

يقول رعاة جاموس آخرون في المنطقة إن حيواناتهم نفقت أيضا أو باتوا ينتجون حليبا غير صالح للبيع، ومن بينهم حمزة نور الذي فقد وشقيقه منذ مايو الماضي نحو 20 رأس جاموس.

على عكس باقي الرعاة يؤكد نور أنه باق في المنطقة لأنه لا يتقن أي عمل آخر.

ويشعر أحمد المطلك، الشاب البالغ من العمر 30 عاما الذي نشأ في الأهوار، يشعر بذات الشعور ويقول إن المنطقة شهدت فترات جفاف قبل سنوات، “لكن لا شيء يضاهي ما يجري هذا العام”.

وحث المطلك السلطات على زيادة تدفقات المياه من الخزانات- والبحيرات الموجودة في باقي أنحاء البلاد، وألقى باللوم على المحافظات في الشمال والدول المجاورة لـ “أخذ المياه منا”.

وتبين الوكالة أن المسؤولين في المحافظات، الذين يفتقرون إلى السلطة في ظل حكومة شديدة المركزية في العراق، لا يمتلكون إجابات.

وتنقل الوكالة عن مدير زراعة محافظة ذي قار صلاح فرهاد القول: “نشعر بالحرج.. يطلب المزارعون منا المزيد من المياه، ولا يمكننا فعل أي شيء.”

ويعتمد العراق على حوض نهري دجلة والفرات لتوفير مياه الشرب والري والصرف الصحي لجميع سكانه البالغ عددهم 40 مليون نسمة.

لم تتمكن بغداد من الاتفاق على كمية ثابتة من التدفقات عبر نهر دجلة مع أنقرة، الملزمة بموجب اتفاق وقع عام 1987 بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية باتجاه سوريا، والتي تقسم المياه بعد ذلك مع العراق.

لكن أنقرة فشلت في الوفاء بالتزاماتها في السنوات الأخيرة بسبب انخفاض مستويات المياه، وترفض أي اتفاقيات تقاسم مستقبلية تجبرها على الالتزام برقم ثابت.

تعطي خطة المياه السنوية في العراق الأولوية لتخصيص مياه شرب كافية للأمة أولا، ثم إمداد قطاع الزراعة وكذلك تصريف ما يكفي من المياه العذبة إلى الأهوار لتقليل الملوحة هناك. هذا العام، تم تخفيض الكميات بمقدار النصف تقريبا.

وارتفعت نسبة الملوحة في الأهوار كذلك نتيجة قيام إيران بتحويل مياه نهر الكرخة، الذي يغذي أيضا أهوار العراق.

ووفقا للوكالة فقد حقق العراق تقدما أقل في جهود تقاسم الموارد المائية مع إيران مقارنة بتركيا.

ونقلت عن مدير عام المركز الوطني لإدارة الموارد المائية حاتم حميد القول: “مع تركيا هناك حوار، لكن مع الكثير من التلكؤ، أما مع إيران فلا يوجد شيء”.

ونتيجة احتياجات العراق الماسة للغاية عمدت العديد من الدول الغربية ومنظمات الإغاثة لتقديم مساعدات تنموية لتحديث البنية التحتية المائية القديمة وتطوير القدرات الزراعية.

قال أحد الدبلوماسيين الأميركيين، الذي تحدث دون الكشف عن هويته بسبب المفاوضات الجارية، إن هيئة المسح الجيولوجي الأميركية دربت المسؤولين العراقيين على قراءة صور الأقمار الصناعية “لتقوية يد العراق في المفاوضات مع تركيا”.

زر الذهاب إلى الأعلى